بدأ المصريون اليوم السبت، الإدلاء بأصواتهم فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التى يخوضها مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى وأحمد شفيق آخر رئيس للوزراء فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك.
وخلال الساعات الأولى بدا أن الهدوء سمة للاقتراع الذى يمثل أول فرصة للمصريين لانتخاب رئيسهم منذ عهد الفراعنة حتى إن كان كثيرون منهم يشعرون بأن الاختيار صارخ بين مرسى كإسلامى محافظ وشفيق كعسكرى سابق خدم فى حكومة مبارك.
لكن شهودا من رويترز قالوا إن ناخبين اصطفوا أمام لجان اقتراع قبل موعد فتح الأبواب فى الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلى (0600 بتوقيت جرينتش) فى القاهرة ومدن أخرى.
ويحق لأكثر من 50 مليون مصرى الإدلاء بأصواتهم لاختيار أول رئيس بعد مبارك الذى أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع العام الماضى، وأجريت الجولة الأولى الشهر الماضى بين 13 مرشحا.
وقال مراسل لرويترز يتنقل بين لجان الانتخاب فى مدينة الفيوم جنوب غربى القاهرة "الهدوء سائد فى مختلف اللجان... أعداد الناخبين قليلة فى العادة فى بداية الاقتراع. رأيت لجان انتخاب لا توجد أمامها طوابير." وأضاف "الإجراءات الأمنية ليست زائدة حتى بالنسبة لمديرية الأمن وقسم الشرطة بالمدينة."
ويشعر مصريون كثيرون صدمهم حكم صدر يوم الخميس من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب بأن العسكريين الذين يديرون قسما واسعا من اقتصاد البلاد والذين نحوا قائدهم الأعلى مبارك تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية العام الماضى لن يتركوا الحكم للمدنيين.
وفى غياب برلمان وكذلك فى غياب دستور يحدد سلطات الرئيس لا يعرف المصريون ولا المستثمرون الأجانب ولا حلفاء مصر الغربيون نوع الدولة التى ستقوم فى مصر بعد انتخاب الرئيس.
ويبدو أن السياسة المحافظة ستكون سمة الدولة المصرية الجديدة سواء فاز مرسى أو شفيق فى وقت فشل فيه الوسطيون العلمانيون واليساريون فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة.
ويقول مصريون كثيرون إنهم سيقاطعون جولة الإعادة أو يبطلون أصواتهم لأنهم لا يريدون انتخاب مرسى الذى كانت جماعته عدوا للنظام العسكرى لمدة 60 عاما أو شفيق الذى كان قائدا للقوات الجوية مثل مبارك.
وأمام لجنة مدرسة دفرية الابتدائية بمحافظة كفر الشيخ فى دلتا النيل اصطف عشرات الرجال ووقفت امرأة أيضا فى انتظار الإدلاء بالأصوات فى اللجنة التى قال شاهدا عيان إنها لم تفتح أبوابها بعد نحو نصف ساعة من الموعد الرسمي.
وقال على السيد (30 عاما) ويعمل تاجرا بينما ينتظر للإدلاء بصوته "لا تزال الأمور هادئة إلى الآن ." وأضاف السيد الذى ينتمى لحزب النور السلفى "نتمنى أن تمر (الانتخابات) بسلام وخير."
وكان جماعة الإخوان المسلمين صاحبة اكبر كتلة فى مجلس الشعب الذى صدر قرار حله قبل يومين من جولة الإعادة. وكان حزب النور القوة الثانية فى المجلس الذى يتكون من 508 مقاعد.
وقضت المحكمة الدستورية العليا أيضا بعدم دستورية قانون العزل السياسى الذى كان سيحرم شفيق من خوض الانتخابات الرئاسية.
وأمام لجنة انتخاب بحى شبرا مصر فى القاهرة قالت فاطمة التى تعمل مهندسة "انتخبت مرسى لكى تكون الدولة مدنية وليست عسكرية حتى لا يعود نظام مبارك مرة أخرى ."
وأضافت "شعرت بخيبة أمل من أحداث الخميس (حل مجلس الشعب) وعندى اقتناع أن الانتخابات سوف تزور لشفيق."
وأمام نفس اللجنة قالت سونيا أسعد (57 سنة) وتعمل صيدلانية وهى مسيحية "انتخبت أحمد شفيق لأننى مع الدولة المدنية." وأضافت "مصر دولة وسطية وكل الناس تعيش مع بعضها فى سلام ولا يصلح أن تكون مثل إيران أو السعودية."
وتجرى جولة الإعادة على يومين. ومن المقرر ان يسلم المجلس العسكرى الذى يدير أمور البلاد حاليا السلطة للرئيس المنتخب بحلول الأول من يوليو تموز.
وقال أحمد غازى (40 عاما) ويعمل صيادا أمام لجنة انتخاب بمدينة إدكو فى محافظة البحيرة "سأنتخب أحمد شفيق من أجل الاستقرار. وقال محمد عبد الرحمن (70 عاما) "سأنتخب مرسى من أجل أن يصلح الله أحوال البلد."
وتحظى شعارات الأمن وفرض النظام والقانون التى رفعها شفيق خلال الحملة الانتخابية بقبول حقيقى لدى ملايين المصريين الذين سئموا حالة الاضطراب السياسى والاجتماعى منذ انهيار أجهزة مبارك القمعية فى انتفاضة العام الماضي.
وهناك مخاوف لدى كثيرين من المصريين -وخاصة الأقلية المسيحية التى تمثل نحو عشرة فى بالمئة من السكان- من صعود الإسلاميين إلى السلطة وهو ما وصفه شفيق نفسه بأنه تهديد خطير.
ويقول شفيق (70 عاما) إن لديه خلفية عسكرية وسياسية تسمح له بقيادة مصر إلى عصر ديمقراطى لكن علاقته بالنظام السابق أحدثت استقطابا بين الناخبين. فهو يرى نفسه امتدادا لتقليد استمر ستين عاما يتمثل فى اختيار الرئيس من بين العسكريين.
ويقدم مرسى (60 عاما) نفسه كمدافع عن الثورة التى تردد الإخوان الذين تعرضوا للقمع على مدى عقود فى الانضمام إليها فى البداية. ويقول مرسى إنه إذا أصبح رئيسا فسوف يضع نهاية للفساد الذى ساد فى الماضى ويبنى نظاما ديمقراطيا. لكنه يجد صعوبة فى إقناع الكثيرين بذلك.
وقال حمدى سيف (22 عاما) وهو طالب مل الانفلات الأمنى كمصريين كثيرين "سأنتخب شفيق. هو رجل عسكرى وطيار سابق وقائد خلال الحرب. يتوافر فيه بالضبط ما نحتاجه فى القائد. هو رجل عسكرى قوى ستكون قبضته قوية على الدولة وسيعيد الأمن."
ويبدو أن حكم المحكمة الدستورية العليا أعطى الإخوان بعض التعاطف. وقال أحمد عطية (35 عاما) وهو فنى فى مجال تكنولوجيا المعلومات فى حى الزمالك الراقى بالقاهرة "كنت سأنتخب شفيق لكن بعد حل البرلمان غيرت رأيى وسأنتخب مرسي. لم يعد هناك خوف من أن يهيمن الإسلاميون على كل شيء."
وبالمقارنة مع انتخابات مجلس الشعب التى أجريت أواخر العام الماضى وأوائل العام الحالى خف الحماس الانتخابى الذى أشعلته الانتفاضة التى أسقطت مبارك بعد فترة انتقالية قادها المجلس الأعلى للقوات المسلحة غلب عليها الانفلات الأمنى والتخبط القانونى والتراجع الاقتصادي.
وفى عهد مبارك كان يفوز بولايات رئاسية عبر استفتاءات لم يكن عليها إقبال كبير. وفى أول انتخابات تنافسية عام 2005 فرضت لوائح تسببت فى إبعاد أى منافس حقيقى له عن السباق.
رويترز: المصريون يواجهون خيارا "صارخا" بين مرشح محافظ وآخر عسكرى
السبت، 16 يونيو 2012 11:46 ص