تسبب قرار حل البرلمان المصرى الذى انتخب بعد الإطاحة بالرئيس حسنى مبارك فى العام الماضى فى انزعاج المستثمرين الذين يخشون أن تنزلق مصر بسرعة ألان صوب أزمة فى ميزان المدفوعات وانهيار عملتها.
وعلى مدى 16 شهرا منذ انهيار حكم مبارك الذى استمر 30 عاما ثبت النمو فى مصر صاحبة أكبر اقتصاد فى شمال أفريقيا على مستوى متدن وتقلصت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبى إلى النصف، مما أضعف قيمة الجنيه المصرى، وأربك الدائنين الخارجيين الذين يستحق على مصر سداد ستة مليارات دولار لهم على مدى 12 شهرا مقبلة وفق بيانات بنك أوف أمريكا ميريل لينش.
وكان أصحاب الاستثمارات المحتملة يتطلعون إلى انتخابات الرئاسة التى تجرى يومى السبت والأحد هذا الأسبوع للخروج من المأزق السياسى وتمهيد الطريق أمام المساعدات والتمويل.
إلا أنهم فوجئوا بقرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان والإبقاء على أحمد شفيق آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك فى سباق الرئاسة.
وقد تسببت التوترات السياسية فى تأخير المساعدات من صندوق النقد الدولى وإبعاد المستثمرين الأجانب وضعف حركة السياحة. وفى الوقت نفسه تضخم العجز فى ميزان المدفوعات المصرى إلى 11 مليار دولار فى الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2011-2012 أى أكثر من مثلى مستوياته فى العام الماضى.
وقال جان ميشيل صليبة خبير اقتصاد الشرق الأوسط لدى بنك أوف أمريكا ميريل لينش "من الصعب توقع أن يتشكل توافق سياسى وفى غيابه من الصعب توقع كيف يمكن الحصول على دعم لسد الاحتياجات المالية الخارجية".
وأضاف "فى الوقت الحالى لا يوجد برلمان ولا دستور ولا رئيس"، وأدت أنباء قرارات المحكمة الدستورية العليا إلى ارتفاع تكاليف التأمين على ديون مصر إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات أى أن المستثمرين يضطرون لدفع مبالغ أكبر للتأمين على استثماراتهم فى ديون مصر مما اضطرتهم إليه الانتفاضة التى أطاحت بمبارك.
وقررت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى يوم الجمعة خفض تصنيفها للديون السيادية على مصر درجة أخرى وأبرزت احتمالات اتخاذ قرارات أخرى مماثلة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرا مقبلة.
وقال ريتشارد فوكس رئيس قسم تحليلات الديون السيادية فى فيتش للشرق الأوسط وأفريقيا: "أيا كانت النتيجة النهائية للأحداث (فى مصر) فإن العملية السياسية وعملية وضع السياسات تعقدت مما يرجئ التطبيق المحتمل لإصلاحات الاقتصاد الكلى الشاملة والإصلاحات الهيكلية الضرورية لدفع الانتعاش وتخفيف الضغوط التمويلية".
لكن أغلب الأجانب خرجوا بالفعل من السوق المصرية. ويقدر صليبة أن ما يملكه غير المقيمين من أذون الخزانة المحلية انخفض إلى 300 مليون دولار من أكثر من عشرة مليارات فى ديسمبر عام 2010، كما أنه يقدر انكشاف الأجانب بصفة عامة فى سوق الأسهم بمبلغ ثلاثة مليارات دولار.
ومن الغريب أن الأسهم المصرية كان أداؤها متألقا هذا العام إلا أن من المعتقد أن جانبا كبيرا من المكاسب التى تحققت وبلغت 20 فى المئة يرجع إلى المستثمرين المحليين.
ويقول أوليفر بيل مدير المحافظ لدى تى راو برايس إنه لم يمتلك أى أسهم مصرية منذ بداية عام 2011.
ويقول "كان الناس يأملون أن تسفر الانتخابات الرئاسية بغض النظر عمن يفوز فيها عن زعيم يستطيع صندوق النقد الدولى أن يتحدث معه. والآن فإن كل ما حدث يؤخر بدء عودة الاستثمار الأجنبى الحقيقى للبلاد".
ولا يرى بيل وغيره من المستثمرين حافزا يذكر للاستثمار فى مصر. وإذا ما نحينا السياسة فإن المستثمرين يشعرون بالانزعاج لتباطؤ الاقتصاد على النقيض من النمو السنوى الذى بلغ فى المتوسط ستة فى المئة فى سنوات ما قبل أزمة انهيار بنك ليمان براذرز. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى هذا العام بنسبة اثنين فى المئة فحسب.
وتراجع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى العشر عما كان عليه قبل عام حسبما أظهرت بيانات حديثة.
وبالنسبة للمستثمرين فى الأسهم والسندات فإن قدرا كبيرا من الخوف يرتبط بالعملة. فأسواق المعاملات الآجلة تتوقع تخفيضا بنسبة 30 فى المئة فى قيمة الجنيه المصرى خلال السنة المقبلة مع بلوغ الاحتياطيات أدنى مستوى ممكن لها.
وباستبعاد الذهب تزيد الاحتياطيات الآن قليلا على 12 مليار دولار أى ما يغطى الواردات لفترة ثلاثة أشهر فحسب. ورغم أن دولا خليجية عرضت بعض المساعدات بما فيها قيام المملكة العربية السعودية بإيداع مليار دولار لدى البنك المركزى فإن المستثمرين يقولون إن أثر هذا الدعم قد يكون مؤقتا.
وأضاف بيل "سيحدث شكل من أشكال خفض قيمة العملة فالدفاع عن العملة يزداد صعوبة. وإذا انخفضت سوق الأسهم وتراجعت قيمة العملة فسيكون الأثر شديدا".
رويترز: أزمة حل البرلمان تهدد عملة مصر ووضعها المالى
السبت، 16 يونيو 2012 11:23 ص