تظل القيم والمثل العليا مجرد حقائق مجردة، لا تأثير لها ولا فائدة، حتى تتحول إلى نموذج عملى فى حياة الشعوب، فتؤثر فى ثقافتهم وتصرفاتهم، وسلوكياتهم. وتبقى جميع المناهج التربوية مجرد حبر على ورق، وكلمات لا تشغل حيِّزا سوى المساحة التى احتلتها مما كتبت فيه: حتى يطبقها الناس فى حياتهم، ويتخلقون بها. وتتحول إلى نموذج عملى يكون على أرض الواقع.
والحكمة تقول: "ستظل كلماتنا عرائس ماريونيت لا روح فيها ولا حياة، حتى إذا متنا فى سبيلها دبت فيها الروح، وكتبت لها الحياة "وهل نموت من أجل كلمات لم نعش لها؟ ولم نتخلق بها ؟ ولم تتحول إلى واقع فى حياتنا ؟ !
ومن هنا تنبع أهمية القدوة... لأن القدوة الحسنة هى أهم عناصر القيادة الناجحة فى مختلف الأنشطة الحياتية سواء اجتماعية تعليمية، اقتصادية، أو أمنية أو سياسية.
إن افتقارنا للقدوة الحسنة على مدار الثلاثة عقود الماضية وإلى يومنا هذا فى مختلف الأنشطة الحياتية من أعظم مشاكلنا... وتعتبر من أهم الأشياء التى تقف عائقاً أمامنا لتحديد أهدافنا الحالية والمستقبلية وتنفيذها بطرق سلمية؟
وتعرف القيادة: عملية تحريك الناس نحو الهدف لتحقيقه. بالتالى فلا بد للقائد أن يكون قدوة؛ لكى يسعى بأفراده، ومرؤوسيه نحو الهدف، وإلا كانت أقواله فى طريق، وأفعاله فى طريق آخر. وكانت أقواله تبنى، وأفعاله تهدم.
والقدوة لغة: مأخوذة من (قدا) القَدْوُ أَصل البناء الذى يَتَشَعَّبُ منه تصريف الاقتداء، يقال قِدْوةٌ وقُدْوةٌ لما يُقْتَدى به.
القدوة فى الاصطلاح: هى الاقتداء بالغير ومتابعته والتأسى به. وهى اتباع الغير على الحالة التى يكون عليها حسنة أو قبيحة.
القدوة فى القرآن الكريم : لقد أمر الله – تعالى – رسوله – صلى الله عليه وسلم – بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء والمرسلين فقال تعالى): أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (سورة الأنعام من الآية 90
ولقد حذر الله تبارك وتعالى من مخالفة أقوال الناس لأفعالهم ، فقال تعالى) :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) الصف آية 2- 3
إن الآيتين بهذا ترسمان الجانب الأصيل فى شخصية المسلم: الصدق، والاستقامة، وأن يكون باطنه كظاهرة، وأن يطابق فعله قوله...وبالطبع حياة قائدنا وسيدنا وقرة أعيننا نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم – كلها مليئة بالقدوة، وكذلك أفعاله.
والكثير منا يعرف قصة ملك الفرس الذى أرسل رسولا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلما دخل المدينة سأل أهلها :أين ملككم؟ فأجابوه: ليس لدينا ملك بل لنا أمير. فذهب الرسول فى طلب عمر رضى الله عنه فرآه نائما فى الشمس على الأرض فوق الرمل وقد وضع عصاه كالوسادة والعرق يتصبب من جبينه. فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع فى قلبه وقال: رجل تهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله!!
ولكنك عَدَلت فأمِنْت فنِمْت يا عمر.. وقد أسلم رسول ملك الفرس وقتها...
إسلام بلا مسلمين، ومسلمون بلا إسلام......هكذا قالها الإمام محمد عبده (1849- 1905م) ، قالها بعد عودته من بلاد الغرب، بهره نظامها وأسسها الحضارية مقارنه بنظامنا وأسسنا الحضارية.
وهناك الكثير من النماذج العملية فى السيرة النبوية وقصص الصحابة والتابعين، التى توضح أهمية القدوة، غير أن الأمر هنا ليس الهدف منه استقصاء تلك النماذج المباركة؛ لأن ذلك يحتاج إلى كتب ومجلدات.
وإنما الغرض من ذكر تلك النماذج هو أخذ العبر والعظات... حتى نرى رئيس مصر القادم، وأعضاء البرلمان، والحكومة وأصحاب الأعمال قدوة للشعب المصرى.
وقتها نستطيع القول إن الثورة المصرية آتت أكلها.
الإمام محمد عبده
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام فؤاد
مفيش فايدة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
جزاك الله خيراً
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد العزيز محمد
لا فض فوك
عدد الردود 0
بواسطة:
asd
بارك الله فيك
ورزقك الاخلاص
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد داود
جزاك الله خيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
asaadelkegman
ياريت
ياليت قومى يعلمون
عدد الردود 0
بواسطة:
مي
هههههههههههههههه
عدد الردود 0
بواسطة:
د.محمد جمال كفافى
السادة القراء المحترمين