الحل فى العقلاء

هل تتعلم القوى السياسية فى مصر الدرس جيدا بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الخميس الماضى بحل مجلس الشعب لعدم دستورية ترشيح أعضاء الأحزاب على المقاعد الفردية، هل تأكدوا حاليا أن فكرة الاستقواء لم تعد مجدية، وأن التوافق هو السبيل الوحيد للخروج من أزمة المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر حاليًا؟

قبل عدة أشهر ثارت الأحزاب خاصة حزبى الحرية والعدالة، والنور، على النص المقترح بمنع ترشيح أعضاء الأحزاب على المقاعد الفردية فى مجلس الشعب، وهددوا بالتصعيد إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم بترشيح الحزبين على المقاعد الفردية، رغم تحذيرات الفقهاء الدستوريين بأن مطالبهم غير دستورية، لكنهم «ركبوا دماغهم» ونفذوا ما طالبوا به إلى أن وصلنا لما نحن فيه الآن، عدنا إلى نقطة الصفر، والسبب معلوم للجميع، الأحزاب ظنت أنها صاحبة الرأى الصواب، وأن ما عداهم خاطئون، لم تعجبهم آراء الفقهاء الدستوريين، بل ضربوا بها عرض الحائط.

الحل الآن للخروج من المأزق الذى وصلنا إليه هو الاستماع لآراء العقلاء، العقلاء الذين لا هم لهم سوى مصر، فالمناصب والكراسى لا تعنيهم فى شىء..

الحل أن تأخذ الأحزاب مقاعد المتفرجين ولو مؤقتا، انتظارا لما سيستقر عليه العقلاء، فالأيام أثبتت أن لدينا أحزابا لا تفكر سوى فى نفسها، وهذه الأحزاب بطبيعة الحال غير أمينه على أن نضع مستقبل مصر فى يدها مرة أخرى بعدما فشلت فى أن تقود سفينة البلد إلى بر الأمان، بل قادتها إلى الهاوية.


الحل فى الرجوع إلى المطلب القديم «الدستور أولاً»، فهذه هى الضمانة الوحيدة للخروج من المأزق، وما سواها هو العبث فى حد ذاته، شريطة أن يكون تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور من شخصيات سياسية وقانونية متوافق عليها..

جمعية لا غلبة لفصيل على آخر فيها.. فالتشكيل الحالى لـ«التأسيسية» الذى أنتجه النواب الحاليون هو تشكيل معيب، فهل يعقل أن نشكل جمعية أو لجنة لوضع دستور مصر لا تضم فى عضويتها فقهاء دستوريين مثل الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، أو المستشارة تهانى الجبالى، أو الدكتور ثروت بدوى، أو سياسيين مثل حميدن صباحى، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، والدكتور عمرو حمزاوى.

إلى كل السياسيين فى مصر كفانا عبثا، ولنبدأ صفحة جديدة أساسها التوافق وليس الاستقواء.. أساسها الاستماع للعقلاء ممن لا تستهويهم المناصب أو الكراسى.