لم يعد أحد يتحمل الآخر ولم يعد أحد يقبل أى رأى سوى رأيه، والكل يتصور أنه على صواب والآخر مخطئ، وربما كانت هذه هى أهم وأخطر سلبية ظهرت بعد ثورة 25 ينايـر المجيدة.
فحدثت انقسامات بين الأصدقاء وبعضها، وداخل العائلات، بل وداخل الأسرة الواحدة، كل شخص يتحدث عن وجهة نظره، وكأنه متأكد منها مائة فى المائة، وأنه لا يوجد أى احتمال أن يكون مخطئا.
فكل شخص يتحدث عن مرشحه أو حزبه، وكأنه هو مؤسِسَهُ، وكأن هذا المرشح شقيقه أو يعرفه عن قرابة أو صداقة حميمة، ويعرف كل كبيرة وصغيره عنه، بل ووصل الأمر للتحدث عن نيّات المرشح وما يدور فى ذهنه، وكيف يرى المستقبل، وكيف سيواجه المشكلات..
رأيت البعض على استعداد لخسارة أحد أقاربه لو أنه رشّح فلان، ومن الناس من خسر بالفعل أحد أصدقائه لأنه مُصر على هذا المُرشح، وهنا يجدر القول بأن نعلم أن أى رأى له نـيّة إيجابية، فكم من أناسٍ خسروا أصدقائهم بسبب موقف سلبى واحد، وبدلاً من أن يتعاملوا مع هذا السلوك السلبى على أنه حادث عارض ويحاولون أن يدركوا النيّة التى سببت هذا السلوك إلا أنهم يركزون على هذا السلوك بالذات دون غيره، ويتركونه يُشكل إدراكهم الكلى لهذا الصديق أو القريب.
فإذا سلّمنا بأن نيّات الناس ليست بالضرورة تعبر عن أنماط سلوكهم، أى فصلنا سلوكهم عن نيّـاتهم فنكون قد وفّرنا على أنفسنا خيبات عديدة للأمل..
ما أود أن أقوله أن أى إنسان يأخذ قراراً أو يبدى رأياً أو يصدر سلوكاً فإن هذا القرار أو الرأى أو السلوك هو نتـاج نيّة إيجابية، فهو يظن أن هذا هو القرار الأفضل.
وأن لكل البشر مجموعة من القيم والمعتقدات تحدد أنماط سلوكهم، هذه القيم والمعتقدات لم تكن وليدة موقف أو يوم أو شهر أو سنة، بل هى نتيجة تراكم مجموعة من الخبرات والمواقف والعادات وظروف بيئية متعددة.. لذا يصعب جداً تغييرها.. وإذا حاولت تغيير نمط سلوك أحدهم، فإنه غالباً ما سيصدر سلوكاً آخر (يبدو) وكأنه تحد لك فى هذا الموقف بالذات، لكن فى الحقيقة هو ليس تحدى أو عِناد بل هو عن إيمان واقتناع تام لكن من وجهة نظر هذا الشخص الآخر.
من هنا يجب علينا جميعاً أن نحاول أن نتفهم وجهة نظر الآخرين،لأن وجهة نظرهم مبنية على معتقداتهم وتفكيرهم ولها نيّة إيجابية واعتقاد بأن هذا هو الأفضل.
فى النهاية أقول.. لابد وأن نحترم رأى بعض، حيث أن كل منا يأخذ قراره ويبنى رأيه على وجهة نظر يظن أنها صحيحة، وبالتالى فإن نيّته إيجابية، فلا أحد يأخذ قرار وهو يعلم أنه خاطئ.
وسرعان ما تنكشف الحقائق، فيخطأ من يتشبث برأيه حينما يرى أنه كان على خطأ، وينجح من يرى حقيقة موقفه سواء كان مخطئاً أم لا، فإن كان مخطئاً فإن نجاحه يكمن فى اعترافه بالخطأ ومحاولة تقويمه.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رجب
والله كلام عشرة عشرة