غريب ومثير ما تناقله الجرائد والفضائيات على ألسنة البعض من صفوة المجتمع المصرى ممثلة فى مثقفيه ونخبته وترى كل منهم يعلن ويدعو إلى مقاطعة الانتخابات أو إلى تعمد إبطال صوته الانتخابى، وإذا سؤل عن السبب برره بأنه لا يريد الاشتراك فى حمل وزر دعم أى من المرشحين وتحمل وزر اخفاقاته التى يتوقعها هذا المثقف.
وبداية لا بد أن نسأل أنفسنا إذا كان هذا ما يدعو إليه مثقفينا فلم قامت ثورة يناير أصلا فقد كنا طوال عمرنا نقاطع الانتخابات ويقوم النظام السابق بعمل اللازم نيابة عن جموع المقاطعين ليستمر نظاما فاسدا جثم على أنفاس البلاد وأهلها ثلاثون عاما بفضل هذه السلبية حتى قامت ثورة الشباب الأطهار الذين لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم من أجل مستقبل أفضل لنا جميعا، فإذا بمثقفينا أو البعض منهم يستمرئ الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات أو إبطال صوته وكأن هذه الدماء التى نزفت ظلما وقهرا ليس فى رقبته أى دين تجاهها وهو موقف غريب لأننا إذا كنا وكان العالم يعلم أن المثقف هو ضمير الأمة المعبر بصدق عنها فيجب أن نتسائل أين هو الضمير الآن وفى خدمة من؟
إننا إذا وضعنا أنفسنا مكان من يدعو لهذه الدعوات الغريبة لا بد أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة البديهية التى تجعلنا نقرر موقفنا بقناعة وصدق ولا بد أن نسال هل المقاطعة عمل سلبى تجاه الثورة والبلاد أم عمل إيجابى والرد متروك طبعا لأنه من البديهيات إذا التزم مثقفو الأمة بهذه السلبية فلا عزاء للعامة والمضللين من أبناء هذا الوطن.
والسؤال الثانى يجب أن يتفضل السادة دعاة هذا الموقف إلى سؤال بسيط على أى أساس نقارن بين المرشحين الاثنين وكأنهما مرشحان متساويان كل منهما له وعليه ولكن الحقيقة يدركها الجميع فكيف نساوى بين قرينين أحدهما كان بالسجن يعانى القهر والآخر على رأس الجهاز التنفيذى رئيسا لوزراء نظام لم يقدم لنا سوى القهر والذل والفساد والإفساد وموقعة الجمل وتهريب الأموال بعد فشل مسلسل التوريث فأين التساوى بين المرشحين؟
وهل من عانى من القهر والظلم هو من نخاف من ديكتاتوريته أم من تربى وعاش وترعرع فى أحضان ديكتاتورية الفساد وتبوأ فيها أعلى المناصب التنفيذية هو الأحق بالخشية من انقلابه الأكيد على ما قامت الثورة من أجله وهو واضح من أحاديثه ولا يخفى فيها لجوءه للأمن وربما الجيش من أجل فض المظاهرات التى قد تعترض عليه فأين ضمير المثقف فى تقييم هذه الجرأة والجحود تجاه ثورة شهداء ما زالت دماؤهم فى رقبة كل منا فهل يتخلى عنها المثقفون الآن ويلقون الله على ذلك؟
إن الضمير سادتى هو ما يفترض أن يكون محركنا الأساسى ودافعنا إلى ما نتخذ من مواقف ولا يصح أن نتخذ مواقفنا بناءا على ما تصدح به الفضائيات والجرائد من مناخ التشكيك ولنسأل أنفسنا صراحة ماذا لدى كل من المرشحين ليقدمه ليساعدنا هذا على اتخاذ موقف أوضح فإن كان ما لدى السيد مرسى ليس إلا وعود فلم لا نتسائل لم لا يشغل إعلامنا نفسه باستضافة المرشح أو من يمثله للحديث على الهواء عن كيفية تحويل تلك الوعود إلى واقع يرفع عن كاهل المواطن البسيط ما يعانى منه من تهميش وقهر وبناء على ذلك تكون المقارنة، بينما على الوجه الآخر وميزان العقل المجرد ماذا لدى السيد شفيق ليقدمه ولم يقدم لنا خلال وجوده على رأس السلطة التنفيذية إلا معركة الجمل التى لا يستحى الآن أن ينسبها إلى غيره بالرغم من سابق اعترافه فضائيا بأن شباب الإخوان هم من حموا الثوار أثناء موقعة الجمل، إلا أنه وكلما اقترب الماراثون من نهايته فلا بأس باستخدام شىء من المبالغات أو ربما الكذب فشعبنا فى نظر هؤلاء ليس إلا كما مهملا غير مؤهل للديمقراطية ويمكن الضحك والالتفاف عليه كما كان يتوهم قدوة السيد شفيق فأين ضميرنا كمثقفين أمام هذه المقارنات التى يجب أن نفكر فيها لإعطاء صوتنا لمن يستحقه وحتى أن كان لنا تحفظ على سلوك مرشح الثورة، من حيث الانتماء والمرجعية وغيرها فإن الجميع الآن يعلم أنه ما أسهل الخروج إلى التحرير ورفض مالا يرضى الشعب فقد خلع شعبنا رداء الذل والخوف ولكن هذا الخروج فى وجود السيد شفيق مع تصريحاته النارية من الآن بالاستعانة بالجيش هل ترونها تخدم مسار وطريق الحرية التى نتمنى أن تسلكها بلادنا الغالية.
إن واجب مثقفى الأمة وما يمليه عليهم ضميرهم هو أن يكونوا جديين وإيجابيين فى اختيار الأمثل للبلاد وليس الركون إلى السلبية لأن الخيار الآن بين ثورة وثورة مضادة بين سجين وسجان ولا يمكن أن تستكين ضمائرنا إلى اعتبار أنها مقارنة متساوية يحتاج الخيار فيها لمثل هذا الكم من التردد والجنوح إلى السلبية لأن الفطرة البسيطة والضمير الواعى يدعو الجميع للاصطفاف فى صف الثورة بحثا عن مكان أفضل لبلدنا تحت شمس الحرية ليتفرغ الجميع للبناء فلا زال أمامنا الكثير.
أسال الله الخير لبلدى ومثقفيه وعامته وجميع طوائفه.
درويش عز الدين يكتب: ضمير المثقفين ومقاطعة الانتخابات
الجمعة، 15 يونيو 2012 09:26 ص