بعد حالة الوئام التى غلفت العلاقات بين إسرائيل ودولة جنوب السودان، خلال الشهرين الماضيين، ظهرت بوادر أزمة قد تؤدى إلى خلاف دبلوماسى بين البلدين، على خلفية قرار تل أبيب بترحيل عدد من المهاجرين السودانيين الجنوبيين من إسرائيل.
صحيفة هاآرتس الإسرائيلية قالت إن وفداً من مسئولى الهجرة من جنوب السودان وصل إسرائيل، أمس الخميس، لتنسيق ترحيل مواطنيهم، خاصة أن عملية الترحيل ستبدأ بعد غد الأحد، وفقاً لما قالته المتحدثة باسم سلطة السكان والترحيل بوزارة الداخلية الإسرائيلية، سابين حداد، بأن أول طائرة تقل مهاجرين مرحلين من إسرائيل إلى جنوب السودان ستقلع غداً.
حداد قالت، "لدينا نحو 150 مهاجراً حتى الآن، والسلطات تعمل على تنظيم رحلات أخرى هذا الأسبوع، مشيرة إلى أن السلطات الإسرائيلية أوقفت منذ الأحد الماضى 270 أجنبياً ليست لديهم أوراق إقامة، معظمهم من جنوب السودان، فيما وافق نحو 300 آخرون على المغادرة بشكل طوعى، مع تسلمهم ألف يورو للشخص البالغ.
وقررت إسرائيل ترحيل 1500 سودانى جنوبى بعد موافقة القضاء الأسبوع الماضى، لكن القرار بات يشمل 2000 مواطن من ساحل العاج مخالفين للقانون، حيث كلف نحو 200 من عناصر الأمن الإسرائيليين للعثور على المهاجرين السودانيين الجنوبيين والعاجيين لترحيلهم.
واعترفت الحكومة الإسرائيلية رسمياً بدولة جنوب السودان فى 10 يوليو الماضى.
وفى أول تعليق لوزير الداخلية الإسرائيلى إيلى يشاى على عملية اعتقال عشرات المهاجرين داخل إسرائيل، قال إن ترحيل المهاجرين من دولة جنوب السودان ليست سوى خطوة واحدة صوب ترحيل جميع المهاجرين الأفارقة المتواجدين داخل إسرائيل.
وكانت محكمة الجزاء فى القدس المختلة قد صادقت الأسبوع الماضى على قرار حكومى يقضى بترحيل حوالى 1500 مهاجر من جنوب السودان لعبورهم الحدود الإسرائيلية بشكل غير مشروع، وعلى الفور أعلنت سلطة الهجرة الإسرائيلية عن بدء اعتقال المتسللين الأفارقة من جنوب السودان من جميع أنحاء إسرائيل، تمهيداً لعملية ترحيلهم إلى بلادهم، وقال رئيس الطائفة الجنوب سودانية سيهون مائير لصحيفة معاريف الإسرائيلية، "إن سلطة الهجرة تناقض نفسها، فقد أعلنت أنها ستسمح للسكان بالرحيل خلال أسبوع، وها هى اليوم تطردهم بالقوة"، مضيفا " لقد فهمنا أنهم لا يريدوننا فى إسرائيل، ولكننا نريد أن نرحل بكرامة وبرأس مرفوع وبصورة منظمة ومرتبة، ولا نريد أن يبدأوا باعتقالنا ورمينا فى السجون، نحن لا نريد البقاء أكثر فى إسرائيل، خاصة بعد تحريض السياسيين الإسرائيليين ضدنا".
الأزمة بدأت من أسبوع تقريبا حينما شنت إسرائيل حملة اعتقالات واسعة لكل من هو صاحب بشرة سمراء من المهاجرين الأفارقة المتواجدين داخل إسرائيل بصفة غير شرعية، فى تصرف وصف بالعنصرى، خاصة أنه موجه لأصحاب البشرة السمراء فقط، وتحديداً مواطنى دولة جنوب السودان، وأثيوبيا التى عبرت جاليتها فى تل أبيب عن استيائهم بسبب ما يتعرضون له من عنصرية واضحة من جانب الإسرائيليين، مما دفع عدداً من النشطاء الأثيوبيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية لتنظيم عدة تظاهرات خلال أيام متتالية أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، احتجاجاً على التمييز العنصرى الذى يمارس ضدهم بشكل غير معلن.
وتفيد العديد من التقارير الإخبارية الإسرائيلية والغربية على حد سواء بأن جيل الأبناء من الأثيوبيين اليهود – الذين ولدوا وتعلموا فى إسرائيل – مازالوا يعانون من التمييز، حيث إنهم يكافحون من أجل الحصول على المواطنة، خاصة أن أوضاعهم تختلف عن أوضاع آبائهم الذين كانوا يعتبرون قدومهم إلى إسرائيل بمثابة امتياز، لذلك فهم لم يشتكوا من سوء أوضاعهم.
من جهة أخرى، وقع سبعون من الأكاديميين والفنانين والمثقفين الإسرائيليين عريضة تندد بحملة "تشويه السمعة" التى تقودها الحكومة ضد المهاجرين، وأدت إلى اعتقال مهاجرين سودانيين جنوبيين تمهيداً لترحيلهم، ودعا موقعو العريضة التى نشرت اليوم، الجمعة، المسئولين الإسرائيليين إلى وقف "حملة تشويه سمعة الأجانب وطالبى اللجوء".
وتقول الرسالة الموجهة إلى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والرئيس شيمون بيريز، إن إسرائيل تملك الحق فى بناء جدار على طول الحدود مع مصر لتجنب تسلل المهاجرين إليها وتحديد من له حق البقاء فى الدولة العبرية، ولكن بحسب الموقعين فإن سياسة "لا هجرة ولا مهاجرين غير أخلاقية".
وتوصى الرسالة بالسماح لطالبى اللجوء الذين لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم بالحصول على أذون بالعمل مؤقتاً فى إسرائيل، وقال جوشوا سوبول وهو كاتب مسرحى وأحد موقعى العريضة لإذاعة الجيش أن "الأجانب يعاملون كحيوانات برية ويستخدمون كبش فداء".
أزمة بين إسرائيل وجنوب السودان بسبب ترحيل المهاجرين من تل أبيب
الجمعة، 15 يونيو 2012 11:55 ص