انشغلت الساحة المصرية عبر سنين طويلة من القرن الماضى بحرب ضروس، عمل المفسدون خلالها على هدم بنيان كل ما هو إصـلاحى، وعندما ينتفض المظلومون على قلب رجل واحد ثائرين مطالبين بحقوقهم؛ تكون النهاية انتصار ثورة بدماء شهداء، فيبدأ حينها هؤلاء المفسدون من جديد فى تغير جلودهم ويتسربلوا فى ثياب الثقافة والعلم؛ وهما منهم براء، حتى يلفتوا إليهم الأنظار، ويندسوا ليتخذوا لأنفسهم أبواقاً من فئة – تنعق بما لا تفهم-، أو ربما فهمت ولكنها فضلت المصالح الشخصية على العامة، وغلب عليها التضحية بمصير أمة بأكملها لكى تعيش -هى- أياما ً تبدو لها وكأنها هانئة.
لايفتأ المفسدون فى التخطيط من أجل القضاء على الثورة، فكلما بدأ السير فى الاتجاه الصحيح نحو إقامة صرح الحضارة، إلا ونجد هؤلاء ودعاتهم يثيرون الجدل والنقاش فى موضوعات يسترون بها مآربهم الهدامة لتلك الثورة العظيمة، فينشغل حينها العامة والبسطاء باللهو والخوض فى تلك المعارك الكلامية الوهمية عن خطر هؤلاء المفسدين على المجتمع، حتى ينشأ لهم جيلا جديدا مرنت أذنيه منذ وعى على تصديق كل ما يقال دون سند، أو حتى الاحتكام لمنطق البينة على من ادعى، وأصبح كل حرف مكتوبا لدى الناس اليوم يعدُ عندهم كأنه تنزيل وحى يتلقونه بالثقة والتسليم، بعد أن نجح هؤلاء فى التسرب إلى الحصون التى تحمى قيمنا، وبالتالى يتم تنفيذ خطتهم ذات شعار - فكراً مشلولاً غير مثمر وعمل سياسى أعمى غير مبصر.
يا شعبنا العظيم تذكر، لقد عشنا فى ظلم وقهر واستبداد واحتكار وجهل ومرض، تولى حكمنا عصابة قتلتنا وسرقتنا وأذلتنا، كانت تعتمد على العمل فى الظلام، وعلى البطش بالخصوم، والتخلص من المعارضين، ومؤازرة الأولياء والأصدقاء وتمكينهم من مقاليد السلطة، فأشاعوا الفساد وقتلوا العباد، وجعلوا الحكم تركة يتوارثونها، أشعلوا الفتن الطائفية، دمروا كل ما هو إنسانى، 100 ألف حالة سرطان، و13 مليون التهاب كبد، أعلى نسبة فشل كلوى، وأعلى معدل وفيات للأطفال فى العالم، 5 ملايين شاب بدون عمل، نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر؛ وأخيراً مبارك وأعوانه على شفى البراءة من قتل شهداء الثورة، فهل يعقل بعد كل ذلك إعادة أمجاد بناء المفسدين؛ إن أبناء النظام السابق يعلمون جيداً بقرب الحساب؛ ولذلك يدعمون بكل قوة مرشحهم "أحمد شفيق"، الذى دخل معترك الإعادة إما بالتزوير أو بشراء الذمم، فهل حقاً سنترك لهم فرصة العودة إلى الخلف ولا نسترد ما تبقى من كرامتنا؟!، فليقف كل منا للحظات وليتخيل مشهد دموع والدته وهى تحتض ما تبقى من (جسده) بصورة أشلاء مقطعة.
لعل من نافلة القول أقول، إن الحديث عن المفسدين طويل الذيل قليل النيل، ولكن من الحتم المقضى علينا الآن الإشارة إلى أن التغير قد تنفس صبحه، حتى وإن لم يكتمل نوره، فلن تكتمل أنواره إلا حينما يأتى رئيس من رحم الثورة، وعلى العموم فإن الزمان يقوم بجهاز التصفية والتنقية، فيبقى الصالح قوياً صلباً، ويطرح الطالح بعد أن انطفأت الرغبة فى الأقبال عليه، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث فى الأرض)، ذلك هو قانون الحياة.
ما أكثر المحن، التى تعرض لها الشعب المصرى العظيم قديماً وحديثاً، وما أكثر المؤمرات التى يحيكها له الأعداء، إن صفحات التاريخ مليئة بفصول تلك الرويات المريرة والاعتداءات المتكررة، ومتخمة بمثل تلك الإشاعات المنكرة الملفقة، ولايضيرنا منها شىء؛ بل العكس كلما اشتد البلاء ازداد الصبر واليقين باقتراب النصر لمصر، نعم للثورة نعم لمرسى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د.عبدالحميد عمران
تحيه للكاتب القدير
عدد الردود 0
بواسطة:
فتحى المزين
سلم لسانك .. وصدقت يا صديقى العزيز
عدد الردود 0
بواسطة:
قرفان خالص
التطهير قبل التغيير
عدد الردود 0
بواسطة:
على المصري
كفايه استخفاف بالعقول
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف موسي
ويا قوم مالى أدعوكم إلى النجاة وتدعوننى إلى النار
عدد الردود 0
بواسطة:
المخرج / عاطف جوده
كفاك جهلا يا شعبى
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام عبود
وحياة الغالية من غير كل ده - شفيق ناجح
عدد الردود 0
بواسطة:
الصعب أصبح سهل
مقال ينم عن جهل
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفي ابوزيد
لا للتزوير لا للفلول
عدد الردود 0
بواسطة:
عربى كمال
جميل
الثوره مستمره