هشام الهلالى يكتب: فى نفى الدولة الدينية

الخميس، 14 يونيو 2012 07:00 م
هشام الهلالى يكتب: فى نفى الدولة الدينية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم نر فى تاريخنا الإسلامى على امتداده ما يسمى بالدولة الدينية، سواء فى فترات ازدهارها أو انحدارها. ولنرجع إلى التاريخ وهو الحكم فى هذا.

فالخلفاء الراشدين جاءوا إلى الحكم بالانتخاب واختيار الناس ورضاهم (آلية الانتخاب فقط كانت مختلفة نظراً لظروف عصرهم حيث كان انتخاب الخليفة أو أمير المؤمنين يتم من خلال صفوة المجتمع ورؤس القبائل الممثلين لقبائلهم بطبيعة الحال)، وبالتالى مضمون الاختيار كان حراً تماماً، ولا يجادل فى ذلك أحد حتى المستشرقين الذين درسوا تلك الفترة.

وبالتالى فلا حكومة أبى بكر أو عمر أو باقى الخلفاء الراشدين كان لها صلة بالدولة الدينية من قريب أو من بعيد، بل تفوقت على الدولة الديمقراطية الحديثة فى شدة محاسبتها للحاكم، حيث وجدنا الحاكم يطلب من رعيته أعانته إذا أحسن وتقويمه إذا أخطأ، وهذا واحد من الناس يهدد الحاكم بالقتل إذا انحرف عن العدل بين الرعية، وتلك امرأة من عوام الناس تعارض رأياً للحاكم على مرأى ومسمع من الناس فلا يملك الحاكم إلا أن يقر بخطئه وصحة رأيها علانية دون أدنى حرج، وقصة القبطى المصرى الذى اشتكى ابن عمرو ابن العاص مشهورة فى هذا السياق.. وغيرها كثير.

إذن حكم الخلفاء الأربعة كان حكماً ديمقراطياً بامتياز، وتولوا الحكم فيه باختيار الناس وإرادتهم، وكانت الأمة كلها رقيبة عليهم ومحاسبة لهم، بل ولما رأت منهم شبهه ظلم عندما عيّن الخليفة الراشد عثمان بن عفان أقاربه فى مناصب الدولة ثارت عليه، وقتلته!!. فأين تلك الدولة الدينية التى تعطى قداسة للحاكم وتحصنه من المساءلة والمحاسبة؟!

هذا عن فترة الخلافة الراشدة وهى الفترة التى شهدت التطبيق الحقيقى لمفهوم الدولة المدنية فى الفكر السياسى الإسلامى والتى يجب أن ينظر إليها فى الحكم إذا ما كنت هناك دولة دينية فى الإسلام أم لا.

لننتقل إلى الفترات اللاحقة على الخلافة الراشدة بدءاً من الدولة الأموية ثم العباسية مرورا بالدولة الأيوبية ودولة المماليك وما تلاها حتى الخلافة العثمانية وما بعدها حتى اليوم، ونسأل هل كانت هذه الدول إسلامية فعلاً، بمعنى هل كانت تمثل صحيح الدين فى مفهومه للدولة؟ الإجابة لا.. بل كانت تطبيقاً مشوهاً للدولة فى الإسلام كما يقول الشيخ محمد الغزالى رحمه الله.

حيث قامت تلك الدول على مخالفة صريحة لقيم الإسلام فى الحكم وأولها الشورى وحرية اختيار الحاكم ومحاسبتة والعدل بين الناس على اختلاف أديانهم وحرمة المال العام واستقلال القضاء.. الخ، وكلها قيم أصيلة وأساسية فى فكرة الدولة فى الإسلام وبدونها لا يكون الحكم إسلاميا أو يمت له بصلة.

ومع ذلك، هل كانت تلك الدول دولاً دينية بالمفهوم الكهنوتى الثيوقراطى للحكم الذى يعطى قداسة للحاكم وتصرفاته ويجرم معارضتة فضلا عن محاسبته وعقابه؟.. الإجابة لا.. فالدولة الأموية والعباسية كانت لهما خصوم ومعارضون ومحاولات للخروج عليها ولم نسمع أحد، قال بكفر عبد الله بن الزبير فى خروجه على بنى أمية مثلاً، وحتى الرأى القائل بحرمة الخروج على الحاكم فالمقصود به عدم الخروج على الحاكم الذى اختارته الأمة بإرادتها الحرة لا الحاكم الوارث أو الذى أتى للحكم رغم إرادة الناس. فأين تلك الدولة الدينية التى خوفاً منها أيد بعض الليبراليون عودة نظام الفساد والقهر وإمتهان الناس.

* مترجم مصرى بالسعودية





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

Hh

تاريخيا صحيح

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة