حين أرادت جماعة الإخوان المسلمين بلورة برنامج سياسى أرادت به إقناع الرأى العام، قالت إن هدفها هو إقامة دولة مدنية بمرجعية إسلامية، هذا ما قاله قيادات حزب الحرية والعدالة، حزب الإخوان، بذلك تجاهلت الجماعة المعضلة أو المشكلة أو ربما أرادت أن تمارس الغموض والمخاتلة وهما ما تفوق به أداء الجماعة مع المواطنين، الذين ليسوا أعضاء فى الجماعة، ما تجاهلته هو ماهى مواصفات هذه الدولة المدنية، وما المقصود بشرع الله على وجه التحديد فيما تراه الجماعة وعلى وجه التحديد، وكيف يمكن للدولة أن تكون مدنية ودينية فى ذات الوقت وكيف سيكون وضع الثقافة والفنون والاقتصاد ومكانة غير المسلمين فى هذه الدولة.
وهل تختلف هذه الدولة عن نماذج إيران أفغانستان باكستان سودان النميرى والترابى، وما موقف الإخوان من حرية العقيدة المنصوص عليها فى القرآن الكريم "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" لكم دينكم ولى دين، ثم على أى مذهب من المذاهب سيتم تطبيق الشريعة، وما هو نموذج الدولة الإسلامية الذى يقولون إن إصلاح أحوال المسلمين رهن بالعودة إليه وهل هو نموذج مجتمع المدينة وهل يمكن استعادته وقد انتهى بعد رحيل النبى صلى الله عليه وسلم ورحيل الخلفاء الراشدين ولم يتكرر، فهل يمكن استعادته فى مجتمع مختلف، مجتمع العولمة والعالم المفتوح.
إن أى دولة دينية فى التاريخ كانت دولة أوتوقراطية لأنها تحكم باسم الله- هكذا تدعى وتعلن- ومن يجرؤ على معارضة سياساتها سيكون مخالفا ومعارضا لله سبحانه ولشريعته .
ولماذا لا تكون الدولة مدنية ديمقراطية لا تخالف شرع الله ولا يدعى الحاكم أنه الممثل لشرع الله، ويخضع بالتالى للمحاسبة باعتباره ممثلا لإرادة من انتخبوه بناء على برنامج أو عقد اجتماعى التزم فيه بعدم مخالفة الشريعة.. وهل تؤمن جماعة الإخوان بالديمقراطية بمفهومها فى العصر الحديث، فالديمقراطية ليست وسيلة فقط أو غاية فقط وليست كليهما معا فقط، وإنما الديمقراطية هى ثقافة وآليات ودستور وأحزاب وانتخابات حرة دون خداع للناس الفقراء أو الأميين ودو ن مخاتلة وبرلمان منتخب بشكل نزيه دون أقنعة ودون التخفى وراء الذقون واللحى الطويلة والديمقراطية هى المساواة بين المواطنين دون تفرقة بسبب دين أو جنس واحترام حرية الفكر والإبداع واحترام الاختلاف وحقوق الإنسان وغيره كثير .
الموضوع ببساطة هو أن الجماعة غير المرخصة قانونًا، والتى سبق حلها وهم ينكرون ذلك، وهو أمر عادى فى تصرفاتهم، الجماعة تعتمد على مرجعية إسلامية، إذن هى مرجعية وحيدة وواحدة، وهذا يضرب الديمقراطية فى مقتل، فالديمقراطية تقوم على التعدد أو هى تقدم حلا لمشكلة التعدد فى المجتمعات، تعدد الأفكار والمصالح، حيث يعارض بعضا البعض، والتعددفى الديمقراطية يعنى قبول الاختلاف والتنافس المفتوح، فالنظام الديمقراطى مفتاح متحرر من المرجعيات، فلا مرجعيات للجميع سوى الدستور المدنى، الذى يتوافق عليه الجميع .
أما النظام الشمولى سواء أكان ديكتاتوريًا عسكريا أو دينيا أو عقائديا، هو نظام مغلق، محكوم أو مقيد من فوق بإرادة فرد أو مجموعة أو صفوة دكتاتورية، لكنها فى حال الجماعة تستند إلى عبارات فضفاضة: الإسلام هو الحل، الحاكمية لله، كل هذا كلام جميل وإنشائى لكنه لا يصلح للاتفاق، والمخالفة هنا ستعنى فى نظرهم الكفر، وبالتالى سيقضون على حرية الفكر وحق الاختلاف وهما من أساسيات الديمقراطية، فالله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين، ولولا ذلك لفسدت الأرض ولما بدأت الحياة، وما استمرت، فلا مجال للانفراد بالرأى والاتكال على القدرة على الحشد والمليونيات، فالقوة لا تعنى الحق، فالبلطجى يسلبنى مالى بقوته فهل هو على حق؟ أرادت الجماعة الانتخابات بسرعة قبل أن يتمكن أحد من مقاومتهم وتحالفوا مع شياطين الإنس والجن وكان لهم ما أرادوا وهم يتصورون أن هذه آخر انتخابات، وهو نفس تفكير الحزب الوطنى المنحل .
ولو كان لدى الجماعة نوع من الفطنة السياسية لكانوا وخلال أكثر من عام قد حصلوا على ثقة ومحبة الشعب بكاملة، المسيحيين قبل المسلمين، لكنهم خسروا نصف أصوات من اختاروهم فى مجلس الشعب لأن نواياهم سيئة كما اتضح للناس والكارثة التى هم مسئولون عنها وحدهم هى انتشار فكرة أن اختيار أحمد شفيق سيحقق التوازن وسيحول دون انفراد الإخوان بكل شىء، فالإخوان لو تمكنوا فلن يخرجوا من السلطة، كما يتصور هذا الفريق.
إلى هذا الحد وصلت الأمور وأصبح الناس يختارون ما ثاروا عليه لأن من وثقوا فيهم تركوهم وانشغلوا بالبحث عن صالح الجماعة الأنانية، وأهدافها والتى ليست هى أهداف المصريين وليست أمانى شعب مصر، وليست أهداف ومطالب الثورة، فمن يتحدثون عن الخلافة الإسلامية وأستاذية العالم، يحاولون بعث أفكار من مرقدها بعد أن جاوزها الزمان بزمان .
وأخيرًا ربنا يجازى من كان سببا فى اصطدامنا بهذا الحائط، حائط اختيارنا بين الماء المالح الذى سنزداد بشربه عطشا وبين الماء الآسن الذى سيسبب لنا المرض والعلة والمشكلة أننا عطشى ومنذ آلاف السنين عطشى للعدل والحرية .
أسامة أبو حليمة يكتب: بين المالح والآسن يا قلبى لا تحزن
الخميس، 14 يونيو 2012 03:32 ص
جماعة الإخوان المسلمين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صلاح محمد
الاخوان وحزب الكنبة الطر القادم على الاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
م.عاطف
كل الناس فاهماكم انتو لا تحبو الإسلام
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد سليم مدرس ثانوى دمياط
لن انتخب واحد بيتمرمغ تحت رجلين المرشد لانة ببساطة سوف يمرمغ رؤوسنا فى الطين
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم المصرى ميت العز فاقوس
انت لست منصفا ولا محايدا