صوابعك مش زى بعضها..
ولا الناس زى بعضها..
ده حتى التوأم المتطابق فى الشكل لهم بصمات وشخصيات مختلفة..
وكل إنسان ما بيشوفش نفس المشهد زى الآخر ما بيشوفه..
لأن الصور الذهنية مهما تشابهت مع صور الآخر الذهنية، لا تتطابق تماماَ..
حتى الأذن فى قدرتها على تمييز النغمات تختلف من إنسان لآخر.
تخيلوا واحنا قاعدين كلنا بنسمع لا مؤاخذه فى دى الكلمة "سيمفونية"، وكلنا بنقول يا عم بيتهوفن يا جامد.. إيه التناغم ده!!..
يا ترى ما هو الفرق بين ما تسمعه الأذن العادية فى السيمفونية، وأذن واحد زى عمار الشريعى؟
عمار الشريعى..
الموهوب بالفطرة..
والمدرَب..
والدارس..
والحاسس..
والحافظ..
والفاهم..
والواهب تاريخ ذهنه كله للنغم..
الأذن العادية غير المدربة لا تستطيع الفصل بسهولة بين أصوات الآلات المختلفة فى اللحن، ومن النادر أن تميز بين "الميلودى" أى المقطوعات المختلفة، التى تعزفها كل آلة، وينشأ منها جميعاً "الهارمونى"، أو المنتج الموسيقى النهائى المتناغم والمتوافق.
أما أذن الشريعى فلها حساسية قادرة على رصد النشاز اللحظى فى أضعف صوره، وتمييز مصدره، وتحديد سببه، سوآء بسبب خطأ من العازف، أو عيب فى الأوتار، أو عيب من الموزع الموسيقى، أو الأسباب مجتمعة.
وفى تلك الأيام التى احتدت فيها المزايدات والاستقطابات السياسية قبيل انتخابات الرئاسة، تعزف كما تعودنا من أباطرة الحرب النفسية، أو من ذوى الإدراك المحدود فى المجتمع، نغمة أضمها إلى سيمفونية النشاز التى يعزفها الفكر المريض بفقدان الذاكرة المصرية الحضارية، ويستغلها المروجون عن جهل أو تجاهل لخصوصية مصر بهويتها وشعبها.
إنها نغمة التخويف "بنشوب حرب أهلية فى مصر".
فهى نغمة نشاز، تعزفها آلة إعلامية، لا تعى أن المصريين على مدار 7000 آلاف عام لم يقاتلوا بعضهم أبداً..
لا بعد حروب أو ثورات كبرى، ولا حتى فى أوقات المجاعات والشدائد العظمى..
تلك الآلة هى نفسها التى تعزف أحياناَ نغمات نشاذ تعبر عن جهل بالحقائق، أو إغراض؛ لزرع الخوف فى المجتمع، مثل نغمة التخويف "بتقسيم مصر لدويلات"..
من الآخر أيتها السيدات والسادة..
علشان الدنيا مش ناقصة..
لا تعطوا النشاز قوة بالتصديق أو الترديد.
فمصر لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقسم إلى دويلات..
ما ينفعش ..
هذه مسلمات..
ممكن مصر تغرق؟
ممكن..
ممكن مصر تنهزم وتحتل أرضها؟
ممكن..
ممكن مصر تقسم؟
لأ..مش ممكن.
والجدل فى 7000 سنة جغرافية وتاريخ وطبيعة أرض وشعب، نوع من اللجاجة والجهل المغرض، واللوع الفاضى، وطمس هوية.
وما حدش يقولى:
أصل السودان..
وأصل سوريا..
لأ ..معلش هذه مقارنات فارغة، تنبئ عن جهل مقيم.
ونغمات نشاز مدروسة بعناية، للتفرقة بين المصريين، وضمان السيادة لنظام مستبد.
وما ينفعش حد يتبنى أحلام منافسى مصر وأعدائها، وأساليب حروبهم النفسية ضدنا ويروجلها، ضد أمن الوعى المصرى، علشان عامل فيها خبير استراتيجى، ومزقوق يقول كلمتين فى الإعلام..
فبلغ من يخوفك بحرب أهلية..
حتى لو كان الخواجة هنرى كسينجر حيث ذات نفسه..
أن "أهلية" ما بتحاربش عندنا..
لإنه أصلاً لم تولد على مدار تاريخ مصر كله، بمجتمعها التعددى، مولودة اسمها "أهلية بتحارب".
رغماً عن أنوف صانعى الفزع، ومشعلى الحرائق..
الذين جعلوا تجارتهم أنهم يخوفون.
الحرب النفسية تصيب الشعوب عادة بالبلادة الذهنية..
ولم ينج أحد منا من آثارها، وإن تفاوتت درجات التأثير.
فيارب..
ساعدنا فى أن نشحذ أذهاننا لتصنيف النغمات الإعلامية النشاز، ذات الأثر النفسى الزائف..
واغفر لنا أننا قد شحذنا أذهاننا، فقط كى نبدع فى تصنيف بعضنا بعضاً.
وهب لأذهاننا، حساسية آذان عمار الشريعى.
