السيد الطنطاوى

لا تستعبد نفسك بنفسك

الأربعاء، 13 يونيو 2012 10:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جلست بجوار صديقى الصحفى وكاتب السيناريو على المقهى وطلبت الشاى لى ولحضرته، ونظرت إليه فوجدته منهمكا ومكبا على الكمبيوتر الشخصى يكتب ويكتب ثم يرتاح بعضا من الوقت ثم يعاود الكتابة مرة أخرى بشكل جعلنى أتوتر وأنا جالس بجانبه، وقلت له يا أخى أنا جئت إليك لنتحدث قليلا ولو كنت أعرف أنك مشغول إلى هذه الدرجة "ماكنتش وريتك وشى"، نظر إلى مبتسما وقال انتظر بعض الشىء وسأتفرغ لك، نظرت إلى ما يكتبه على شاشة الكمبيوتر، فإذا به يتوتر ويتوقف عن الكتابة ويقول لى بعصبية زائدة عن الحد لم ألفها منه منذ فترة طويلة: يا أخى أنا عندما أكتب لا أحب أن ينظر أحد على ما أكتبه، تعجبت من رده إلا أنه قال أرجو أن تعرف أننى أصاب بالتوتر وعدم القدرة على الكتابة إذا شعرت أن أحدا يراقبنى، ولا تتعجب لذلك فهذه المتلازمة موجودة معى وأنا فى المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية وحتى وأنا أكتب فى الجريدة أو فى البيت ولو وقفت زوجتى خلفى وأنا أكتب تتسمر يدى ويتوقف عقلى عن التفكير، وأضاف: أتذكر أننى كنت فى امتحان بالجامعة ووقف الدكتور المراقب خلفى فإذا بى أنسى كل ما ذاكرته ولم أستطع الإجابة على سؤال واحد إلا بعد أن ابتعد الدكتور عنى ووقف خلف زميل آخر وحمدت الله كثيرا وقتها ليس لأن الدكتور وقف خلف زميلى بل لأنه ابتعد عنى، قلت له: كان الله فى عونك.. ولكن ما الذى تكتبه؟ قال: انتظر قليلا وسأعرض عليك ما أكتبه، قلت له: لعلى أفيدك فيما تكتب، قال: أكتب سيناريو فيلم قصير عن نكتة حديثة صارت مثلا يضرب الآن ومن مصريين وعرب وربما أجانب للتنكيت علينا نحن المصريين، قلت له: وما هى النكتة أو المثل، قال: أنت تعرفها وقلتها لك عدة مرات، قلت له: وما هى هذه النكتة المثل، قال: يا سيدى النكتة التى أتحدث عنها هى ما يروى عن المصريين "بأنهم أبهروا العالم مرتين، أبهروا العالم مرة بأنهم قاموا بأعظم ثورة فى التاريخ المعاصر وخلعوا بها النظام البائد، والمرة الثانية أنهم ابهروا العالم بإعادة النظام السابق مرة أخرى"، قلت له: وهل أنت تشك فى ذلك؟ رد على: ماذا تقصد؟ قلت له يا أخى لا تغضب إننى أمزح معك، فالمصريون لن يبهروا العالم فى المرة الثانية ولن يأتوا بالنظام السابق، قال: يا خوفى يا بدران ومن كل بدران يساعد الفلول والصهاينة على إرجاع مبارك وولديه مرة أخرى فى صورة الفريق أحمد شفيق، ووقتها لن يكون هذا إبهارا للعالم بقدر ما يكون سخرية من هذا العالم من المصريين ومن أفعالهم المضادة، ووقتها سيقولون إنهم استعبدوا أنفسهم بأنفسهم، على منوال "هلب يور سلف"، شعرت بالألم والحزن وإذا بصديقى يفجر مفاجأة عندما قال: تعرف يا بدران.. انفجرت فى وجهه وغضبت من تشبيهى ببدران، قال: والله لا أقصد ولكنه الخوف من "بدران" الذى يملأ جنبات مصر فى المؤسسات وفى الإعلام وفى كل مكان ويسكن فى ضمير الكثيرين ويسمون الآن بالفلول، قلت له: أقول لك يا صديقى إن حدث ما تخشاه فسنكون مثل بلال ابن رباح ولكن بطريقة معاكسة، قال: وماذا فعل بلال ابن رباح؟ قلت إن بلالا تم عتقه فكان مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابيا من أجل الصحابة، ولكننا إذا أعدنا النظام السابق فنكون كالذى أعتق من رق أبى جهل ليقع فى رق أبى لهب ولا عزاء يومئذ للأحرار.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة