تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الصراع الذى تشهده حاليا العاصمة التونسية، وتحديدا فى جامعة مانوبا، حيث أن عددا من الطلاب المنتمين للتيار السلفى أثاروا بعض التوترات ضد أعضاء هيئة التدريس، مطالبين بتوفير أماكن للصلاة بالحرم الجامعى، وفرض ارتداء الحجاب على الطالبات، وهو ما أثار جدلا وربما قلقا لدى قطاع كبير من المجتمع التونسى.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن تلك الأزمة قد دفعت عميد الجامعة حبيب كازداغلى نحو تصدر صفحات الجرائد والأخبار اليومية، ربما لأنه صار محلا للجدل، موضحة أن البعض قد أبدى إعجابه الشديد بتمسك الرجل بالمبادئ العلمانية لتكون أساسا لجامعته، بينما انتقده البعض الآخر نظرا لعدم إبدائه قدرا من المرونة فى التعامل مع المطالبات التى رفعها الطلاب السلفيون.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه بالرغم من أن الربيع العربى قد بدأ من تونس، والتى تمكنت من تحقيق خطوات واسعة فى طريقها نحو عهد جديد، إلا أنها مازالت تشهد جدلا كبيرا حول الدور الذى ينبغى أن يلعبه الدين فى السياسة، على غرار ما يحدث فى مصر وليبيا.
وأضافت الصحيفة أن معظم التونسيين المعتدلين قد أعربوا عن بالغ قلقهم مما أسموه "البلطجة" التى تمارسها بعض الجماعات المتشددة دون عقاب أو ردع، بالرغم من التصريحات التى أدلى بها أحد كبار المسئولين بالداخلية التونسية حول القبض على 15 شخصا قد هاجموا أقسام الشرطة الشهر الماضى، مؤكدا أن القانون سوف يطبق على الجميع.
وتابعت الصحيفة أنه بالرغم من تلك التصريحات التى تصدر من جانب المسئولين الأمنيين فى تونس، إلا أن الأحداث التى شهدتها جامعة مانوبا التونسية تعبر عن محدودية المساعدات الأمنية التى تقدمها السلطات التونسية لاحتواء العديد من المواقف، من بينها قيام المحتجين بحبس عميد الجامعة بمكتبه حتى الساعة الرابعة فجرا، وكذلك منعه فى مناسبة أخرى من دخول مكتبه بالجامعة.
وأضافت الصحيفة أن السيد كازداغلى قد طلب المساعدة مرات عديدة من جانب السلطات الحكومية فى تونس، إلا أن الشرطة لم تتدخل لفض التظاهرات بالحرم الجامعى سوى مرة واحدة، عندما قام عدد من المتظاهرين السلفيين بنزع العلم التونسى ليضعوا مكانه علما إسلاميا.
وهنا أوضحت الصحيفة أن العديد من المتابعين وربما بعض المسئولين الحكوميين – ومن بينهم وزير التعليم التونسى منصف بن سالم - قد انتقدوا عميد الجامعة، نظرا لعدم التفاته لمطالب الطلاب السلفيين، إلا أن كازداغلى قد رفض تلك الانتقادات تماما. وأضافت أنه بالرغم من ذلك يبقى قطاع كبير من التونسيين الاشتراكيين رافضين لسلوك المحتجين المتشددين، وقد أبدوا تأييدهم للسياسة التى يتبناها العميد حيال تظاهراتهم.
وأضافت أن فريق المؤيدين يشعر بالقلق، خاصة فى ظل سيطرة حزب النهضة الإسلامى على مقاليد الأمور بالبلاد، مؤكدة أنه فى ظل المعطيات الحالية فإن الحزب التونسى الذى يحظى بالأغلبية حاليا ليست لديه النية لإخضاع المخالفين من الجانب السلفى لسيادة القانون.
وأوضحت الصحيفة أن هنا العديد من الانتقادات التى تواجه حكومة حزب النهضة، نظرا لتجاهل العديد من أحداث العنف التى يمارسها السلفيون فى أماكن متعددة بالبلاد، حيث أكد العديد من المتابعين للمشهد التونسى الحالى أن الحكومة التونسية تسعى لانتهاج سياسة براجماتية، يمكن من خلالها الاحتفاظ بشعبيتها قبل حلول الانتخابات المقررة فى العام القادم.
من ناحية أخرى أعرب الجانب السلفى عن عدم رضاه من جراء عدم إقدام الحكومة التونسية الجديدة بفرض الأمور الدينية على الحياة العامة للمواطنين فى تونس.
وقال الناشط السلفى رفيق غاكى إن السلفيين سوف يصرون على مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن هذا هو الطريق الوحيد الذى يمكن من خلاله ضمان تحقيق العدالة بين كافة المواطنين التونسيين، ومن بينهم المواطنون غير المسلمين.
نيويورك تايمز: حالة من القلق تنتاب المجتمع التونسى من جراء السلوك المتشدد للسلفيين.. انتقادات واسعة للأداء الحكومى والأمنى.. ناشط سلفى تونسى: السلفيون يصرون على تطبيق الشريعة الإسلامية
الثلاثاء، 12 يونيو 2012 02:59 م