ننشر الصيغة النهائية لوثيقة "الدستور الثقافى" بتوقيع ألف مواطن

الثلاثاء، 12 يونيو 2012 02:46 م
ننشر الصيغة النهائية لوثيقة "الدستور الثقافى" بتوقيع ألف مواطن الفنان التشكيلى الدكتور عز الدين نجيب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى ظل ما تشهده الأوساط الثقافية، من حالة غضب لتجاهلها للمرة الثانية، وعدم تمثيل اتحاد كتاب مصر، فى تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، فقد طرح الشاعر الكبير سيد حجاب، فكرة تشكيل لجنة توافقية لكتابة دستور للحريات، خاصةً بعدما بات واضحًا للمثقفين أن "العسكر" و"الإخوان" يتجهان لتأسيس دستور يكرس للاستبداد العسكرى أو الدينى، أو العسكرى باسم الله.

"الدستور الثقافى" هو مبادرة تم العمل عليها لمدة شهور، انتهى بعقد ورشة عمل بنقابة الصحفيين (ضمت نحو خمسين من الكتاب والفنانين والمثقفين والصحفيين والمفكرين، من مختلف التوجهات والأجيال والمجالات، من بينهم أحمد إسماعيل المخرج المسرحى، والكاتب حمدى الجزار، والشاعر رفعت سلَّام، والفنان التشكيلى الدكتور عز الدين نجيب، والمسرحى أبو العلا السلامونى، والمفكر والمترجم شوقى جلال، والفنان سامح الصريطى، والروائى والقصاص سعيد الكفراوى، والروائى محمود الوردانى، والناقد عمر شهريار، والكاتب والفنان محمد بغدادى، والباحث صفوت شعلان، إلخ)، وقام بالتوقيع على وثيقة الدستور الثقافى أكثر من ألف من المثقفين من مختلف التيارات والأجيال.

إن الـ "دستور ثقافى" بعد التوافق عليه فى صيغته النهائية، لن يمثل أحدًا بعينه، شخصًا كان أم تيارًا ثقافيًّا، لكنه يمثل المشترك العام بين المثقفين المهمومين بمستقبل هذا الوطن، كإطار للحراك الثقافى للأطراف الفاعلة: السلطة، المثقفين، المؤسسات المختلفة؛ وكميثاق شرف فكرى، يطمح إلى أن تتبناه الجماعة الثقافية المصرية، وأن يسعى المثقفون إلى إدراج مبادئه الأساسية ضمن مواد دستور البلاد القادم.
الباب الأول
الهويَّـة
1- الهوية هى الجامع المشترك- على صعيد الوعى والشعور- بين المنتمين إلى الوطن.
2- الهوية المصرية مركبةٌ، متعددة الأبعاد والوجوه والطبقات المتداخلة؛ وليست أحادية، أو مسطحة، أو ذات بُعد واحد.
3- الحضارات المصرية القديمة، والقبطية، والعربية، والإسلامية، والثقافات الفرعية (كالنوبية والبدوية)، والثقافة الشعبية، ومكتسبات الثقافات العالمية التى ترسخت فى صميم الثقافة الوطنية، هى المكونات الأساسية للهوية المصرية؛ فيما تمتلك "العربية/الإسلامية" مكانةً خاصةً فى قلب الهوية المصرية، كواقع موضوعى.
4- بدأ تشكيل الهوية ببداية الحضور المصرى فى التاريخ، وتتواصل عملية التشكل وتفاعل المكونات الداخلية مع العناصر الخارجية، على امتداد القرون حتى الآن. وهى هوية منفتحة على التفاعل الذاتى بين مكوناتها العميقة، والتفاعل مع الآخر، بلا انغلاق عنصرى، ولا تبعية متخاذلة.
5- هذه التعددية فى التكوين، وفى الأعماق الحضارية، تمثل ثراءً أقصى للهوية والشخصية المصرية، يؤسس لمكانة "المصرى" فى التاريخ.
6- لا يمكن تاريخيًا أو موضوعيًا أو إنسانيًا- لأغراض سياسية أو عقائدية- اختصار "الهوية" المصرية فى أحد أبعادها أو مكوناتها، وإلغاء- أو تهميش- بقية الأبعاد والمكونات.
7- تمثل عملية "الاختصار" أو "الإلغاء" أو "التهميش"- إن تحققت، فى الوعى أو الواقع- ابتسارًا وتخريبًا للهوية والوحدة الوطنية المصرية، وتناقضًا- فى نفس الوقت- مع الواقع التاريخى الموضوعى.
8- إن الاعتراف بوحدة مكونات وعناصر الهوية المصرية، وتفاعلها الداخلى بلا تمايز، هو مقدمة جوهرية، لازمة التعايش الآمن، المتكافئ، على الأقل، بلا إقصاء أو نزعات تعصبية. هو مقدمة جوهرية للتصالح مع الذات متعددة الأبعاد والعناصر والمكونات، وهو مقدمة جوهرية لإبداع الحياة المصرية المشتركة للجميع، على قدم المساواة، بالفعل لا بالقول.
الباب الثانى
الحريـة
1- الحرية هى الأصل، وضرورة الحرية هى ضرورة الوجود ذاته؛ فلا وجود بلا حرية.
2- إن نهوض وتقدم المجتمع، بقطاعاته المختلفة، مرهون- أولاً- بتحرير العقل والتفكير، وبالممارسة الثقافية المتحررة من أية ضغوط أو تهديدات أو انحيازات، من أى نوع؛ ومرهون برعاية التنوع والتجديد والتطوير والإبداع.
3- لابد من ضمان الحرية الكاملة للفكر والاعتقاد، وحرية ممارستهما بكافة الأشكال، فى كافة المواثيق الدستورية والقانونية، وإلغاء ما يتناقض معها أو ينتقص منها، أو يرهنها بالتزامات مقيِّدة؛ وفقًا للإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاجتماعية والثقافية، وحرية الفكر والتعبير، وحقوق الملكية الفكرية، وضرورة إعلان الدولة التزامها بهذه المواثيق.
4- لابد من ضمان حرية التفكير والإبداع والتعبير والنشر، بكافة أشكاله، بلا ضغوط، أو إكراهات، أو مصادرة، أو وصاية، من أى طرف، سواء كان حكوميًّا أو أهليًّا، تحت أية دعوى. ولابد من تحرير مصادر المعرفة، وتبادلها، وإتاحتها للجميع وخاصة المثقفين والباحثين.
5- الحارس للحرية هو المسئولية النابعة من ضمير المثقف، واختيار المتلقى.
6- أى اعتداء، مادى أو معنوى، على تلك الحريات، أو التحريض عليها بأى شكل، من أية جهة أو طرف، اعتبارى أو طبيعى، هو جريمة تستوجب معاقبة مرتكبها.
7- إن الرقابة على الإنتاج الثقافى- تحت أية ذريعة أو دعوى- أداةٌ من أدوات القمع وتكبيل الحرية، وفرضٌ للوصاية على المبدعين الثقافيين، ولابد من تطهير القوانين والحياة الثقافية من كل النصوص والأعراف المقيدة للحرية الثقافية، وإلغاء ما تبقى من أشكال وهيئات رقابية فى المجال الثقافى.
8- إن الخوف من تبعات الحرية يؤدى بالضرورة إلى الرضاء بالقمع، بل إلى المطالبة به. والخوف من تحمل مسئوليات الحرية يفضى- بالوعى أو اللاوعى- إلى الرضوخ الطوعى للقيود والموانع المفروضة من السلطات المختلفة.
9- المتضرر من ممارسة ثقافيةٍ ما- من أية جهة أو طرف- له الحق الكامل فى المعارضة والتفنيد الثقافيين، بطريقة سلمية ديمقراطية، دون اللجوء إلى ممارسات إقصائية (التخوين، التكفير، التحريض على استخدام العنف، إلخ).
الباب الثالث
دور المثقف
1- المثقف هو الضمير الحى للشعب. والأصل فى المثقف: فاعليته، ودوره فى النهوض بالمجتمع وتقدمه.
2- مسئولية المثقف المستنير تكمن فى دعم الوعى والتفكير العلميين، والنهوض بالوعى العام، من خلال موقفه النقدى، ومناهضته الثقافية لأطروحات وممارسات التعصب والتخلف والظلامية والفساد والقمع، والوعى الزائف.
3- مسئولية المثقف تكمن فى فضحه لأشكال الزيف والخديعة، وتعرية أشكال استلاب العقل الجمعى والتلاعب به، والأشكال التبريرية لفرض العمَى العام. مسئوليته تكمن فى دعمه للمشروعات العلمية والتنموية ومؤسسات المجتمع المدنى الديمقراطية؛ وفى فتحه لآفاق فى الرؤية تتجاوز الراهن إلى مستقبل مضىء.
4- إن استقلالية المثقف- فى الرؤية والتوجه والممارسة الثقافية- هى حجز الزاوية فى أدائه لدوره النقدى. هو دورٌ ينطوى- فى بعض وجوهه- على مراقبة توجهات وممارسات المؤسسات الثقافية المختلفة، بنقضها ونقدها، أو ترشيدها وتصويبها، من خلال كشف وإعلان ما يشوبها من زيغ وانحراف.

5- هذه الاستقلالية هى العاصم من اندراج المثقف فى التبرير، أو الصمت والتواطؤ على توجهات مضادة للتحقق الإنسانى؛ توجهات موصومة بالفساد، أو الظلامية، أو القمع؛ أو بها جميعًا.
6- إن تفعيل دور المثقف مع الجماهير، بكل وسيلة ثقافية متاحة، هو مهمةٌ جوهرية؛ ومن بين هذه الوسائل تأسيس كيانات ثقافية مستقلة، فى المجالات الثقافية والفنية المختلفة، لتغيير الواقع- على الأرض- إلى الأفضل والأرقى.

7- والمؤكد أن التنظيمات النقابية المستقلة للمثقفين، بكافة تخصصاتهم، تمثل أداةً وسندًا ودعمًا قويًّا للمثقف وحركته الفاعلة. وإن لم تنجح عملية تطهير قوانين النقابات الحالية من المواد السالبة للفاعلية، فلابد من تأسيس نقابات جديدة، مستقلة، تؤطر حركة أعضائها الإيجابية، وخاصةً مع إلغاء الاحتكار النقابى السابق من قِبل النظام، وفتح الباب قانونيًّا لتأسيس نقابات جديدة.
الباب الرابع
المؤسسة الثقافية للدولة
1- الثقافة- إبداعًا وتلقيًا- حقٌّ أصيل للمواطنين، كالخبز والتعليم، كالماء والهواء. وهى قضية أمن وطنى، أخطر من أن تُترك للبيروقراطيين، بمعزل عن المثقفين.
2- الثقافة طائرٌ ذو أجنحة متعددة، وممارسة النشاط الثقافى ليست مقصورةً على وزارة الثقافة، بل لابد من امتدادها- وفق خطة إستراتيجية عامة- إلى وزارت التربية والتعليم، التعليم العالى، البحث العلمى، هيئة الآثار، الإعلام، والأوقاف، والشباب والرياضة، وصولاً إلى سائر الوزارات والهيئات. وعلى كل مؤسسات الدولة- عامة وخاصة، حكومية وأهلية- أن تضع الثقافة فى مقدمة أولوياتها، باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة. ولابد من تأسيس دور المثقف فى هذه المؤسسات، حتى لا يصبح جهده حرثًا فى البحر.
3- إن للأزهر- كمؤسسة ثقافية/دينية- دورًا كبيرًا فى النهوض بالوعى الثقافى العام، من خلال تبنى منهج تنويرى فى الرؤية الدينية. ولن يتحقق هذا الدور إلا باستقلاله التام عن النظام السياسى، وانتخاب شيخه وقياداته، فى ظل دولة مدنية تحترم حقوق المواطنة.
4- لابد للدولة من تحمل مسئوليتها فى دعم الكيانات الثقافية المستقلة والفاعلين الثقافيين (الأدباء والفنانين)، بلا مقايضة. فالرعاية والكفالة وتكافؤ الفرص حق للمثقفين لدى الدولة.
5- المؤسسات الثقافية للدولة ليست ملكًا للحكومة، أو لوزارة الثقافة، بل هى أحد ممتلكات الشعب المصرى. وجميع مسئوليها موظفون تكمن مهمتهم فى حُسن إدارة هذه المؤسسات، بما فيه صالح الشعب المصرى.
6- وهذه المؤسسات يجب أن تحكمها آليات ديمقراطية فى تقلد مناصبها الرئيسية؛ وهى ليست سلطةً؛ هى أداة "خدمية" تعمل فى المجال الثقافى، لصالح ازدهار الثقافة المصرية، ورقيها نحو الأفضل.
7- بذلك، فليس لها الحق فى الوصاية على الحركة الثقافية أو المثقفين، أو توجيههم، أو ممارسة أية ضغوط- من أى نوع- عليهم. ليس لها الحق فى أن تكون أداةً سياسية بيروقراطية فى مواجهة الحركة الثقافية والمثقفين.
8- ليس لها الحق فى استخدام إمكانياتها المادية- المستمدة من المال العام- بصورة تسلطية، سلطوية، ضد مصلحة الثقافة والمثقفين المصريين. ليس لها الحق فى استخدام سياسية "العصا والجزرة"، "المنح والمنع"، لترويض المثقفين واستمالتهم، أو تهديدهم وملاحقتهم، ومحاولة استخدامهم لصالح هذا الاتجاه أو ذاك.
9- مسئوليتها ومهمتها تكمن فى أن تكون ساحة مفتوحة لتحقق الإبداعات الثقافية المختلفة، بلا رقابة أو توجيه أو قسر، أو بيروقراطية.
10- وللمثقفين- من خارج العاملين بالمؤسسة الثقافية الحكومية- كل الحق فى المشاركة الفاعلة، المؤثرة فى وضع استراتيجيات السياسات الثقافية لها؛ باعتبارها مؤسسات تعمل لصالح المثقفين والثقافة. ولهم الحق الكامل فى رعاية الدولة ومؤسساتها المختلفة.






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر شعبان

أود إضافة اسمي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة