د.على ثابت يكتب: كنز النقل المفقود!

الثلاثاء، 12 يونيو 2012 09:04 ص
د.على ثابت يكتب: كنز النقل المفقود! وزير النقل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع بدايات ثورة يناير وما تلاها من حالة انفلات أمنى على معظم الأصعدة، كان لقطاع النقل النصيب الأكبر فيها، وتلا ذلك تأثر معظم القطاعات المرتبطة به سواء القطاع التجارى أو الصناعى أو السياحى، فقد عانت الطرق الصحراوية بطول مصر وعرضها من عمليات سرقة ونهب، مما أدى إلى شبه توقف للحركة الليلية على هذه الطرق، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار معظم السلع نتيجة لارتفاع تكاليف النقل والشحن من ناحية ولتقلص عدد ساعات النقل على الطرق السريعة والصحراوية من ناحية أخرى، وقد كان ذلك واضحاً للمواطن العادى فى صورة ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة التى يستلزم نقلها طازجة فى نفس اليوم بين المحافظات المختلفة، وشهدت بعض السلع ارتفاعات قياسية نتيجة لتعثر نقلها ليلاً.

ومن تعثر نقل المنتجات الزراعية إلى حركة التجارة الداخلية التى شهدت هى الأخرى انخفاضاً كارثياً أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع فى مختلف القطاعات نتيجة لنفس الأسباب السابقة مضافاً إليها مشكلة نقص السولار والبنزين واضطرار السيارات إلى الانتظار ساعات طويلة وهو ما انعكس على تكلفة النقل والشحن بصفة عامة، وتأثر حركة نقل البضائع انعكس بالسلب على القطاع الصناعى بالتبعية ومما زاد من معاناة هذا القطاع الذى تعرضت بعض مصانعه لنفس عمليات السلب والنهب لمنتجاتها على الطرقات سواء بين المدن أو المحافظات المختلفة، وخسر لذلك المنتجون والمستهلكون على حد سواء.

ومن قطاع النقل التجارى إلى قطاع النقل السياحى الذى شهد هو الآخر تراجعاً حاداً نتيجة لانخفاض عدد السائحين القادمين إلى مصر، وما تلا ذلك من خسائر لقطاع النقل السياحى أدت إلى إغلاق العديد من الشركات وتسريح العاملين فيها، وللأسف لم نسمع عن أية إجراءات قوية لإنقاذه، ومن نشاط النقل السياحى إلى نشاط النقل الداخلى لن يختلف الحال كثيراً، فهذا القطاع الذى كان يعانى فى الأساس قد تحول إلى نشاط أكثر عشوائية نتيجة ضعف الرقابة والتأمين مما زاد من معاناة المواطنين، وللأسف لم نسمع عن إجراءات سريعة أو بطيئة لإنقاذ اقتصاد النقل فى مصر بمختلف قطاعاته الإنتاجية، فقطاع النقل فى معظم دول العالم يصنف على أنه قطاع إنتاجى فى الأساس لارتباط معظم العمليات الإنتاجية به، وإن كنا فى مصر ما زلنا نراه قطاعا خدميا فقط ! وهو ما يدفعنا للبحث عن حلول عملية لإنقاذه.

والحلول العملية تبدأ أولاً باقتناعنا بأن النقل هو عصب الاقتصاد فى أى دولة فى العالم وأن تعثر النقل سيتبعه تعثر معظم الأنشطة الاقتصادية الأخرى المرتبطة به. ولذا فنحن بحاجة لخطة إنقاذ سريعة لهذا القطاع، تبدأ بتأمين حركة نقل البضائع على جميع الطرق وبكل الوسائل الممكنة، ولدينا الإمكانيات لذلك، فقط تنقصنا الإرادة ، فلا أرى مانعا من استخدام الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية لمراقبة الطرق السريعة طوال الأربع وعشرين ساعة وربطها بطائرات هليكوبتر للتدخل السريع، ولا يقل لى أحد أن ذلك مكلف، فتكلفة تأمين قطاع النقل لا تساوى شيئا فى مقابل المكاسب الاقتصادية التى ستعود على جميع قطاعات الدولة من جراء ذلك، وتكاليف التأمين مهما كبرت أقل بكثير من خسائر الانفلات الأمنى.

ومن قطاع النقل البرى إلى قطاع النقل النهرى ولا أعرف لماذا توقف هذا القطاع الحيوى عن العمل، والذى كان ينقل معظم تجارة مصر عبر شمالها وجنوبها وهو قطاع ذو تكاليف تشغيل اقتصادية ممتازة وأقل قطاعات النقل تلوثاً للبيئة، وربطه بمنظومة التأمين الشاملة سيجعل منه قطاعا جاذبا للاستثمار وسيتيح فرص عمل عديدة للمصريين العاملين فيه، فالأنهار فى كل دول العالم هى طرق للتجارة أما فى مصر فقد جعلناها طرق للنفايات والقمامة للأسف فى إحدى عجائب الشعب المصرى فى هذا الزمان فقط، لأن المصرى القديم كان النيل بالنسبة له هو شريان الحياة والاقتصاد معاً.

هذا بالنسبة لقطاع النقل الداخلى سواء كان النقل البرى أو النقل النهرى أما بزنس النقل البحرى وتجارة الحاويات والترانزيت، فنحن بحاجة إلى دراسة تجارب دول مثل سيرلانكا وسنغافورة والتى أصبح فيها النقل البحرى وعمليات الشحن والتفريغ من أهم مصادر الدخل القومى لديها، وقد وصل عدد الحاويات فى ميناء سنغافورة إلى أكثر من 29 مليون حاوية عام 2010 وهو رقم يوضح حجم الدخل القومى لها من وراءه وقوة الاستثمار فى هذا القطاع، ومن سنغافورة إلى سيرلانكا نجد محطة جايا للحاويات فى سيرلانكا وهى مجرد محطة فى ميناء كولومبو أجرت عمليات مناولة لأكثر من 2.4 مليون حاوية خلال عام واحد فقط ! محققة أرقاما قياسية تحطمها بنفسها عاماً بعد عام.

وهو ما يدفعنا للبحث عن الاستثمار فى هذا القطاع الحيوى وبخاصة على مدخلى قناة السويس ومناولة ونقل الحاويات عبر ناقلات الحاويات العملاقة، وبخاصة أننا بدأنا بالفعل فى ميناء دمياط القريب من بورسعيد ولكن كالعادة نبدأ بحماس فى الافتتاح وبعد الاحتفال وقص الشريط نعود لحالة الكمون التى اعتدنا عليها، ومنذ أيام تمت الموافقة على افتتاح مدرسة فنية للمعدات الثقيلة والحاويات فى بورسعيد لتخريج عمالة تواكب فرص العمل المتاحة، وهى خطوة جيدة وأتمنى أن يجد خريجا هذه المدرسة بعد ثلاث سنوات بورسعيد وقد تحولت لمركز عالمى لتداول الحاويات فى منطقة الشرق الأوسط وبخاصة أن الله قد منحنا مقومات المكان ومنحنا العقل الذى نفكر به فى الاستفادة من نعم الله علينا والبحث عن كنز النقل المفقود.






مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوعمرالفاروق*

*** مصر الان تغيرت كثيرا عن مصر مبارك ***

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو محمد

كلام جميل

مقال راااائع.........

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

بورسعيد هاتنتعش

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالباسط القصاص

مقالة جميلة هادفة

الي كل مسؤل اعطانا الله العقل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة