خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": قبس من نور النبوة

الثلاثاء، 12 يونيو 2012 07:54 ص
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": قبس من نور النبوة خالد صلاح رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل تريد أن تتعلم السياسة بمنطق النبى محمد صلى الله عليه وسلم؟
حسنا، خذ هذه القصة لتتعلم من رسول الله كيف تنتصر بالصبر، وكيف يكون التراجع فنا من فنون النجاح الحقيقى فى العمل العام، وكيف تصير الحلول الوسط معجزة، وكيف تفهم أن الانتصار.. لا يعنى أبدا أن تسحق خصمك حتى النهاية، بل تفتح له بابك واسعا ليدخل تحت مظلتك، ويعمل إلى جوارك.

تعرف أنت ما الذى قاله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لنبينا الكريم فى صلح الحديبية، الصحابة كانوا فرسانا أشداء، لا يعصون لله ورسوله أمرا، فبايعوا النبى تحت الشجرة فى بيعة الرضوان، ورأوا الجنة تلوح فى الأفق وهم يحلمون بالجهاد المرتقب ضد كفار قريش، غير أن النبى صلى الله عليه وسلم، مضى فى الاتجاه المضاد لهذه الأحلام تماما، ولم يمض إلى الجهاد، لكنه وافق طوعا وبقناعة كاملة على أن يوقع صلح الحديبية مع زعماء مكة!!
كان الصلح صدمة هائلة لكثير من الصحابة، حتى إنهم غرقوا فى الغم والهم، وأطلقوا على اتفاقية الحديبية اسم «صلح الدنيئة»، ولم يُخفِ الكثيرون دهشتهم للأسباب التى دفعت رسول الله إلى توقيع هذه المعاهدة، بعد أن كانوا قد بايعوه على القتال.

هل تعرف ما الذى وافق عليه النبى فى هذا الصلح؟
رفضت قريش أن يبدأوا الاتفاق بكلمة «بسم الله الرحمن الرحيم» فوافق النبى على ذلك.
رفضت قريش أن يكتبوا صفة النبى بأنه «رسول الله إلى العالمين» فوافق النبى على ذلك.
أصرت قريش على أن يعود النبى وأصحابه دون إتمام «العمرة» التى سافروا كل هذا الطريق من أجلها، فوافق النبى على ذلك.

أصرت قريش على عقد هدنة مع الدولة الإسلامية الجديدة مدتها عشر سنوات، فوافق النبى على ذلك.
طلبت قريش أن يرد النبى كل من يهاجر مسلما من مكة إلى المدينة بعد توقيع هذه الاتفاقية، فوافق النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك.

طلبت قريش، بكل وقاحة، ألا تعامل النبى بنفس المنطق، وأصرت على أن من يعود من المدينة إلى مكة مرتدا عن دين الله، لا يردونه هم إلى النبى من جديد، فوافق رسول الله على ذلك.

ما هذا يا رسول الله؟ كيف توقع على صلح بهذه الشروط المجحفة؟
هكذا تفجرت القلوب بالأسئلة والمشاعر بالغضب، حتى إن على بن أبى طالب رضوان الله عليه، حاول إثناء النبى عن وضع خاتمه الشريف على هذه المعاهدة الظالمة، كيف توافق على ذلك يا نبى الله، ونحن الأعلون فى الأرض، ونحن الذين انتصرنا فى بدر بعون من الملائكة، ونحن الذين أسسنا دولة قوية على أرض يثرب، يخافها العرب جميعا بما فيها من عقيدة سليمة، ورجال أشداء.. كيف يا رسول الله؟

لكن حكمة النبى كانت أعظم من هذا الغضب، ورؤيته فى الدعوة، وبصيرته فى السياسة دفعته لأن يضع خاتمه على «صلح الدنيئة»، ليكسب أرضا جديدة لم تنتبه إليها قريش، فالنبى حصل على اعتراف بدولته الجديدة من خصومه فى مكة، والنبى استطاع بهذا الاتفاق أن يضمن عودة الصحابة إلى «العمرة» فى العام التالى، دون أن يتعرضوا للمواجهة حقناً لدماء هذه العصبة المؤمنة الأولى، والنبى ضمن بهذا الاتفاق ألا يبقى فى المدينة خائن مرتد، فيما ضمن أيضا أن يبقى فى مكة كل المسلمين الجدد الذين يؤمنون بالدين الحق سرا، وينشرونه بين القبائل التى تزور بيت الله الحرام، ثم كان صلح الحديبية هو الجسر الذى عبرت عليه الدولة الإسلامية نحو «فتح مكة» وعودة راية التوحيد لتعلو فوق الكعبة.
انظر كيف يفكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظر كيف يكون التراجع حكمة رشيدة، وكيف تكون الحلول الوسط مقدمة للانتصار، وكيف تكون السياسة ساحة للأفكار والآراء، وكيف يكون الجهاد موعدا مع النصر، لا موعدا مع الموت بلا مقابل.

هذا قبس من نور النبوة فى عالم السياسة، انظر الآن من حولك لترى، من يفكر بهذه الطريقة، ومن يؤمن بحكمة النبى، حتى من بين هؤلاء الذين يعدون الأمة بدولة على منهاج النبوة.

هذا نبينا حين يحكم، وهذا رسولنا حين يفكر ويفاوض الخصوم، وهذا معلمنا حين يقبل بالحلول الوسط، وهذا هو الزعيم المنتصر الذى قال لهؤلاء الذين حاربوه باطلا طوال سنوات الرسالة: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

من هذا، ومن أنتم؟
هذه القصة بين يديك، تعلم أنت منها ما شئت.

مصر من وراء القصد.

أخيرا.
أستأذن فى الاعتذار عن عدم الكتابة لمدة سبعة أيام بدءا من غد الأربعاء.
سأفتقد متعة قراءة التعليقات على الموقع، حلوها ومرها.







مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مصطفى

تسلم ايدك

الله ينور عليك هو دا المفروض نتعلمو بجد

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد الشرقية مهندس مدنى سابق الاحداث

حبيب الشعب المصرى ا/ خالد صلاح .... تذكر كلمتين من اخ لك ...

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالفتاح إبراهيم

ولكم في رسول الله أسوة حسنة

جزاكم الله خيرا
التعليق فووووق

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد الشرقية مهندس مدنى سابق الاحداث

و كلمتين قلناهم للشعب الطيب ايام انتخابات البرلمان ...................

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد برهامى سلفى معتدل

اقسم بالله العظيم انى بعد تفكير و تحليل اخترت اخف الضرر و هو شفيق اقرأ و رد باحترام

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى حر وبس

مقال جميل تسلم ايدك

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد سليم مدرس ثانوى

لن انتخب واحد بيتمرمغ تحت رجلين المرشد لانة ببساطة سوف يمرمغ رؤوسنا فى الطين

عدد الردود 0

بواسطة:

الاســــــــــــــــــيوطى

قبل ما تفكر تنتخب مرسى العياط

عدد الردود 0

بواسطة:

سعيد حاتم الهواري

لا للأخوان المتأسلمين

التعليق فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

اسلام المهدى ........

مرسى الى الان لم يتحلل من البيعة للمرشد .. هل ترضى ان تبايع بنفسك و مالك و عيالك لشخص مثلك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة