لم تكن زيارة راشد الغنوشى، رئيس حزب النهضة التونسى إلى مصر لمقابلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، صدفة أو من قبيل الزيارة العابرة، ولكنها جاءت بعد دراسة لعدة أشهر للوضع فى مصر ولتطوره سواء على صعيد الانتخابات الرئاسية أو على صعيد ما يحدث بين أطراف العملية السياسية فى مصر وفى مقدمتها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والإخوان المسلمين، وبعد استطلاع رأى قام به الغنوشى خلال الشهر الماضى لعدد كبير من الشخصيات العامة والقيادات الحزبية فى مصر، الإسلامية منها وغير الإسلامية.
ووجه الغنوشى فى زيارته التى لم تستغرق أكثر من 48 ساعة فقط، بدأها مساء السبت وانتهت مساء الاثنين، رسالة هامة إلى الإخوان المسلمين وحزبها "الحرية والعدالة"، مفاداها الحرص على التوافق الوطنى الحقيقى، والحصول وإعطاء كل الضمانات التى تؤسس لإعادة بناء مصر ديمقراطية والحذر كل الحذر من التهاون أو التعالى الذى يضيع الثورة ويحبط ثورات الربيع العربى.
وأوصى الغنوشى فى لقاءاته سواء مع الإخوان المسلمين الذى تم فى مركز الجماعة بالمقطم أو مع د.عبد المنعم أبو الفتوح، أو مع قيادات الحرية والعدالة، وحمدين صباحى المرشح السابق للرئاسة، بضرورة التوافق والحرص على أن يتنازل كل طرف عما يستطيع أن يتنازل عنه بهدف تكوين جبهة قوية من جميع الأطراف، حرصا على منع عودة النظام القديم أو أى من أنصاره لضمان نجاح الثورة المصرية.
ونبه الغنوشى فى جلسته الخاصة بقيادات بجماعة الإخوان المسلمين الذى كان أول لقاء وأكثرهم حساسية، إلى ضرورة لم الشمل للمصريين باختلاف توجهاتهم حتى لا تتسبب الأمور فى مصر فى نكثة لدور الربيع العربى، ونقل أحد الحضور على لسان الغونشى قوله" أوصيكم بتقوى الله فى مصر وثورة أبنائها وأن تتقوا الله فى ثورات الربيع العربى"، وفسر موقفه بأنهم ليسوا فى تونس وحدها ولكن فى ليبيا واليمن وسورية ينظرون إلى الثورة المصرية على أنها القائد والحاضن للثورات العربية وتراجع الثورة المصرية سيصيب التونيسيين والعرب بإحباط لن تفيق منه الشعوب العربية بعد إلى بعد عقود طويلة.
فاللقاء الذى خصته الجماعة بحماية وحرص شديد، لم يحضره إلا المرشد العام د.محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ومحمود عزت، والمرشد العام السابق مهدى عاكف وأمين عام الجماعة د.محمود حسين، ولم يحضره أى من قيادات حزب الحرية والعدالة، وألمح الغنوشى فى جلسته التى استمرت أكثر من ساعة إلى ضرورة تقديم مرشح الإخوان للرئاسة د.محمد مرسى خطة عمل واضحة ومحددة، بجدول زمنى للشارع المصرى حتى يثق الناس فى البرنامج ويثقون فى مرشحهم، ونصح أن يكون مرسى مرشحا حقيقا لقوى الثورة وشباب مصر الذين أشعلوا الثورة.
وتضمنت استطلاعات الرأى التى قام بها الغنوشى خلال الأشهر الأخيرة باتصالات تليفونية مع عدد من القوى السياسية ومنهم الأحزاب الإسلامية النور والحرية والعدالة والاحزاب المدنية، مثل الوسط، والنهضة، ومرشحين للرئاسة كحمدين صباحى، ومن الشخصيات العامة د.يحى الجمل، نائب رئيس الوزراء السابق، محاولة لمعرفة الوضع فى مصر عن قرب، ومعرفة الموقف الذى وصفه الغنوشى بأنه ضبابى يحتاج لتماسك وطنى حقيقى بين القوى التى شاركت فى الثورة، ويحتاج رسالة طمأنة من الجميع للمواطن والرأى العام، وأوصاهم بأن ينحوا الخلافات حول التفاصيل وتفقوا على مبادئ عامة، مقدما فى ذلك تجربة التوافق بين الأحزاب والتيارات السياسية فى تونس وما جرى من اختيار الهيئة التأسيسية ورئاسة الدولة والحكومة بالتوافق.
الغنوشى أكد أن حضوره لمصر حاليا ومناقشاته سواء مع الإخوان كجماعة أو حزب الحرية والعدالة وغيرهم من الأحزاب جاءت بوازع إنسانى وحرصا منه على مكانة مصر ودورها الرائد فى المنطقة، ووصف الزيارة بأنها ودية، كما التقى الغنوشى فى زيارته لمصر الدكتور عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور، على هامش ورشة العمل التى شارك فيها حزب النور بتونس حول الإصلاح فى دول الربيع العربى وسبل عدم عودة الفساد الذى صنعته الأنظمة السابقة.
يذكر أن حركة النهضة فى تونس حسمت مبكرا جدا الجدل حول ما يتعلق بالنص على" الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى" فى الدستور الذى يتم إعداده، واحتفظوا بالنص القديم أن "تونس دولة لغتها العربية ودينها الإسلام"، وذلك كما قال وقتها للمحافظة على الحد الأدنى المتفق عليه بين القوى السياسية.
يذكر أن الغنوشى أعلن فى وقت سابق تأييده لترشيح د.عبد المنعم أبو الفتوح فى انتخابات الرئاسة.
تفاصيل 48 ساعة لـ الغنوشى فى القاهرة.. حذر الإخوان من التعالى أو التهاون فى ثورة مصر.. وأوصى الجماعة بلم شمل القوى السياسية.. ويؤكد: تراجع ثورة 25 ينايرسيصيب الثوار والشعوب العربية بإحباط
الثلاثاء، 12 يونيو 2012 07:47 ص