رغم قدسية الزواج ودوره العظيم فى تعمير الأرض فإن هناك الكثير من الأزواج خارج نطاق خدمة واحتواء زوجاتهم ورعاية أبنائهم خير رعاية، نظرًا لسلبيتهم وأنانيتهم وانشغالهم بأمور أخرى بعيدة كل البعد عن أمور أسرهم فضلاً على إهمالهم وتقصيرهم فى أداء واجباتهم كآباء، إلى جانب ضعف قدرتهم على تحمل عبء ومسئولية الزواج الجسيمة وعدم وعيهم بالمفهوم الحقيقى للقوامة وبالتالى يعتبرون أحد أهم أسباب خراب وإفساد الأرض وليس تعميرها!
فكم من الأزواج يعيشون كالجثث المتحركة فى بيوتهم لا صوت ولا تأثير لهم فى أى شىء، يأكلون ويشربون وينامون ويذهبون إلى عملهم فى صمت، لا يعبأون بما يدور من حولهم ولا يتساءل أى منهم: إلى أين تذهب زوجته؟ ومن تقابل؟ وإلى من تتحدث؟ هل يذاكر أولاده دروسهم؟ ما مستوياتهم الدراسية؟ وماذا عن طموحاتهم وأحلامهم المستقبلية؟ هل يواجهون مشكلات فى حياتهم تؤثر عليهم سلبًا وتُعيقهم عن التحصيل الدراسى؟ فيمَ ينفقون مصروفهم؟ ومَن يصادقون؟ ماذا ترتدى بناتهم عند خروجهن من البيت؟ هل ينزلن محتشمات عفيفات أم كاسيات عاريات لكلاب وذئاب السكك جاذبات؟! الأمر الذى يتسبب مع مرور الوقت فى انحراف زوجات وأبناء الكثير منهم بشتى الصور لغياب الرقابة والحوار!!
حقيقة الأمر أن معظم هؤلاء الأزواج - إن لم يكن جميعهم - كانت نشأتهم الأولى فى كنف أسر بالغت فى تدليلهم والانصياع لرغباتهم فزرعت فيهم السلبية والاعتماد الدائم على الغير فأصبحوا على أثر ذلك مستهترين، فلم تعلمهم كيفية اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية والثقة بالنفس وحثهم على التعاون ومساعدة من حولهم والتأثير فى الآخرين بشكل إيجابى ونافع إضافة إلى عدم تعليمهم كيفية الاعتراض على الأخطاء والعيوب والسلبيات والعمل على تصحيحها، ولذلك عندما كبروا وبموجب الفطرة والطبيعة البشرية تزوجوا وأصبحوا فى مواجهة مع المسئولية التى لم يتحملوا يومًا ما جزءًا بسيطًا منها، فاصطدموا بواقع جديد لم يكونوا يتخيلونه! ولأن التعليم فى الكبر كالنقش على الماء يفشل العديد من زوجات هؤلاء الأزواج فى إحداث تغيير فى طبعهم وإشراكهن فى تحمل جانب من المسئولية التى يُضطررن بعد ذلك لحملها كاملة فتبدأ رحلة الكفاح الصعبة والقيام بدور مزدوج لا طاقة لهن به ولن يصبرن عليه طويلاً، وقتها فقط لن يكون أمامهن سوى اختيارين: إما الطلاق والخلاص نهائيًّا وبالتالى تشتت وتفكك الأسرة، أو التحمل البطولى الذى يتعبها ويمرضها على المدى الطويل جسديًّا ونفسيًّا!
المؤلم أن الكثير من الأبناء - ورغم نضال وتضحيات وصبر أمهاتهم المثقلات بعبء المسئولية التامة عنهم بسبب سلبية وتقصير أزواجهن - لا يقدّرون ذلك بل ينكرون الجميل ويسيئون التصرف والمعاملة وغالبًا ما يرثون السلبية والتواكل عن آبائهم مما يشعر كل أم من هؤلاء باليأس وخيبة الأمل الشديدة لأن عمرها وتضحياتها ضاعت هدرًا وهباء!!
ولمحاولة الحد من تفشى ظاهرة الأزواج والآباء السلبيين حفاظًا على الأجيال القادمة أقترح التالى:
أن يكثر الإعلام العربى بمختلف وسائله من تقديم المواد التربوية والاجتماعية سواء فى صورة برامج أو مسلسلات هادفة جادة وجذابة فى نفس الوقت، أو فى صورة مقالات وصفحات متخصصة فى هذا الشأن تنشرها الصحف بأسلوب شيق وغير ممل.
أن يتبنى خطباء المساجد فى جميع البلاد العربية مثل هذا النوع من القضايا التربوية وتعليم الناس ما جاء فى القرآن والسنة بخصوص هذا الأمر مع توضيح المفاهيم وتصحيحها وتحذير الرجال من خطورة التخلى عن المسؤولية وضياع من يعولون.
الاهتمام الشديد بالأبناء منذ نعومة أظافرهم وغرس قيمة الرجولة والمروءة والتضحية والبذل من أجل الآخرين بداخلهم، وحثهم على التحلى بالإيثار والحفاظ على الأمانة والتمسك بالفضائل والمُثُل لأنهم آباء وأمهات المستقبل.
ضرورة سؤال كل المقبلات على الزواج عن طباع وخصال من سيرتبطن به عن طريق مصادر عدة موثوق فيها سواء الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء لتكوين صورة حقيقية عن شريك العمر حتى لا تفاجأ بعد ذلك بما لا يسر ولا يُرضى، أما إذا ابتلاها الله بزوج من هذا الصنف فعليها ألا تستسلم وتحاول إشراكه بكل السبل ربما تنجح وربما تفشل لكن المحاولة مطلوبة وواجبة.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمود المالح
نسبية
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
السلبية والرجولة الوهمية أعيت من يداويها
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد بركات
مصراوى
وهناك ايضا رجال داخل الخدمه
عدد الردود 0
بواسطة:
فارس
وراء كل رجل عظيم والدة عظيمة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
سلبية الرجل خطر يهدد المجتمع
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
على السيدات القيام بالدور الذين خلقوا من اجله
عدد الردود 0
بواسطة:
ابومنعم الشطوي
شكرا للكاتبة والمعلقين واليوم السابع..
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعيد الجزائر
مقالك يا أستاذة هناء يصلح أن يكون مشروعا لنهضة الشعوب العربية .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عاطف
حقوق وواجبات
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
لا اوافق على المقال