أترغبون فى رئيس كامل الأوصاف.. مُنزه من كل عيب.. مُبرأٍ من السماء!! رئيس بلا نقاطٍ سوداء.. طيب المحيَّا بهى الطـلَّة.. له طهارة عـيسى وفِطنة محمد "صلى الله عليه وسلم" وقوة موسى وبراءة يحيى "عليهما السلام".. بلا ماضٍ بلا أخطاء؟!!
جلستم تُتمتون سرًّا وتدعون المولى أن يُرسله لنا رأسًا إلى الأرض من السماء!! وتركتم المليونيات تتوالى على ميادين البلاد يتبعها الخراب والفساد.. ومسرح الأحداث بات مُكتظًّا بالضحايا والوعاظ!! ولما باتت الصورة دموية لا تحتمل السكوت هرولتم إلى مخابئكم تبكون وتكررون الدعاء.
ولكن الواقع عكس ما تتصورون.. بل هو نقيض لكل ما تمنيتموه.. ربما آمالنا فى رئيس مثالى جرتنا إلى تشنيع ـ بل وتصديق ما يقال عن ـ أعـِراض المرشحين لرئاسة الجمهورية المصرية واحدًا تلو الآخر! كى نُسقط عنه كل الصفات والكرامات التى زينه بها أعوانه.. ثم تسللتم ليلاً لتضعوها سرًّا على من تريدون.. وفى الصباح تخرج المليونية لتندد وتشجب وتستنكر إبعاد هذا عن مضمار الرئاسة.. وذوبان مصداقية هذا، وفضح أطماع هذا بـ "المنصب الموعود"..!
للحظات أسألكم التفكير بحيادية ومنطقية دون سل السيوف لبعضنا البعض وتغليب نوازعنا الشخصية على مصلحة الوطن: ألا ترون المشهد كيف بات دمويًّا لأبعد الحدود؟ ألا ترون ثورتنا التى سالت لأجلها دماء أبناء مصرنا الغالية التى أوشكت أن تضيع وتُشتت وبيد العسكرى تُكبل بالقيود؟!
لا نريد رئيسًا نتعبد تحت قدميه ليل نهار ندعو له بالعمر المديد.. ولا شاعرًا ذا عبارات رنانة تطرب له آذاننا.. ثم نسأله منها المزيد.. أو عسكريًّا يحلم بالصولجان.. وإعادة تمثيل فتوحات بنى يزيد!!
نُريده – بل مصر تريده – "إنـسانًا" يعرف ما نُريد.. يُرمم جدران الوطن ويحقن نزيف الدماء.. يُعيد كرامة شعب سُلبت حريته، بات ظهره محنيًّا من العناء.. يكفكف دمع ثكالى الشهداء.. الذين نسوا الحياة من فرط البكاء.. يزرع أرضنا السمراء.. يصنع نهضة حقيقية علمية اقتصادية حضارية شاملة، يكون كل المصريين معه فيها شركاء.
لأجل مصر سنُحسن الاختيار بعقل وذكاء.. لا نريده "مُبارك" آخر يجرجرنا خلفه للوراء!!
