درويش عز الدين يكتب: من يدير مصر الآن‎؟

الأربعاء، 09 مايو 2012 07:46 م
درويش عز الدين يكتب: من يدير مصر الآن‎؟ المجلس العسكرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صورة قاتمة شديدة السواد تبرز إلينا من المحروسة، تجعل قلب كل محب مخلص لها يفور حزنًا وكمدًا، ولا يجد أى متابع للأحداث مصدرًا موثوقًا به يستقى منه الحقيقة التى يبحث المصريون عنها، ولكن هناك من يأبى إيضاحها، وتستمر إدارة مصر المحروسة بمنطق العزبة التى يكثر مالكوها عند المغنم، ولا تكاد تشعر بأحدهم عند المغرم.

ماذا يحدث لمصر؟ نجد برلمانها يتخذ قرارًا بتعليق جلساته اعتراضًا على تجاهل المجلس العسكرى لرغبته فى سحب الثقة من الحكومة الفاشلة بكل المقاييس، ولا تعلم ما حكمة المجلس العسكرى فى التمسك بها بدعوى أنه حسب التعديلات الدستورية لا يحق للبرلمان سحب الثقة من الحكومة، فإلى هذا الحد يحترم المجلس العسكرى التعديل الدستورى وبنوده ولو كانت خرابًا على البلاد؟! فالتعديل الدستورى أهم من شعب مصر، والمهم لدى العسكرى أن تكون السلطة بيده هو فقط، وليس لكيان آخر أن يشاركه فيها.

ثم يخرج علينا السيد رئيس البرلمان بأنه تلقى اتصالات من المجلس العسكرى لإجراء تعديل وزارى محدود للخروج من هذه الأزمة، وهو حل وسطى، قد يبدو مقبولاً لإنهاء أزمة بلا معنى، فى وقت لا مجال فيه للمزيد من الأزمات، ثم يصدم ويصم أذنيك تصريح للسيد الجنزورى بعد لقاء بالمجلس العسكرى أنه ليس هناك أى تعديل وزارى ويعلق على تصريح رئيس البرلمان بأنه ربما سوء تفاهم ويزيد الطين بلة تعليق السيد الفنجرى عضو المجلس العسكرى، وتأكيده بعدم وجود أى نية لأى تعديل وزارى، ويعلق على ما ذكره رئيس البرلمان بأن من أعلن عن وجود التعديل الوزارى هو المسئول عن إجرائه.

فإلى هذا الحد صار الحديث عن برلمان منتخب وتصريحات رئيسه التى تجعل المصريين ظهرهم للحائط فهل كان هناك اتصال من المجلس بالكتاتنى ووعد بإجراء تعديل وزارى من أصله أم لا؟ وهل الأسلوب الذى يتحدث به الجنزورى والفنجرى عن تكذيب رئيس البرلمان المنتخب هو صورة تناسب مصر الحضارة ومصر الثورة؟ وفى ظل هذا التخبط وتبادل الأكاذيب أليس من حقنا أن نسأل: أين الحقيقة؟ وربما أولى بنا أن نفيق ونعرف، بل ونتأكد من، أن ما تمر به بلدنا من انفلات وفشل حكومى هو أمر مخطط وليس وليد صدفة كما يروج له، بل إن الأزمة الحادثة فى الاعتداء الخارج عن حدود الأدب واللياقة الأخلاقية قبل الدبلوماسية على السعودية ورموزها ما هو إلا خطوة للقفز بالبلاد إلى الهاوية، بل إلى الدرك الأسفل منها، وهو ما يبدو لنا أنه مخطط وليس عفويًّا، وإلا فأين استخبارات الجيش وتحريات الأمن من هذا الحادث قبل وقوعه؟ وما الإجراءات التى اتخذت لمنعه؟ ولماذا لم يخرج من وزير الخارجية الهمام بيان تفصيلى بالحقيقة قبل أن يترك الشباب الثائرين للخروج عن المألوف تأثرًا بأكاذيب يروج لها تحت بصر من يحكمون البلاد؟ ونتساءل أيضًا: هل فعلاً يرفض الوزراء التوجه إلى مجلس الشعب للرد على استجوابات النواب، ومنهم وزير الداخلية؟

وهل البرلمان دولة أخرى غير دولة المجلس العسكرى والحكومة؟ وهل نصدق ما يصدر من تصريحات أم أن ما زرعه الجميع من مناخ الشك والتشكيك يجعلنا لا نصدق أحدًا ولا نستثنى أحدًا من الشك فى قوله لأن ما يحدث على أرض الواقع شىء يدمى القلوب؟ وما سر إلهاء الناس بالاعتصام أمام وزارة الدفاع؟ ومن المسئول عن البلطجية الذين يقتلون الثوار ويقذفونهم بالمولوتوف؟ وما صحة تصريحات السيد نائب قائد الشرطة العسكرية للثوار بأن مبارك على رأس الجيش؟ واذا كان اليهود أعداءنا فاذهبوا وحاربوهم.

إن مصر بشعبها العظيم الصابر لا تقبل أن يمن عليها أحد، لا المجلس العسكرى ولا الحكومة ولا البرلمان يصدرون غير الكلام، لقد مل الناس من هذه الدائرة الجهنمية التى تديرها أصابع الشيطان، ولا يمكن أن يقبل عقل بأنها عفوية.

يا بنى وطنى.. مصر تسقط، نعم تسقط، ومن يَقُل غير ذلك فهو كاذب أو مغرض، نعم تسقط البلاد، وتتجه إلى مخطط المزيد من الحرائق الحيوية، والمزيد من الفوضى والصراعات كلما اقتربنا من موعد تسليم السلطة، وهذا الصراع الذى يتأجج بين القوى السياسية وبين بعضها، وبينها وبين المجلس العسكرى، ربما يدفع إلى السيناريو السيئ الذى نخشاه ونحذر منه، وهو دفع البلاد إلى انقلاب عسكرى، ولا نستبعد إعلان أحكام عرفية تحت مسمى أن المجلس أعطى للقوى السياسية الكثير من الوقت، ولكنها فشلت فى الوصول إلى اتفاق يحفظ للبلاد استقرارها (وهى قولة حق أريد بها باطل)، وبالتالى ففترة تحت الحكم العسكرى ستجعل القوى السياسية تثوب إلى رشدها وتتوافق فيما بينها وتوافق على ما يخطط له العسكر، بعد أن يتأكدوا من أنه الوحيد القابض على مفاصل البلد.

فات الجميع، من ساسة وعسكر، أهم أطراف المعادلة، وهو الشعب، الذى أفاق، ولو متأخرًا، من غفلته، ولن يقبل إلا بما يُرضيه، وهذا الشعب لديه من الذكاء الفطرى ما يجعله - رغم ما يردد من بعض هتافات التأييد لأىٍّ من هذه القوى فى مناسبة كعيد العمال - يخرج عن بكرة أبيه، ولن يرضى إلا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولن يثنيه شىء عن الوصول لهذه الغاية، وسيلفظ من يقف ضد ما يريد أيًّا كان هو من بين الأطراف التى تتواجد على الساحة.
أسال الله تعالى الاستقرار لبلدى، والحكمة للقائمين عليها، وأن يحفظها الله من الفتن.. آمين.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

gadabogad

صدقت القول

عدد الردود 0

بواسطة:

Abo Baraa

هى نصيحة قيمة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة