صباح أمس، الثلاثاء، شارك الرئيس الفرنسى المنتخب فرانسوا هولاند، إلى جانب الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزى، فى ذكرى الثامن من مايو المصادف لانتهاء الحرب العالمية الثانية، بعد انتصار الحلفاء على دول المحور، بعد أيام قليلة من انتهاء حملة انتخابية قاسية، تبادل فيها المرشحان كافة الاتهامات الممكنة وغير الممكنة، ما يعنى انتهاء الصراع بينهما وبدء عهد من المصالحة والهدوء على الساحة السياسية الفرنسية.
قصر الإليزيه قال إن الدعوة جاءت من الرئيس ساركوزى، فى لفتة حياها بشدة الرئيس المنتخب فرانسوا هولاند وقال عنها، "بفضل هذه المناسبة استطعنا أن نرى الرئيسين، الرئيس ساركوزى الذى لا يزال يمارس صلاحياته، والرئيس الجديد الذى انتخبه الفرنسيون، ويمكننا القول إن هذه الصورة الجميلة التى نراها كانت ولا تزال هى الهدف الأكبر فى حملتى الانتخابية، والذى شرعت فى تفعيله بدءاً من اليوم التالى لانتخابى: ألا وهو المصالحة".
ومنذ 17 عاماً، وتحديداًَ عام 1995، أحيا الرئيس فرانسوا ميتران، الذى كان فى طريقه للخروج من السلطة، بعد انتهاء ولايته، نفس المناسبة بحضور الرئيس المنتخب وقتها جاك شيراك.
هذه هى الديمقراطية فى أبلغ صورها، منافسة شرسة على الحكم، ثم احتكام لأصوات الجماهير، يعقبها كلمة للرئيس الخاسر يشكر أنصاره، ويهنئ الرئيس المنتخب، ثم كلمة للرئيس الجديد يشكر الرئيس الخاسر ويتمنى له التوفيق.
وفى بلاد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التى يصنفها بعض العرب والمسلمين بالشيطان الأكبر، يستعين الرئيس الحاكم بالرؤساء السابقين فى مهام خارجية، لصالح قضايا الوطن، وحين تتعرض البلاد لأزمات كبرى، لذلك رأينا جورج بوش الابن، وهو رئيس، إلى جوار سلفه بيل كلينتون، حينما تعرضت أمريكا لهجمات إرهابية فى الحادى عشر من سبتمبر 2011.
فى الانتخابات الرئاسية المصرية حرب تمزيق لافتات بين معظم المرشحين، وبعض أنصار المرشحين يعتبر أنه من الشطارة أن تمزق دعاية المرشح المنافس، والبعض يجند ميلشيات كل هدفها الذهاب إلى مؤتمر انتخابى للخصم وافتعال أزمات لإفشال المؤتمر.
وقبل أن تبدأ الانتخابات شنت جماعة الإخوان المسلمين حملة ضارية للتشكيك فى نزاهة الانتخابات المقبلة، وهددت بالنزول إلى الشارع إذا فاز مرشح بعينه، وهو الفريق أحمد شفيق، وهذا التهديد يعكس عدة أمور، منها أن الجماعة على يقين بخسارة مرشحها، لذلك تحاول افتعال الأزمات، والتشكيك فى نزاهة الانتخابات، ومن ثم نشر حالة من الفوضى فى بلد لا يزال يعانى من الفوضى.
مثل هذه التصرفات لا تمت للديمقراطية بصلة، والهدف منها مصلحة الجماعة فقط، بغض النظر عن خسائر الوطن، كما أنها فى الوقت ذاته دليل على عدم احترام الإخوان للديمقراطية، لأنهم حين فازوا فى انتخابات البرلمان اعتبروها نزيهة، وحين تضاءلت فرصهم فى الانتخابات الرئاسية بدأوا التشكيك فيها، لذلك أتمنى على الإخوان قبل غيرهم التعلم من ساركوزى وهولند.. معنى الديمقراطية الحقيقى.