أعرب الدكتور جميل سلامة، أمين سر هيئة الوفاق الفلسطينى، عن استيائه الشديد من تأخر مسيرة المصالحة الفلسطينية، خاصة بعد مضى نحو خمس سنوات على انطلاق مسيرة المصالحة الوطنية بين الفرقاء الفلسطينيين، وفى مقدمتهم الفصيلين الأساسيين حركتى فتح وحماس، مشيدا بدور مصر فى هذا الملف والذى وصفة بـ"المتميز والدءوب"، معتبرا أن هذا الملف يمر بين مراحل مد وجزر وتعثر وانطلاق بين كل مرحلة وأخرى نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية على حد سواء.
وأرجع د. سلامة فى حديثه لـ"اليوم السابع"، مسألة الإخفاق فى الملف الفلسطينى إلى حداثة الممارسة السياسية للشعب الفلسطينى داخل أرضه فى الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنه يرى أن شعبه قطع شوطا مهما بعد توقيع اتفاق القاهرة بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، واتفاق الدوحة برعاية قطرية بين الرئيس أبو مازن وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، مؤكدا أن هناك عقبات فى التنفيذ لعلها تعود إلى تراجع الثقة بين الفرقاء، بالإضافة إلى بعض العوامل الإقليمية فى هذا المحيط أو ذاك، ولكن فى المجمل يجمع الشعب الفلسطينى بكل مكوناته على أهمية المصالحة الفلسطينية التامة وإنهاء الانقسام وأن وجود حكومتين فلسطينيتين فى الضفة الغربية وقطاع غزة سابقة لم تحدث فى التاريخ الفلسطينى وأغلب دول العالم إن لم يكن جميعها.
ويوضح أن الشعب الفلسطينى، اليوم، يضغط على الفرقاء والرئيس أبو مازن ومشعل وباقى قادة الفصائل من أجل إعمال وتطبيق بنود اتفاق القاهرة والدوحة والشروع فى تشكيل حكومة الوفاق الوطنى الفلسطينى، ودمج الأجهزة المدنية والأمنية للحكومتين والتحدث بلسان فلسطينى واحد وبمؤسسة تمثيلية فلسطينية واحدة.
وحمل سلامة، حركتى فتح وحماس مسئولية تعطيل مسيرة المصالحة الفلسطينية، لأنهما من صنعا الانقسام فى أحداث يونيو 2007 الدامية بين شركاء الوطن ورفاق البندقية والعمل السياسى، ولعل ذلك يعود لحداثة التجربة السياسية حيث إن الشعب الفلسطينى ليس لديه عراقة فى العمل السياسى والديمقراطى نتيجة وجوده تحت الاحتلال وتعرضه لكل أشكال الظلم والقهر والإبعاد إلى جانب تبعثر الشعب الفلسطينى داخل الدولة وخارجها.
ويشير إلى أن هذه العوامل الموضوعية الذاتية بمجملها تشكل المسئولية الحقيقية عن تعثر مسيرة المصالحة ولكن إذا كان شعبنا يتفهم هذه الظروف إلا أنه لا يغفر للفرقاء الفلسطينيين وبالتحديد فتح وحماس هذا الوقت الطويل الذى تجاوز الخمس سنوات ومسيرة الانقسام لا تزال مستمرة، بل فى بعض الأحيان تتعمق وتترسخ وكأننا بصدد كيانين سياسيين فلسطينيين، وبالتالى فإن هذا الموقف مؤسف ويخدش كبرياء الفلسطينيين ولا يغفره شعبنا إذا استمر هذا الحال.
يقول د. سلامة أن العاملين الإقليمى والدولى كانا دوما حاضرين فى الملف الفلسطينى بوجه عام وملف المصالحة بوجه خاص، فهناك قوى إقليمية وثيقة الصلة بالملف الفلسطينى ولها تأثير بشكل مباشر أو غير مباشر فى هذا الملف، فمثلا مصر لها باع طويل فى هذا المجال فضلا عن إيران وقطر وتركيا والعديد من الدول العربية، بالإضافة إلى العالم الغربى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، ومواقف هذه الدول يتفاوت بين موقف إيجابى حريص على المصلحة الفلسطينية ويلعب دورا كبيرا فى دعم المسيرة وهناك بعض الأطراف لها أجندات إقليمية وسياسية وأيديولوجية.
وتابع: الموقف الغربى على علاقة مباشرة بالموقف الإسرائيلى والذى يرى فى وحدة الموقف الفلسطينى تهديدا لمصالح العدو الإسرائيلى فتمارس علينا بعض الدول العديد من الضغوط مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على اعتبار أن أى حكومة وفاق فلسطينى قد تهدد مسيرة السلام وقد تضم أطرافا إرهابية.
وأضاف: أقول كما قال الرئيس أبو مازن، إن حماس جزء رئيسى من الشعب الفلسطينى لها الأغلبية النيابية وقد انتخبت من قبل الشعب الفلسطينى فى اقتراع عام ومباشر وبالتالى نحن نريد من كافة الأطراف الأخرى الترفع عن التدخل فى الملف الفلسطينى باعتباره شأنا فلسطينيا داخليا، كما أن الشعب الفلسطينى يريد شراكة بين كافة مكوناته السياسية، ونريد من كافة الأطراف الإقليمية والدولية دعم هذا المسار من أجل استرجاع شعبنا وحدته الوطنية بدلا من الواقع المرير القائم حاليا.
الفلسطينيون يرون فى مصر الجديدة أكثر صدقا فى التعاطى مع ملفهم وأكثر إخلاصا ووفاءا للقضية وبالتالى فإن مسيرة المماطلة فى ملف المصالحة فى عهد النظام السابق قد يكون مبررا أو متفهما من طرف الفرقاء، ولكن تلعثم هذا الموقف فى ضوء القيادة الجديدة لمصر الثورة مطلوب أن يكون أكثر وضوحا وإنجازا، فالجهد المصرى الحالى لا يتناسب مع ثورة 25 يناير ويجب أن ينسجم مع مبادئ الثورة الجديدة من خلال دعم الأشقاء الفلسطينيون واحتضانهم لإعلان الوحدة الفلسطينية الكاملة.
ويوضح أن مصر الطرف الأكثر تماسا بالملف الفلسطينى تاريخيا وجغرافيا، لأنها رائدة المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأدعوها إلى تكثيف جهودها فى هذا المجال بدلا من الدور الموسمى بين فينة وأخرى، وتعضيد جهودها مع جهود جامعة الدول العربية فى سبيل ذلك.
وألمح أن العديد من المسئولين المصريين أبلغوا الأشقاء الفلسطينيون أنهم قد ضاقوا ذرعا من تعثر جهودهم فى مسيرة المصالحة، لذلك أدعوا الأشقاء المصريين لممارسة دور ضاغط على الفرقاء الفلسطينيين بحكم ما لمصر من ثقل واحتراما لدى كافة الأطراف الفلسطينية.
أمين سر هيئة الوفاق الفلسطينى: حركتى فتح وحماس مسئولتان عن تباطؤ مسيرة المصالحة الفلسطينية.. وهناك عقبات أمام تنفيذ بنود اتفاقى مصر وقطر نتيجة تراجع الثقة بين الفرقاء الفلسطينيين.
الثلاثاء، 08 مايو 2012 05:51 م
د. جميل سلامة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة