حمدى يوسف يكتب: طريق

الإثنين، 07 مايو 2012 12:59 م
حمدى يوسف يكتب: طريق صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استيقظ من نومه فى موعده المعتاد مع سماع نداء بائع الفول ينادى على أهل الحى بصوته المميز، بجواره صوت المذياع يبث أغنية الصباح للمطربة أحلام لتبعث فيه إحساساً بالسعادة والتفاؤل، ثم بدأ فى ممارسة طقوسه اليومية التى اعتاد عليها كل صباح حتى حان موعد خروجه من البيت.

نزل فى موعده الذى تعود عليه وركب سيارته، على الرغم من تواضعها إلا أنها كانت دائما تتسم بالنظافة وتنال قدر كبيرا من الأناقه والاهتمام بها، لم يكن متهورا فى قيادته ولم يكن متعوداً على مخالفه قوانين المرور لما تتسم به شخصيته من انضباط على المستوى العام وفى أموره الشخصية، أشعل المذياع وهو يعتدل فى جلسته بالسيارة ليستكمل باقى طقوسه الصباحية ثم انطلق بها فى طريقه.

ما أجمل أن يقود سيارته فى صمت ويطلق العنان لخياله مع السيارة ليقطع كل منهم طريقه لتوصيله إلى الهدف فى وقت محدد، فقد كان يشعر بالسعادة وهو شارد الذهن أثناء قيادته فى مواقف وحكايات حدثت له أو مواقف تحتاج منه بعضا من الجهد فى التفكير للوصول إلى حل لها، فهذا هو الوقت المناسب للتفكير فى أغلب القضايا والمشاكل التى تواجهه، فقد تمكن فى الوصول لكثير من الحلول لمشاكل استعصى عليه حلها وهو يقود سيارته.

على بعد أنارت إشارة المرور اللون البرتقالى فما كان عليه إلا أن تأهب للوقوف فى الإشارة ثم عاود الانطلاق مرة أخرى، وما إن وصل إلى خارج المدينة وبدأ الخيال فى الجموح استعداداً للانطلاق فإذا به يشاهد امرأة على جانب الطريق وقد وقفت فى مكان خال من المارة فراوده إحساساً داخلياً أنها فى حاجة للمساعدة، بدأ فى خفض سرعة السيارة إلى أن وقف بعيدا عنها قليلا فتقدمت إليه المرأة وطلبت منه أن تركب معه لتصل إلى نهاية طريقها معه.

من جانبه شعر بحالة من كبت الحرية، ولكنه رضى بوجودها معه دفعا للملل الذى قد يصيبه من ناحية ومن ناحية أخرى يستطيع أن يتشاور معها ويناقشها فى بعض المشاكل التى تشغل باله عملاً بمبدأ عقلين خير من عقل واحد فى معالجه القضايا، أخذ يتجاذب أطراف الحديث معها وسرعان ما حدث تآلف من نوع غريب بينهما سمح له أن يتخطى حاجز الرهبة فى نقاشه معها، كما أنها كانت تتصرف بطريقة تبدو على سجيتها وهذا ما جعل الأمور تسير فى اتجاه قد يبدو صحيحا، أثناء تجاذب الحديث قابلته إشارة مرور فى لونها البرتقالى، فإذا بها تفاجئه قائلة: "أسرع أسرع"، فى لهجة آمره جعلته يرتبك فى اتخاذ القرار، فما كان منه إلا أنه كاد أن يكسر إشارة المرور ويتعرض لكارثة لا يعلم مداها إلا ألله.

تنفس الصعداء بعد تجاوز الإشارة وكان أول رد فعل له أن سألها.. هل تجيدين القيادة.. فأجابت بالنفى... صمت برهة ثم أكمل حواره معها.. وما إن وصلا إلى مفترق طرق وتأهب أن يدخل يميناً حيث نهاية طريقه فإذا بها تخبره أن يدخل يساراً.. أخبرها أنه يعلم الطريق جيداً.. ويعلم أيضا نقطة الوصول التى تريد الوصول إليها فهى فى نفس اتجاهه.. فما كان منها إلا أن أخبرته لندخل يسارا أفضل.. فأنا أشعر أن هذا الطريق أقصر وأسرع فى الوصول إلى الهدف.. رد قائلا.. لا.. إنه يتجه بعيدا عن مبتغانا.. أصرت على رأيها تماما وأن هذا الطريق هو الأقرب والأقصر.. وقالت لست جاهلة بالطرق فأنا من نفس المدية وأعلمها جيدا.. أوقف السيارة على جانب الطريق ثم نزل فى حركة سريعة وعفوية قائلا.. تفضلى أنت بقيادة السيارة.. ارتبكت قليلا وقد أصابها نوع من التردد ثم نزلت وجلست على كرسى القيادة.. وما هى إلا لحظات ثم قالت... ولكنى لا أجيد قيادة السيارات .. عادت الأمور إلى نصابها واعتدل صاحبنا خلف عجلة القيادة ليكمل المسير.. على مرمى البصر شاهد جمعا من السيارات وسيارة إسعاف فاستنتج أن هناك حادثاً قد وقع وما إن اقترب حتى بدأ فى خفض سرعته وكان هناك ممرا يسمح له بالمرور.. دفعها الفضول الأنثوى أن تشاهد التفاصيل فطلبت منه أن يقفا لتشاهد الحادث.. أخبرها ما القيمة فى مشاهده آلام الآخرين.. إنه حادث.. مجرد حادث يتكرر فى كل بقاع الأرض كى نتعظ منه وليكن لنا عبرة لنتأنى فى قيادتنا ونلتزم بقوانين الطريق.. فأجابت إننى شغوفة لمعرفة التفاصيل، فأنا أهتم بالتفاصيل دوما كى أقص على رفيقاتى الحادث لنجد مادة جيدة نقضى فيها أوقاتنا.

انطلق غير راض عن هذه الفكرة، مصمماً أن يكمل رحلته فى وقتها المحدد كى يتمكن من الوصول فى موعده، ويبدو أنها غضبت كثيرا لعدم اكتراثه بفكرتها وعشقها للتفاصيل.. وما هى سوى لحظات حتى شاهد حيوانا يعبر الطريق فى هدوء فأخفض من سرعة السيارة كى يعطى لهذا الحيوان الشارد فرصة كى يعبر الطريق.. فما كان منها إلا أن طلبت منه ألا يقف.. فهو يستطيع السير من خلف الحيوان ويكمل المسير دون أن يتوقف ودون أن يصيب الحيوان.

لم يدخل معها فى جدال قد أتقنته من كثرة تعودها عليه ولم يتحدث إليها بأن هذا حيوان لا يملك عقلاً.. وقد يأتى بحركة فجائية قد تتسبب فى مشكله لهما ولكنه أوقف سيارته تماما على جانب الطريق وقال لها فى هدوء. .من فضلك.. غادرى السيارة بهدوء.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

roma roma

سكة ابو زيد كلها مسالك...!!!!!!!!!!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

حمدي يوسف

في الإعاده فن وإفاده ..

عدد الردود 0

بواسطة:

roma roma

الرفيق قبل الطريق.....

عدد الردود 0

بواسطة:

شامية

أقول له يمين ..يقول لي شمال ...

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو منعم الشطوي

.. بل يسقط الحائط الرابع...!!!!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح لطف الله

طريق نختاره وطريق يختارنا

عدد الردود 0

بواسطة:

د. طارق النجومى

خلف الله خلف خلاف

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة