سامح جويدة

سفينة نوح

الأحد، 06 مايو 2012 10:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى تفهم «ماذا يحدث؟» يجب أن تعلم «لماذا يحدث؟».. فلا تتعجل فى الوصول إلى النتائج، واستبسل حتى لا تصاب بالاكتئاب.. اضحك على أى شىء قبل أن يضحكوا عليك فى كل شىء.. فالثورة لم تنشل منك لأنها فى قلبك، والتغيير لم يضع لأنه فى عقلك،

ومن الطبيعى بعد هذا الطوفان أن تكون الحياة السياسية مثل سفينة نوح تحمل كل الأطياف والأنواع حتى الحشرات والحمير والقرود الكل يبحث عن مكانه فى السفينة.. فاستمتع باللعب مع القرود والضحك على الحمير، ولا تحرق دمك وتهلك أعصابك فى البحث عن الطرف الثالث، لأن المشكلة الحقيقية هى أننا عالم ثالث يحتاج إلى جهد عظيم ليتحرك للأمام ولمجرد ممول أو أكذوبة للتحرك للخلف،

فهناك الملايين الغارقون فى الجهل والمرض والبطالة والفقر.. فابتسم حين تسمع البعض يحدثك عن مضاجعة الوداع أو مبايعة «استبن»، واضحك حينما يقول البعض اسفين يا ريس ويتمسحون بشقوقه، فحياتك بالدنيا ولن ينفعك منهم أحد، حينما تسقط غيظا أو كمدا.
والسياسة هى فن التعامل مع الواقع وإدارة المتاح وهذا للأسف هو المتاح الآن، فالأفواه الجائعة لا تطلب الحرية بل وجبة ثلاث قطع،

والوعى السياسى بدايته محو الأمية، فلا تصدق كلام المحللين السياسيين؛ فالتحليل على بطن فاضية مختلف عن التحليل فاطر.. ولن تعرف قيمة الخمسين جنيها إلا لو عشت فى مجاهل العشوائيات لتفهم أن أى مظاهرة فى أى شارع أرحم من المهالك التى هناك، فلا تتحدث معهم عن المرشح المحتمل بل كلمهم عن العشاء المحتمل فهم لا يصدقون إلا ما يأكلون وما يشاهدون، فلقد انتقلنا أمامهم فجأة من مرحلة الصراع مع النظام السابق إلى الصراع على النظام الحالى إلى الصراع من اجل الصراع، فلا تندهش حينما تجد الفلول تتقدم الصفوف وكأننا كنا نلعب الكاميرا الخفية.

وإذا أردت أن تعرف ماذا حدث للثورة؛ فاسأل نفسك أولا ماذا فعلت لها، ولماذا الخطوة الأولى أصابت والثانية خابت والثالثة غابت، ولماذا يفكر الأغلبية الآن فى الرجوع إلى نفس الوضع الباهت الفاسد؟.. مطلوب دكر ولو من الفلول لأننا كنا جميعا عيال فى مواجهة مشاكل هذا الوطن.. فهرعت قيادات الثوار إلى الفضائيات لجمع أكاليل الغار وانشغل الإخوان بجمع الكراسى وشفط المناصب وجرى السلفيون للبحث عن زعيم منهم لإعلان الجهاد، وخرج الشعب بطوله وعرضه فى مظاهرات فئوية لرفع الرواتب وزيادة الفوائد.. نزلنا جميعا من على جبل الرماة كما فعل أسلافنا فى موقعة أحد، فتجمع حولنا الفلول والفاسدون والممولون وينتصرون الآن.. فما هو الغريب فى ما نشاهده طالما أنه التطور الطبيعى لحماقتنا جميعا أمام وضع استثنائى نادر الحدوث، وشعب ينتفض ويغلى ويضحى من أجل ثورة تأتى له فى النهاية بمجرد كلام وسيل من الكوارث والمصائب ومجموعة عجيبة من التيارات السياسية والكائنات العدوانية التى تتصارع على الغنائم فى جيب بنطلونه.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة