الكرامة كلمة تحمل فى طياتها معانى جميلة وتعنى الكبرياء دون تكبر وعدم تقبل الإهانة من أى كان أضف إلى ذلك الإباء والشمم والعزة وكل ما يمكن أن تحوية هذه الكلمة الغالية.
وأثناء الثورات وبعدها مباشرة تتسع هذه المعانى وتزدهر وتترسخ وتعلو لتكاد تلامس السحاب.
والكرامة الوطنية تحمل نفس المعانى السامية، ولكن للوطن أو الأمة بكاملها وتعتبر الشعوب الثائرة خصوصاً كرامة كل مواطن فيها من كرامة الوطن وتزداد الحساسية الممزوجة بالفخر، وتسترجع الشعوب لحظات وساعات فخارها ومواقف سابقة لزعمائها وأبنائها، كما تشحذ ذاكرة الأمة لتذكر أيام انتصاراتها ومساهماتها فى حضارة البشرية وكل وأى إنجاز قام به شخص أو جماعة تنتمى لهذه الأمة.
هذا هو التعريف النظرى للكرامة وتبعاتها مع التسليم بأن مفاهيم الكرامة الوطنية تختلف وتتباين بين الأمم وفقاً لاختلافات الشعوب الثقافية والحضارية.
أما من الناحية العملية فالواقع يشى بأن من لا يملك مقومات وأسباب حياته الكاملة لا يملك كرامته الكاملة.
فلا تملك أمة كرامتها وعزتها الكاملة وهى تعتمد كلياً أو جزئياً على غيرها فى إستمرارية حياتها، وهنا يتدخل المنطق ليقضى بأنه لكى تحتفظ بكرامتك الكاملة لابد أن توفر بساعديك على الأقل احتياجاتك الكاملة.
يندرج تحت عنوان الاحتجاجات الكاملة الحاجات الإقتصادية أساساً ويشمل أيضا القوة الكافية للدفاع عن تراب الوطن وأعنى بها تلك القوة التى تردع أى طامع أو طامح من التفكير فى الاستيلاء على جزء من أراضى الدولة أو حتى التدخل المباشر أو غير المباشر فى شئونها.
والقوة العسكرية تعنى بالضرورة القوة الاقتصادية، حيث قال نابليون إن أهم عوامل كسب الحروب هى ثلاثة وحددها بالترتيب بأنها المال ثم المال ثم المال!
أعتقد أن ما سبق سرده بديهى ولا يحتاج سوى عقل يفكر حسب القواعد المنطقية الأساسية فإذا ما اتفقت معى فى الطرح السابق لك مباشرة أن تتسائل عن وضع وطنك من تلك المعادلة وأين يقع؟
ومن الطبيعى أيضاً لأى أمة ترنو لاستقلالية المنهج والقرار وتهدف لتبوأ منصب رائد بين الأمم أن توفر الأسباب التى ترفعها للمنزلة المرجوة.
إذن الكرامة الوطنية ليست مجرد كلمات أوشعارات وأغانى وطنية رنانة بل هى سعى متواصل وعمل دءوب للوصول بالأمة لموقعها الذى تهفو إليه فإن نجحت الأمة سعت إليها ثمرات ذلك النجاح واستحقت الاحترام الذى ينظر به العالم إليها.
وهنا نتطرق إلى صانع القرار السياسى لأمة من الأمم والذى ينظر إليه وخصوصاً فى عالمنا الملقب بالثالث بأنه الذى يرفع هامة الأمة أو يخفضها حسب قراراته ونقول أن صانع القرار مقيد بإمكانات بلاده المختلفة وهو سيعمل فى حدود تلك الإمكانات وإلا أودى ببلاده إلى تهلكة تزيد إنحطاطها على الصعد كافة أن هو تصرف بعنترية تفوق إمكانات بلاده، وبالتالى وصل لنتيجة هى أعظم إضمحلالاً وأدنى شأناً من الأولى.
لا ننكر أن التاريخ ربما ذكر أفذاذاً حصلوا على أكثر مما تستحق أممهم لكن ذلك دوماً كان حالة مؤقتة واستثنائية لا يقاس عليها ولا تؤكد إلا القاعدة.
وأنا أرى أن بلادنا مصر تملك مقومات كثيرة للرقى والتقدم لكنها لم تتحول بعد إلى واقع نتيجة ما يمكن أن نسميه بلا خجل فترة تراجع فكرى وحضارى إنتابها.
فإذا ما أردنا أن نتحول إلى أغنية يشدو بها غيرنا من الأمم وليست فقط حناجر مطربينا يجب أن نعمل ونفكر ونبحث دائبين لنوفر لبلدنا إمكانات تتناسب مع ما نطلبه لها من كرامة وعزة وإلا تحولنا ببساطة إلى نموذج أشبه بما جاء فى إحدى المسرحيات لرجل نحيل الجسد يقول متحدياً لرجل آخر يحمله تقريباً بيد واحدة: "ماتقدرش"!
متظاهرين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اجمدالهوارى
مصر الكرامه