فى العالم المتخلف لا يوجد حل وسط فى كل شىء، إما تطرف يمينى (متشدد) أو يسارى (مهادن) بشكل مفرط، فحتى الديمقراطية هناك لا يوجد لها حل وسط إما خنوع وهتافات وتمجيد وكشك رابخ للحاكم ووثائق عهد ومبايعة فاقت فى طولها كل المعلقات السبع.
أو هناك تمرد واحتلال مؤسسات وتهديد مسلح لوزراء ورجال قضاء وعرقلة مصالح وتفجيرات وخطف شركات تمثل قوت شعب برمته واتخاذها رهينة للضغط لتمرير مآرب فئوية تمارس فعل دروشة للدراويش.
على أن معظم تلك التمردات هى ليست لأجل مطالب وطنية كالحرية والعدالة والسيادة والصالح العام بل غالبها (وليس جميعها) مطالب انعزالية ومادية مثل: منح إضافية، علاج بالخارج، سيارات، تعيينات ومناصب فى سفارات..إلخ.
وبسبب تدنى مستوى الوعى الوطنى فى مثل تلك المجتمعات لا يوجد هناك عادة حل وسط ينتمى للديمقراطية كالتظاهرات القانونية السلمية والانتخابات النزيهة والتداول السلس للسلطة والمحاسبات البرلمانية العسيرة وغيرها من الأساليب الحضارية والأكثر فاعلية وإقناعاً.
هذه الأرض الطيبة قد مّر بها همج الهكسوس والتتار والوندال الذين عاثوا فيها فسادا ودمارا وحرقاً وظلماً وعدواناً، لكنهم ذهبوا وبقيت أفعالهم عاراً يشهره التاريخ، لذا علينا أن نتقدم ونتحرر ونفك قيد وحنين الماضى وما قبل الماضى والعيش فى لحظاتنا الحاضرة ورسم المستقبل الزاهر والتخلص من داحسنا وغبرائنا، لأنه لا أحد منا يرضى اليوم أن يمارس نفس أفعال الهكسوس والتتار والوندال، لأن أولئك القوم كانوا غزاة ومـّروا من هنا.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة