أكد وزير الخارجية محمد كامل عمرو فى كلمته اليوم بالمنتدى العربى الصينى المقام فى تونس حاليا، على متابعة الدول العربية للتطور الذى حققته الصين وسعيها للاحتذاء به والاستفادة من دروسه فى تعزيز عملية التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية فى دولنا العربية.
وتقدم وزير الخارجية باقتراح للمنتدى حول إنشاء آلية للحوار الاستراتيجى بين الصين والأمانة العامة لجامعة الدول العربية على نسق ما هو موجود بين الصين والمفوضية الأوروبية والمفوضية الأفريقية.
وأوضح عمرو خلال كلمته أن من شأن هذه الآلية الإسهام فى تعزيز التفاهم بين الجانبين العربى والصينى، وبما يؤدى لتفعيل إعلان "تيانجين" بشأن التعاون الاستراتيجى وبما يتيح المجال لمباحثات معمقة حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية وتنسيق المواقف فى المحافل الدولية بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين.
كما اقترح عمرو تطوير مفهوم الحوار الحضارى الذى يجرى فى إطار المنتدى حول الإسهامات التاريخية للحضارتين العربية والصينية ورصيدهما الإيجابى المشترك فى تقدم الإنسانية، ليتناول قضايا حاضر العلاقات وينطلق إلى رؤية حضارية للمستقبل بما يتجاوب مع متطلبات العصر، والحاجة إلى إقامة قنوات للحوار والتواصل المنتظم بين مراكز الأبحاث والفكر فى الصين والدول العربية، وهى كلها أمور ستصب فى تطوير العلاقات بين الجانبين.
وأكد على أهمية تجديد العزم على التعاون مع جميع الأشقاء العرب لتعزيز وتكثيف التعاون المثمر والمستمر مع الصين، ولاسيما فى ضوء تجربة الصين الناجحة فى التنمية التى تستحق أن تكون مثالاً يُحتذى به، حيث نجحت الصين فى تحقيق المعادلة الصعبة بين النمو الاقتصادى والاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة من ناحية، وتحقيق التنمية والتشغيل الأمثل للموارد من ناحية أخرى.
وأشار وزير الخارجية فى كلمته أمام المنتدى إلى عمق العلاقات العربية الصينية منذ قدم التاريخ وصولا إلى العلاقات الدبلوماسية فى فترة الخمسينيات من القرن الماضى، حيث تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الصين وعدد من الدول العربية وأولها مصر، ومروراً بإعلان الاتفاق التاريخى بين الجانبين على هامش مؤتمر باندونج بشأن المبادئ الخمسة للتعايش السلمى بين الجانبين.
وأضاف عمرو أنه على مدار العقود الستة الماضية صمدت العلاقات العربية الصينية أمام التغيرات، وكان إنشاء مُنتدى التعاون العربى الصينى عام 2004 علامة بارزة على تطور العلاقات الصينية العربية وأصبح إطاراً محورياً يضم آليات متعددة ومتنوعة تعمل فى تناغم من أجل تطوير العلاقات المشتركة فى كافة أوجهها إلى المستوى الذى يأمله الجانبان.
وأوضح أن العلاقات العربية الصينية شهدت خلال الأعوام الثمانية الماضية تطورات كبيرة حيث ارتفعت وتيرة التشاور السياسى بين الجانبين حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وواصلت الصين لدعمها – الذى لا يفوتنى الإشادة به - للقضايا العربية العادلة فى المحافل الدولية ولاسيما القضية الفلسطينية التى تقع على رأس أولويات الجانبين. واستند الدعم الصينى للقضية الفلسطينية إلى مبادئ الشرعية الدولية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فى هذا الصدد، ومبدأ "الأرض مقابل السلام" و"خارطة الطريق"، وإقامة الدولة الفلسطينية بحدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فضلاً عن دعمها لحصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ودعوتها لإسرائيل للتفاوض مع الدول العربية على أساس "مبادرة السلام العربية" ورفع الحصار الإسرائيلى عن قطاع غزة والكف عن الأنشطة الخاصة بتهويد القدس.
وعلى الصعيد الاقتصادى، أصبحت الدول العربية خلال الأعوام القليلة الماضية سابع أكبر شريك تجارى للصين، كما ارتفع حجم التبادل التجارى بين الجانبين من 36,4 مليار دولار عام 2004 إلى أكثر من 200 مليار دولار بنهاية عام 2011، وارتفع حجم الاستثمارات المباشرة المتبادلة من 1,1 مليار دولار فى عام 2004 ليتعدى حاجز الـ 7 مليارات دولار، فضلاً عن إطلاق عدد كبير من الآليات لتعزيز التعاون فى مجالات التجارة والاستثمار وفحص جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم التعاون فى مجال توليد الكهرباء والطاقة ولاسيما الطاقة المتجددة، ودعم التعاون الزراعى، فضلاً عن التعاون فى المجال الثقافى والتعاون بين مراكز الأبحاث الصينية ونظيرتها العربية، والتعاون فى مجالات الصحة والبيئة ومكافحة التصحر ومجالات الإعلام والتعليم والبحث العلمى.
وقال وزير الخارجية إن العلاقات العربية الصينية شهدت أيضا نقلة نوعية أخرى خلال الاجتماع الوزارى الرابع الذى عقد فى مدينة "تيانجين" بالصين، حيث شهد الاجتماع إطلاق "إعلان تيانجين" بشأن الارتقاء بالعلاقات البينية إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية، وهو ما يضع على عاتقنا جميعاً مسئولية كبيرة تجاه الحفاظ على مستوى العلاقات الحالية وتطويرها فى المستقبل لتشكل بذلك نموذجاً يحتذى به فى العلاقات الدولية متعددة الأطراف.
وأشار عمرو إلى أن إعلان تدشين "العلاقات الاستراتيجية" بين الجانبين يفرض علينا جميعاً السعى لصياغة أطر واضحة المعالم تمكنا جميعاً من تحقيق هذا الارتقاء المنتظر فى العلاقات إلى المستوى الاستراتيجى، والسعى لإيجاد الآليات الفعالة والمناسبة لمتابعة وتطوير وإنجاز ما يتم التوصل إليه من اتفاقات فى البرنامج التنفيذى للاجتماع الوزارى للمنتدى، ووضع جداول زمنية محددة لتحقيق تلك الأهداف المشتركة، بما يتواءم مع الأهداف المأمولة لمستوى العلاقات.
واستعرض عمرو مسيرة المنتدى لافتا إلى النتائج المثمرة التى حققها فى بناء علاقات التعاون العربى/ الصينى والتى شملت مجالات التشاور السياسى والتجارة والاستثمار والطاقة وحوار الحضارات والإعلام والسياحة وغيرها، لافتا إلى أهمية ذلك فى تدعيم العلاقة العربية/ الصينية، وهو ما يعبر عن إرادة قوية لدى الجانبين العربى والصينى لتطوير تعاونهما فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بما يرتقى لتطلعات الجانبين، لاسيما مع ما تتيحه الإمكانيات والفرص الهائلة المتواجدة لدى الجانبين، بما يعبر عن علاقة تعاون استراتيجى تستند إلى رصيد حضارى عريق وحاضر له كل أسباب التقدم والازدهار.
وشدد عمرو فى نهاية كلمته على توافر الإرادة القوية لدى الجانبين العربى والصينى لتحقيق المزيد من القفزات فى جوانب العلاقات المختلفة، خاصة مع التطور الذى حققته الصين والذى نتابعه بإعجاب ونسعى للاحتذاء به والاستفادة من دروسه فى تعزيز عملية التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية فى دولنا العربية.
وزير الخارجية أمام المنتدى العربى الصينى.. التجربة الصينية أبهرت الجميع ونسعى للاستفادة منها.. واقتراح مصرى بإنشاء آلية للحوار الاستراتيجى بين بكين والجامعة العربية
الخميس، 31 مايو 2012 02:27 م