أتفهم تماما دوافع بعض الوطنيين الشرفاء الذين يطالبون الدكتور مرسى بضمانات تكفل نجاح البلاد فى الخروج من أزمتها حال وصوله الى كرسى الرئاسة، ومطالب هؤلاء الشرفاء لا يمكن أن يختلف عليها أحد وهى حتمية اختيار فريق رئاسى معاون من الوطنيين الشرفاء وتشكيل حكومة ائتلافية من كافة الأطياف والتوافق حول معايير اللجنة التأسيسية للدستور، وكيفية اختيار أعضاء اللجنة بما يحقق تمثيل كافة أطياف الشعب، من أجل تحقيق إرادة هذا الشعب فى كتابة دستور يقر الجميع على أن نقاط الاتفاق فيه أكثر بكثير جدا من نقاط الاختلاف.
ولن يتمكن أحد مهما علا صوته من تغيير المادة التى تتعلق بالشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيسى للتشريع، ولن يجرؤ أحد على المساس بهوية الدولة أو حرية المواطن، لأن الدستور الجديد الذى نتطلع إليه لابد أن يحفظ كرامة المواطن وحريته، والتى هى من كرامة وحرية الوطن، أما ما يردده البعض من ضرورة أن يتنازل مرسى عن الترشح ليدخل صباحى بدلا منه، فهذا كلام لا علاقة له بالسياسة ولا بالتحالفات، ولا يستند إلى منطق أو قانون، وأخشى أن يعيدنا هذا الكلام إلى دائرة الدستور أولا أم الانتخابات أولا ومحاولة فرض مبادئ حاكمة فوق دستورية، ومناداة البعض وقتها بضرورة وجود العسكر كضمانة للديمقراطية التى لا يؤمن بها الإسلاميون- على حد قولهم- ونعطى بذلك مبررا لمد الفترة الانتقالية مرة أخرى والرجوع إلى المربع صفر.
وأرجو من جميع التيارات فى هذا التوقيت شديد الحرج أن تعلى مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، خاصة أن الذى سوف يتحمل المسئولية فى هذا التوقيت شديد الصعوبة، يقوم بمغامرة غير محمودة العواقب، ولابد أن يكون على ثقة من بذله كل أسباب النجاح، والتى هى فى الأساس الاعتماد على أهل الكفاءة وأهل الخبرة وذوى الأمانة، وأن يضع فى اعتباره أن العدل أساس الملك، وأن الله ينصر الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة.
