من منكم يحب مصر؟

كنا زمان لا نرى فوق الأشجار إلا العصافير بأشكالها وألوانها فتبتهج نفوسنا، وكنا لا نسمع إلا شقشقتها وتغريدها، ولكن اليوم أعجب كل العجب فما عدت أرى سوى الغربان بلونها الأسود وصوتها المفزع فوق الأشجار، فأين ذهبت العصافير وإلى أين طار الحمام واليمام، وكيف السبيل إلى عودتهم، هذا ما نحلم به ونرجوه من الله.

وأعجب كل العجب من تلك الأصوات العالية والتى تدعو إلى تنازل الناجح للراسب، وفرس الرهان لرقم 3، وأن يترك مرسى السباق لصباحى، وأن يضيع أصوات أكثر من 5 ملايين لمن هو أقل منه دعماً فى الشارع، بأى منطق أو عقل وأى قانون أوشرع.

شىء غريب لا يصدقه عاقل ولو كان الأمر معكوساً وصباحى الأول ومرسى الخاسر هل كانوا سيتعاملون بنفس المنطق، طبعاً "لا" وألف "لا"، والأمر كله يتلخص فى أن تلك القوى المدعية حب مصر لا ترى غير نفسها، بينما يتهمون الإخوان بهذا الاتهام، ويرون أنهم الأقدر والأجدر، بينما الإخوان خونة وفاشلون من قبل أن يبدأوا، ولذا يصرون على تعجيزهم بالمطالب وتوقيع شيكات على بياض، وهم بذلك يذبحون مرسى قبل أن يفعل شيئاً ويكبلونه بالأغلال والسلاسل على طريقة فريد شوقى فى الأفلام، و"اللى يحب النبى يسقف".

وأعجب كل العجب من مرشحى الرئاسة الحصان الأسودين صباحى والدكتور أبو الفتوح، اللذين لم يقبلا نتيجة الانتخابات لا لأنها مزورة، ولكن لأنهما خارج السباق، ولظنهما أنهما وفقط هما القادرين على إنقاذ سفينة نوح من الجنوح فى الوحل، وأنهما وفقط يملكان عصا موسى لتفجير الأنهار وإحياء الأرض بعد الموات.

ونسيا أنها لعبة الديمقراطية التى نادا بها، والتى اتهموا مبارك المخلوع بحرمان الشعب منها، ولذا قامت الثورة، وبرغم الانتخابات التى شهد لها وبها العالم إلا أنهما رفضا النتيجة، وكانا من قبل يعيبان على حازم أبو إسماعيل وأنصاره وما فعلوه فى مصر لمدة شهرين، واليوم صارا كأبو إسماعيل بعدما خرج أنصارهما للشارع وفعلا تماماً كالذى فعله "أولاد حازم لازم"، وصار الثلاثة فى العشق، سواء لا عشق مصر ولكن عشق الكرسى والسلطة، فبدلاً من أن يقفوا خلف مرشح الشعب والشرفاء ويدعموا الدكتور محمد مرسى ضد الفلول وذراع مبارك الفتية، لا بل وقف أنصارهما يضعون مرسى وشفيق فى سلة واحدة ويقولون "لا شفيق ولا الإخوان واحد قتل والثانى خان".

وأعجب كل العجب من لجنة الانتخابات التى جعلت الإعادة بعد 3 أسابيع من الجولة الأولى ولم تنفذها فى الأسبوع الثانى وتركت الشعب يأكل بعضه فى الأتوبيسات والميكروباصات والمترو والمكاتب والشوارع وأعطوا الفلول والبلطجية وأمن الدولة السابق الفرصة كى يحرق ويسرق ويقتل ويهيج الأمن ويثير الفتنة فى كل ربوع الوطن.

فمن منكم يحب مصر، ومن منكم يحب الكرسى، ومن منكم لديه مشروع نهضة، كلكم أعزائى يحب الكرسى، ولا يملك إلا أنصارا بلا فعل حقيقى فى الشارع، لا يملكون إلا التخوين والترهيب والهتاف الرنان، فهل تراجعون أنفسكم وتعودون إلى مصر أم أنكم مصرون ألا تروا إلا أنفسكم وفقط وعندها أقول لكم "منكم لله" لقد ظلمتم مصر والمصريين تماماً كما فعل مبارك، هلا تعلمتم من الغرب وأمريكا مرة واحدة الروح الرياضية، أم أنكم ستعيشون وتموتون متعصبين.