لم يصدر عن مجلس الشعب حتى تاريخه ما يعبر عن أهداف ثورة 25 يناير، إذ يبدو واضحًا أن الأغلبية المهيمنة فى المجلس منشغلة منذ بدء الجلسات بكيفية السيطرة على آلة التشريع بإسناد رئاسة لجان المجلس للإسلاميين بشكل خاص، ثم الانشغال بمطالبة المجلس العسكرى بتسليم السلطة لمجلس الشعب، وكأن هذا فى حد ذاته سوف يؤدى إلى حل المشكلات التى يغرق فيها المجتمع المصرى، وكذا الانشغال بإقالة حكومة الجنزورى بتهمة «الأداء الضعيف»، مع أن مهمة الحكومة تنفيذ التشريعات التى تأتيها من البرلمان.. فما تلك القوانين الموضوعية التى قدمها البرلمان ورفضتها الحكومة حتى يطالبوا برحيلها؟
والحال كذلك تحول البرلمان إلى قوة مضادة للثوار خارجه، كما يتضح من المشروعات والاقتراحات التى تقدم بها الأعضاء، والتى لا تعكس بحال من الأحوال روح الثورة، فمثلاً تقدم صبحى صالح، وكيل اللجنة التشريعية، بمشروع قانون إلى «لجنة الدفاع والأمن القومى» بشأن تنظيم المظاهرات ينص على «سجن أى شخص ستة أشهر يقوم بتنظيم مظاهرة دون تقديم طلب للسلطات قبلها بثلاثة أيام، وسجن من يشارك فى المظاهرة ثلاثة أشهر». ومثل هذا الاقتراح ضد الأمن القومى، أما حماية الأمن القومى فتتطلب التقدم بمشروع بشأن كيفية مزاولة النقابات والجمعيات لنشاطها بأن تتقدم النقابة بمطالبها إلى الجهة المعنية أولاً، ثم يتم التفاوض بين الطرفين، فإذا فشلت المفاوضات تقوم النقابة بتوجيه إنذار محدد بأنه إذا لم تتم الاستجابة للمطالب تقوم مظاهرة أو إضراب فى يوم محدد، ويتم إخطار دائرة الشرطة ليس للحصول على الموافقة، ولكن لكى تقوم الشرطة بحراسة المظاهرة منعًا من اندساس عناصر خارجية.
ومن عجب أيضًا أن يتقدم حزب الحرية والعدالة إلى اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمشروع قانون بشأن «مكافحة جرائم السطو على الإنترنت والمواقع الإباحية» منقول نصّا وحرفًا من قانون أصدرته السعودية عام 2007 بدليل أن الذى نقل القانون لم ينتبه لكلمة «المملكة» فى ثناياه فأثبت أنه تعلم «فن النقل دون إعمال العقل».
ومثل هذه المشروعات وغيرها مما يفكر فيه المجلس لا تمثل هموم المصريين، بل لقد أثبت أنه غافل عن الهموم الحقيقية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والخبز والكرامة، ولم يفكر مثلاً فى التقدم بمشروع بالحد الأدنى والأعلى للأجور ومشروعات لتحقيق المطالب الفئوية والتى من شأنها أن تحقق السلام الاجتماعى وتمنع المظاهرات التى يطالب سيادة المشرع بسجن الذين يفكرون فيها والذين يشتركون فيها..!!
كما لم يفكر المجلس حتى الآن فى العمل على كيفية التخلص من الطبيعة المركزية للحكم فى مصر وتطبيق الحكم المحلى وليس الإدارة المحلية القائمة حتى الآن. فمن شأن هذا حل مشكلات كثيرة فى الأقاليم، وإيقاف الهجرة إلى المدينة، وتكوين العشوائيات، وهذا لا يكلف سوى التقدم بمشروع «انتخاب المحافظ» من بين أبناء المحافظة المقيم فيها حتى يكون على دراية تامة بمشكلات الإقليم الذى يمثله ولمدة أربع سنوات، وأن يكون لكل محافظة ميزانيتها المستقلة وتتكون من %75 من إيراداتها، وترسل النسبة الباقية إلى الحكومة المركزية فى العاصمة التى تنفق منها على أعبائها، ولها أن تقوم بتسليف المحافظة الأقل إيرادات لمساعدتها فى إدارة الإقليم. وتتولى كل محافظة الصرف على جميع مشروعات التنمية بها لفتح باب العمل أمام الأجيال، فتتوقف الهجرة إلى خارج الإقليم.
وهناك أفكار كثيرة ينبغى أن يهتم بها هؤلاء البرلمانيون المنتخبون لإزاحة الهموم عن كاهل المصريين، وليس بمشروعات «ختان البنات» و«مضاجعة الموتى».. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد عبادى
وماذا فعلت انت لمصر ؟