حذرت دراسة تحليلية أجراها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS حول الأسباب الخاصة بالاستقرار والاضطرابات فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الربيع العربى من المرجح أن يمتد إلى عشر سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشارت إلى أن أسباب عدم الاستقرار عميقة ومعقدة وتنطوى على مشاكل هيكلية فى الحكم والتركيبة السكانية والاقتصاديات، وهو ما لا يمكن حله فى بضعة أشهر أو سنوات قليلة. وحتى فى الدول الأكثر نجاحا فإن المؤشرات تظهر أن هذه البلدان لا تزال تواجه تحديات كبيرة خلال العقد المقبل.
وحذرت الدراسة أن البلدان الأخرى تحتاج أن تناضل للابتعاد عن المشكلات التى جلتهم يقتربون من حافة الدول الفاشلة. ولفتت إلى أن معظم دول الشرق الأوسط ليس لديها أحزاب سياسية حقيقية أو هياكل تعددية، والأنظمة الملكية فقط هى التى تحتفظ بتاريخ من الشرعية السياسية.
وتمثل القضايا الدينية والعرقية فى كثير من الأحيان جزءا من مشكلات المنطقة، هذا بالإضافة إلى نظام العدالة الضعيف أو الفاسد والتطرف الدينى الذى يتطلب التغيير الاقتصادى والاجتماعى لمعالجته، كما تؤكد دراسة المركز الأمريكى أن قوات الأمن غالبا ما تمثل مشكلة خطيرة فى هذه البلدان.
وبينما لا تزال الولايات المتحدة والعالم الغربى يعتقد فى التغيير الديمقراطى المستقر السريع، فإن الدراسة تشير إلى أن الظروف الملائمة لذلك لا توجد فى العديد من بلدان المنطقة وأن التطور السياسى هو السبيل الوحيد للاستقرار فى الدول الأخرى.
وتؤكد قائلة إن الواقع هو أن عددا كبيرا من الثورات تأكل شبابها وآمال أولئك الذين قاموا بها. وتدلل على ذلك بما أطلقت عليه ربيع أوروبا عام 1848، وهو الذى أسفر عن حالة من عدم الاستقرار حتى 1914، حينما نشبت أزمات جديدة قادت إلى مزيد من المشكلات.
ومع ذلك يختم تقرير الدراسة متوقعا أنه سيكون هناك نجاحات عربية، خاصة مع توافر الدعم المناسب والمساعدة من البلدان العربية المجاورة والعالم الخارجى، لكن هذا لن يأتى فى شكل نجاح مفاجئ، فحتى أفضل الأنظمة تواجه تحديات كبيرة وسيستغرق الأمر سنوات لتلبية الآمال والتطلعات الشعبية.
وتظهر البيانات الخاصة بالوضع السياسى للدول العربية أن مصر تحتل المركز الـ 138 فى تصنيف الديمقراطية على مستوى العالم، والـ 98 فيما يخص الفساد والـ 130 بالنسبة لحرية الصحافة، وهذه البيانات منقولة عن البنك الدولى والشفافية الدولية.
وفيما يخص النمو السكانى الذى يهدد الاستقرار فى العديد من بلدان المنطقة، أشارت الدراسة إلى أن تضخم أعداد الشباب والبطالة المقنعة يمثلان تهديدات رئيسية للاستقرار، حيث تتزايد الضغوط على التعليم وفرص العمل والسكن والدخول، وما يتعلق بالتصورات حول العدالة والحكم والفساد.
وتؤكد الدراسة أن الإمدادات والتكاليف الغذائية تمثل قضية خطيرة وسبب رئيسى لعدم الاستقرار، إذا تشير بعض التقديرات إلى أن المنطقة لديها إنفاق مرتفع بشكل استثنائى على الطعام. وتعتمد مصر وسوريا والسودان على واردات الغذاء فيما يقرب من نصف السعرات الحرارية اليومية من غذائها.
وتحدثت الدراسة عن مصر كدراسة حالة مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء عالميا هدد ملايين الناس بالجوع الشديد، وبالنسبة لمصر فإنها تكافح لتحمل عبء ميزانية لا يمكن التغلب عليه لمواجهة تهديد باضطرابات مستقبلية ومظاهرات خبز، خاصة أنها تخشى وقف دعم المواد الغذائية والوقود الذى يعتمد عليه العديد من المصريين.
وأشارت إلى أن مصر تعد أكبر مستورد للقمح فى العالم، كما أنها بين الدول الأعلى إنفاقا على دعم الغذاء. وتضيف أنه من المفارقات أنه منذ الأزمة المالية فى 2008 شهدت أسعار المنتجات المحلية فى مصر زيادة أكبر من تلك التى تستوردها. وقد سجلت الزيادة الأعلى فى أسعار المنتجات اللبنية بنسبة 82% والفاكهة بنسبة 139% والخضروات بنسبة 102%. وهو ما كان له عواقب سلبية كبيرة على مكونات وجودة النظام الغذائى للمصريين.
وتوضح أن الفقراء اضطروا إلى الاتجاه نحو مزيد من استهلاك الخبز المدعوم والحبوب. ونتيجة لذلك قلت القيمة الغذائية لطعامهم، حيث الاعتماد على الغذاء المدعوم المكون من الطاقة الكثيفة والفقيرة من المغذيات الدقيقة مثل السكر والزيت والخبز، وبمعنى أخر "الجوع المتخفى" وهو ما يمثل مشكلة خطيرة. فلقد باتت السمنة منتشرة على نحو كبير بين البالغين وخاصة المرأة. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن واحدا من بين كل طفل تحت سن الخامسة يعانى من الإنيميا وبعض التقزم، وهو مؤشر على نقص الغذاء المزمن وهو معدل ينذر بالخطر على نحو متزايد.
دراسة أمريكية:الربيع العربى سيشهد عقداً من الاضطرابات وعدم الاستقرار.. الظروف الملائمة للتغيير الديمقراطى السريع لا تتوافر بالعديد من بلدان المنطقة..وتحذيرات من سوء التغذية فى مصر وفقرالدم بين الأطفال
الخميس، 03 مايو 2012 04:46 م