تمر مصر فى الوقت الراهن بمرحلة خطيرة تمثل عنق الزجاجة، وتتطلب هذه المرحلة منا جميعا أن نتحمل مسئوليتها حتى لا تغرق السفينة بجميع من عليها، وآنذاك لن يفيد الندم.
لا أستطيع أن أعى أو أفهم ماذا يريد من يحاصرون وزارة الدفاع، هل هم يريدون مصلحة الوطن؟ بالتأكيد ليس فى ذلك تحقيق أى مصلحة بل هو تدمير لهذا الوطن، أين تحمل المسئولية فى ذلك؟
أتابع ما يحدث أمام وزارة الدفاع بكل حزن وأسى وأشعر وكأننا قد تسلطنا على أنفسنا وأننا بأيدينا نقوض وطننا.
وقلت مرارا وتكرارا أن هناك فارقا بين التظاهر والاعتصام السلمى واللاسلمى، فلا يمكن تقبل فكرة السلمية وأنت تعطل مؤسسات الدولة عن أداء عملها أو تعطل حركة المرور أو تخرب أو تدمر منشآت الدولة، وهذا الأمر يعطى للسلطات التنفيذية الحق قانونا فى التعامل مع هذا التظاهر والاعتصام اللاسلمى بمحاولة إنهائه حفاظا على النظام العام.
وفى هذا المقام أحذر من يدعون إلى مليونيات أمام وزارة الدفاع أو من يدعون إلى اقتحام الوزارة لأنها تعنى ببساطة أن المواجهة ستكون حتمية بين القوات المسلحة وبعض أفراد الشعب على نحو لا يحمد عقباه، وأحذر القوات المسلحة من أن تنساق خلف استفزازت بعض المعتصمين أمام الوزارة والتعامل بأقصى درجات ضبط النفس لحماية هذا البلد من التفكك والانهيار.
ويضيق صدرى ويزداد همى كلما رأيت بعض من ينتمون لهذا البلد وهم يحاولون تدميره، وبدأ التدمير ينسحب على علاقتنا بالأشقاء ببذاءات غريبة على أخلاقنا التى توارت إلى حد كبير، ومهما كان الرأى فى خصوص ما حدث مع المحامى المصرى المحتجز فى السعودية، فغير مقبول تماما التطاول على الغير بهذا الشكل الذى رأيناه أمام السفارة السعودية، ثم بعد أن تتخذ البلد الشقيق قرارت باستدعاء السفير للتشاور – وإن كنت لا أوافق على ذلك التصرف بين الأشقاء – وجدنا بعض المواطنين يتظاهرون ويحملون أعلام الدولتين مع أنه لم يحدث شىء جديد فى الأمر، وأتساءل ما الداعى إذن من البداية لهذا التطاول؟!!
وأنتقل لما يحدث من بعض أمناء الشرطة من اعتصامات فى مختلف المدن، فإنه وإن كان لهم الحق فى بعض ما يطالبون به إلا أننى كنت أنتظر منهم أن يسلكوا فى ذلك المسلك القانونى، أما أن يتظاهروا ويعتصموا بملابسهم الرسمية فهذا شىء محزن، وأدعوهم أن يعودوا إلى عملهم ويقفوا جنيا إلى جنب مع الضباط لأداء رسالتهم السامية وهى حفظ الأمن الذى افتقدناه كثيرا فى الفترة الماضية.
نعود لمجلس الشعب الذى ترك مهامه العظيمة وتدهور البلاد ومعالجة المشكلات الكبيرة التى يعانى منها أبناء هذا الوطن، وانشغل فقط بكيفية وضع سياسة للإقصاء، فقد أقر القانون المعروف إعلاميا بقانون العزل على وجه من السرعة بشكل أثار العديد من علامات الاستفهام ووضعه فى مهبة عدم الدستورية.
وكذلك أثار موضوع سحب الثقة من الحكومة فى توقيت أعتقد أنه غير ملائم، وبغض النظر عن أحقيته من الناحية القانونية فى ذلك أو عدم أحقيته، فالكلام عن سحب الثقة فى التوقيت الحالى غير سديد تماما خاصة أننا مقبلون على انتخابات رئاسية وتسليماً للسلطة وانتهاءً للمرحلة الانتقالية.
وكذلك ما اتخذه المجلس من قرار بتعليق الجلسات أمر مستغرب دستوريا وقانونيا وواقعيا، فأين مجلس الشعب مما يحدث الآن أمام وزارة الدفاع، هل هو مغلق للتحصينات!!، أين هو – بعد هذا القرار- من القيام بانتخاب الجمعية التأسيسية؟!!
بالتأكيد نشعر بغياب كامل لدور مجلس الشعب عما يجرى على أرض الوطن، لأنه المصلحة العامة للبلد توارت لصالح المصلحة الخاصة للعديد ممن هم فى سدة الحكم الآن، نريد أن تكتمل منظومة الاستقرار الذى نحن فى أشد الحاجة إليها فى الوقت الراهن.
ولا أبرئ فى هذا المقام أحد من المسئولية فالكل مسئول، ولابد من تطبيق القانون وتعزيز ثقافة المسئولية لأنها الخطوة الأولى فى طريق الحرية، مسئولية من يتقلد منصبا قبل المواطن العادى، فيجب مساءلة كل مسئول تخول له نفسه ارتكاب أى جرم بحق هذا الوطن أو بحق أبنائه، ويجب مساءلة المتفرغين لإهلاك الوطن والذين تركوا حياتهم وعملهم وتفرغوا لتدميره والقضاء على الأخضر واليابس، وعدم ترك بارقة أمل لمورد أو إصلاح؛ وبث الخراب وإفشاء العداوات ونشر الظلام والمصادرة على أى إطلالة صباح.
وفى ظل غياب ثقافة المسئولية يصبح الفرد عدائيا ومحبطا، وتنتشر الفوضى التى تقضى على كل شىء فى هذا الوطن، لذا، لابد من التعامل بحزم ووفقا لأحكام القانون مع كل من يثبت مسئوليته فى إحداث الفوضى فى هذا البلد مسئولا كان أم مرءوسا، مواطنا كان أم أجنبيا، لابد من أن يتحمل كل فرد فى هذا البلد مسئوليته وأن يؤديها على أكمل وجه إن كنا نريد إصلاحا، أما إذا ظل الوضع كما هو عليه الآن فلن نتقدم شبرا واحد بل سنعود للخلف أكثر وأكثر، وقد نرى أنفسنا فى يوم من الأيام سوريا أخرى، أو ليبيا أخرى. ولا أتمنى أن نصل إلى هذا اليوم فهذا معناه النهاية. اللهم إن برىء مما يفعلون.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة