لم يصل الحصان الأسود إلى سدة السباق، جاء قويا مشرفا، شق طريقه بين الأغوار، وكتب اسمه بحروف من عرق ومجد وشموخ، غير أنه لم يصل إلى آخر السباق.. حلم الفقراء جاء ثالثاً، غير أنه كرم من شعب وضع آماله عليه، كأنه هو الفائز بسباق الرئاسة.
حصل حمدين صباحى على أصوات الثوار والفقراء والمواطنين البسطاء فى ربوع المحروسة، فجاء أولاً فى معظم محافظات الثورة، القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس وكفر الشيخ، والثانى والثالث فى باقى ربوع المحروسة دون دعاية تذكر، أو رشاوى انتخابية، نجح بصدقه دون رشوة، أراد أن يقتحم جدار الصمت، ويفعل آليات الثورة، ويكون هو رأس لثورة كان أهم عيب وميزة فيها أنها بغير رأس.
خرج حمدين من سباق الرئاسة ليدخل الدكتور محمد مرسى مع الفريق أحمد شفيق فى سباق للإعادة لحسم السباق الرئاسى لأحدهما، وليضعا الثوار بين المطرقة والسندان، فالاختيار أحلى ما فيهما مر وعلقم، فمن خرج يوم الخامس والعشرين من يناير، وهو يعلم أنه لن يعود إلى بيته ثانية (إلا بقدر الله إذا أراد) لن يقبل العزاء فى أرواح رفاقه الذين استشهدوا ودفعوا أرواحهم لقاء هذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر، إلا إذا كان رأس الدولة هو رأس السلطة هو رأس الثورة رئيساً منهم يحمل أحلامهم، ويضعها على الأرض حقائق تغير وجه مصر.
فى حيرة عارمة.. ماذا نفعل..؟ إلى إين نذهب..؟ أنذهب إلى نار الإخوان أم إلى جحيم الفلول.. تجاذبنا الحديث، والرفاق يشعرون بدوار وخوف وترقب.. ماذا نفعل ..؟ أنعطى أصواتنا لشفيق فيصير رئيساً لمصر يفتح معتقلاته لنا، ونكون نحن أول ضحاياه، ثم يبدأ فى إنتاج النظام الفاسد الذى تخلصنا منه بمعجزة تاريخية أشك أنها تتكرر إذا ما عاد نظام مبارك للحكم من خلال شفيق بأسماء ووجوه جديدة، وقد وعت الدروس المستفادة، وكيف يستخدمون القمع الدائم حتى لا تأتى عليهم ثورة أخرى تطيح بهم كما أطاحت بمعلمهم مبارك وولى عهده وشركائه من الوزراء المعتقلين فى سجون قد بنوها كى يسجنونا فيها، ولكنها أبت إلا أن يكونوا هم ساكنيها.
ماذا نفعل أنذهب إلى الإخوان الذين يريدون الاستحواذ على كل شىء، وكأن الثورة قامت من أجل استبدال الحزب الوطنى بجماعة الإخوان المسلمين. لقد التحقوا بنا فى الميدان، وكانوا نعم الرفاق، ولكن سرعان ما تغيروا، حيث تكون المصلحة والسلطة يكون الإخوان، لقد تبرؤا منا، وتركونا نذبح فى محمد محمود، وقالوا عنا ما قالوا، وكأنهم ليسوا منا، فعقدوا الصفقات مع العسكر، واحتلوا مجلس الشعب بالتزوير الحلال، بأن يستغلوا فقر المواطنين، ويشترون أصواتهم بقليل من الزيت والأرز وبعض النقود القليلة على سنة الحزب الوطنى، يعدون عادة بالمشاركة ثم يجنحون دائما للاستحواذ والمغالبة، وزد على ذلك أن وصول الإخوان إلى القصر الرئاسى مع احتفاظهم بمجلس الشعب يعطل دوره الرقابى، ويوجه التشريعات إلى ما يحب ويرضى دولة المرشد.
بين المطرقة والسندان إلى أين المفر..؟ أين نذهب..؟ وبمن نستغيث..؟
