فى ظل النتائج النهائية لانتخابات رئاسة الجمهورية، وتشتت رموز القوى الثورية وعدم اتحادهم معا، مما أدى لانقسام الناخبين بينهم، جاءت النتيجة لتضع المصريين بين "فكى الرحى"، فمن ننتخب فى الإعادة؟،، إخوانى تستطع جماعة الإخوان من خلاله السيطرة على كل أجهزة ومؤسسات الدولة، أم رجل من النظام السابق يستطيع إجهاض الثورة وإهدار حقوق الشهداء ويُعيد إنتاج النظام السابق؟،، فكيف نخرج من هذا المأزق بأقل الخسائر؟.
لابد أن نتفق من البداية على الرفض التام لما يُبديه البعض من رغبة فى الامتناع عن المشاركة بالتصويت فى انتخابات الإعادة، لأن هذا حق أصيل للمواطن المصرى والتزام تجاه وطنه، ومن يستغنى عن حقه أو يمتنع عن التزامه فى مثل هذه الظروف، كأنه يضحى بمستقبل بلاده ويترك الأمر للصدفة تأتى بمن تشاء، فلا يلوم إلا نفسه.
أما البديل المتبقى لإنقاذ الثورة ويمكن تطبيقه خلال هذه الفترة هو اختيار أقل الضررين، بانتخاب الدكتور محمد مرسى مرشح الإخوان، ولكن بشرط أساسى يتمثل فى اتفاق رموز القوى الثورية مع الإخوان على بعض الخطوط العريضة التى نضمن بها عدم السيطرة الكاملة للجماعة على السلطة، وليس مجرد اتفاق، بل الحصول على ضمانات لتنفيذ الاتفاق، وأن يتضمن الاتفاق ما يلى:
1- عدم احتكار الجماعة والتيارات الدينية لوضع الدستور المصرى، وأن تشارك جميع القوى السياسية والفئات المختلفة فى وضعه، لضمان عدم إعطاء وضع مميز لأى مجموعة على حساب جميع المصريين، فالدستور سيكون ملك للوطن والشعب وليس ملك لأصحاب السلطة.
2- الاتفاق على ألا تستحوذ الجماعة على تشكيل الحكومة الجديدة، فليس من المعقول وليس من الطبيعى أن تقوم الجماعة بتشكيل الحكومة الجديدة، فى الوقت الذى تسيطر فيه على غالبية البرلمان ويتولى الرئاسة أحد أعضاءها، لأن هذا الأمر سيقضى تماماً على آليات المحاسبة والمراقبة التى يجب أن يستخدمها البرلمان تجاه الحكومة، كما أن هذا الأمر سيفضى إلى حزب واحد مسيطر على السلطتين التشريعية والتنفيذية ومؤسسة الرئاسة، فيجب تشكيل الحكومة من شخصيات مستقلة ذوى خبرة وكفاءة كلاً فى مجاله، بعيداً عن اللعبة السياسية بين القوى.
3- الاتفاق على مشاركة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والسيد حمدين صباحى فى السلطة، بتعيين أحدهما نائبا للرئيس، والآخر رئيس وزراء للحكومة الجديدة.
4- تقدم ضمانات على أن الرئيس الجديد لن يكون تابعا للمرشد العام للإخوان المسلمين، والفصل التام بين الجماعة وبين مؤسسة الرئاسة، وأن يكون ولاء الرئيس للوطن وليس للمرشد.
وفى مقابل تلك الضمانات التى تقدمها الجماعة، سيقوم رموز القوى الثورية بمساعدة مرشح الإخوان وحشد أنصارهم للتصويت لصالح مرشح الإخوان فى انتخابات الإعادة، وبالتالى سوف يستفيد مرشح الإخوان من أكثر من 50% من أصوات الناخبين والتى أيدت الرموز الثورية فى الجولة الأولى، وفى المقابل تنجح القوى الثورية فى إجهاض محاولات فوز الفريق شفيق بمنصب الرئاسة، وينجح الجميع فى حماية الوطن والثورة من المستقبل المجهول فى حال فوز الفريق شفيق.
يمكن للمصريين أن يحتملوا رئيسا إخوانيا لسنوات أربع، مع ضمان عدم تغول الجماعة وسيطرتها على كل سلطات الدولة، ولكن لن يحتملوا إعادة إنتاج النظام السابق الذى جاءت الثورة لإسقاطه، ولم يحتمل أهالى الشهداء ضياع حقوق أبنائهم ودمائهم هدراً، ولن يحتمل الجميع سياسات شبيهة لما قبل الثورة.
أما فى حالة عدم إتمام هذا الاتفاق، فسوف يتمكن الفريق أحمد شفيق فى الإعادة من حشد عدد أكبر من الأصوات لصالحه والفوز على مرشح الإخوان، وتعود الثورة لنقطة الصفر، وقد يدفع ذلك الثوار للقيام بثورة جديدة.
