إرادة الشعب تصنع المعجزات، وقد بدأت بالفعل تجنى ثمار الثورة، حيث خرج جميع الشعب ليدلوا بأصواتهم فى أول عرس ديمقراطى حقيقى طال انتظاره، كان مشهد المصريين فى أول انتخابات رئاسية عقب سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك مشهدًا أبهر العالم وعكس وعى الشعب المصرى، وحرصه على الاختيار والتصويت، حتى كبار السن والمرضى وذوو الاحتياجات الخاصة حضروا بأنفسهم لمقار اللجان الانتخابية، بما يؤكد وطنية الشعب المصرى وقدرته على صنع مستقبل أفضل، بكل ما يمتلك من قوة وعزيمة وإرادة.
وفى غضون هذه النقطة الفارقة فى تاريخ مصر، وهذا المشهد الديمقراطى الفريد، الذى لم نره منذ عقود، أهدى هذا المشهد الجميل إلى أم الشهداء التى لولاها ما جنينا ثمار ثورة يناير، وخاصة الثمرة التى يقطفها الشعب المصرى اليوم، وهى اختيار رئيس الجمهورية، وتحية من القلب إلى روح كل شهيد ضحى لأجل هذا الوطن.
على أننا لا يجب أن نغفل الدور الحيوى والجهد المشكور لرجال الشرطة والجيش والقضاء واللجنة العليا للانتخابات وحرصهم على أن تخرج المرحلة الأولى من الانتخابات بهذا الشكل، اللهم إلا بعض الانتهاكات أو التجاوزات الطفيفة، التى لا تقارن أبدًا بحجم الانتهاكات الصارخة التى حدثت فى العهود السابقة، وعلى المسئولين مراعاتها فى المرحلة القادمة.
نعم لقد تغيرت أوجه الحياة فى مصر مع انطلاق الشرارة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير، وأصبح الشعب المصرى على مشارف مرحلة جديدة بأحلام كبرى توجب علينا أن نضع من الآن لحياتنا ومستقبل مصر خطوطًا عريضة، وسياسات عامة وواضحة ومدروسة فى ظل توافق تام من كل طوائف المجتمع، لنمضى عليها ويسير وفقًا لها أى حاكم، فى طريق وهدف واحد نسعى إلى تحقيقه أيًّا كان قائدنا آنذاك.
يذكرنا التاريخ دائمًا بأنه حين تغيب روح الوحدة والتوافق والعمل الجماعى والهدف المشترك وتمضى المجتمعات بعشوائية دون آليات وبرامج، تتعرض بعد ذلك لمخاطرة قد لا تُحمد عقباها، وإننا أمام مرحلة من أدق المراحل التى تمر بها مصر سياسيًّا واقتصاديًّا وعلميًّا وثقافيًّا "مرحلة اختيار صعب" يجب أن نثبت من خلالها أنها مصر الحقيقية، صاحبة التاريخ العريق والإنجازات العظيمة، بعيدًا عن شبح الاتهامات وبإيمان كامل بحرية الاختيار، وبدون أن نظل أسرى للماضى، حتى نتمكن من بناء وتعمير مصر.
أتمنى أن يأخذ المرشحون فرصتهم فى الحوار وطمأنة المصريين على المستقبل بعدالة ومساواة، وأن نستعيد روح الحب والإخلاص والانتماء لمصر وأن يعمل الرئيس الجديد على لم الشمل وإعلاء القيم وإعمال القانون، ويعتمد منهجًا واضحًا ومحددًا، وآلية قابلة للتنفيذ ومتفقًا عليها، تشمل جميع المجالات فى مصر بحيث يأتى بعده من يقود البلاد ويمضى فى طريقه نحو تنفيذ هذا المنهج.
إن آمال المصريين فى التغيير لا يمكن أن تتحقق إذا لم يكن هناك خروج عن المألوف، ومحو لسياسات سلبية قديمة، وتبنى أسس تنموية جديدة، وإن مكاسب الثورة لم تصل بعد للفقراء، ولم تختلف حياتهم كثيرًا عما كانت عليه من قبل، بما يحتم علينا فورًا أن نتكاتف مع رئيسنا القادم، لنخرج جميعًا من أزمتنا ويتحمل كل منا مسئوليته فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها مصر كى نتمكن من قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل شفيق
مبادرة تقاسم السلطة بين المجلس العسكري وقوى الثورة ..
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الحلو بمم احد مصابى ثورة الحرية
ما المقصود بام الشهيد