محمد عبد المجيد يكتب: الخطأ الحقيقى

السبت، 26 مايو 2012 04:55 م
محمد عبد المجيد يكتب: الخطأ الحقيقى انتخابات الرئاسة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى الكاتب الكبير فهمى هويدى فى مقاله : الخطأ القاتل (أكبر خطأ أن يتصور أى أحد أن المنافسة فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت يومى الأربعاء والخميس الماضيين هى بين الإسلاميين والعلمانيين. أو بين مشروعى الدولة المدنية والدينية، لأنها فى حقيقة الأمر بين الثورة وبين الثورة المضادة. أو بين الحلم والكابوس. وقد لا أبالغ إذا قلت إنها أيضا بين ميدانى التحرير وروكسى.).

والحقيقة أن ما ذهب إليه كاتبنا المحترم، أبعد ما يكون عن التوفيق ويبدو صادما بعض الشىء، لأن المتابع لأحداث ما بعد الثورة وحالة الغياب لليقين والسكينة الزائفة التى أوهمنا بها النظام السابق وسقوط الرموز التى سطعت فى عهده حتى صارت الكراهية لكل من تبوأ منصبا فى سنواته حتى ولو لم يكن متورطا، وتزامنها مع حالة غياب أمنى وضيق اقتصادى جعلت المواجهة إن صحّت بين حنين الاستقرار حتى ولو بالكذب وبين حق الشهداء واستكمال ثورة حتى ولو على حساب سقوط وطن فى أعلى أصوات هذا التيار تطرفا.وربما يكون هذا ما يقصده الكاتب بتعبير الثورة والثورة المضادة، مع استبعاد الصوت المتطرف من التصور، لكن قليل من التأنى يكفى للاقتناع بأنّ ما مارسه الثوريون، بعد ما مارسوا السياسة بلغة ثورية، والحركات السياسية المعبرة عن الثورة ممثلا فى ميدان التحرير، ومن كانوا فى ميدان روكسى متمنين أو معبرين عن النظام السابق بمفرداته، كلاهما كانا وجهان لعملة واحدة، ألا وهى مبارك!!؛ تيار بممارساته الاستبداية وتبنى سياسية فرض الرأى وتيار غلبته عاطفته ومصالحه وبينهما وقف الشعب المسكين، يشاهد الصراع والقتل والدم والحجارة فلا ثورة التحق ولا أموال يحصد ولا أمان يعيش، وهذا متوقع فى أى مرحلة انتقالية.

فى حالة غياب السلطة عن المشهد، يصبح من المتوقع بروز قوى أخرى فى المشهد وغالبا لا تكون هذه القوى من التى شاركت بحق وبنقاء فى ثورة ليس لهم فيها سوى أحلام بحياة أفضل وكرامة تعاش، ولم يكن لهم من الحسابات السياسية ناقة ولا جمل فلا يعرفون إسلامى من غيره ولا ليبرالى من اشتراكى، شأنهم شأن ملايين المصريين الذين شاركوا وصنعوا ثورة سلمية، تعد من أجمل صفحات التاريخ المصرى على الإطلاق.

وعندما دخلت الأيدولوجيات فى المشهد اختفت لغة التجرد وأصبح الوطن متاحا للتملك الخاص لكل من يرى أنه الأحق بحمل دماء الشهداء التى تساقطت وبرزت تيارات الإسلام السياسى وجماعات السلفيين، وأخرى لها تجارب فى الجهاد ضد المصريين إبان سنوات العنف والإرهاب فى التسعينات وأصبحوا يمثلون قاعدة أساس فى المجتمع فحصدوا أصوات الاستفتاء فيما عرف إعلاميا بغزوة الصناديق وكانت المعركة، على عكس ما ذكره أستاذنا فهمى هويدى، بين تيار إسلامى وتيار علمانى يسعى لتغيير ثقافة وهوية المجتمع ثم اكتساح البرلمان ومجلس الشورى وصولا بانتخابات الرئاسة التى تدور فيها المعركة بين مشروع إسلامى وآخر علمانى وإن اختلفت درجاته باختلاف المرشحين!

إذا المسألة أعمق من ثورة وثورة مضادة ولأن هذه الزاوية ستضعنا فى سد منيع لا يمكن تجاوزه ولأننا تجاوزناه بالفعل، إلا أن التفكير بهذا الشكل لا يجعلنا نتجاوز ما هو أبعد من ذلك لأن الكابوس هو أن نفشل فى تجاوز الأفكار الثابتة ونظل نحارب الثورة المضادة حتى نتوسع فى الدائرة فنجعل أغلب من فى الوطن داخل تلك الدائرة التى تبدأ بالمنتفعين وتمر على الفلول ثم تمضى لحزب الكنبة، وتصل لمن يعشقون الجلاد والطاغية ويحبون أن يعيشوا عبيدا ثم ينتهوا بمن يكرهون الثورة، ونكتشف أن الثورة المضادة أصبحت أغلبية فى المجتمع !!(أليس ترشيح رموز النظام السابق وحصدهم لتأييد تيارات عديدة فى المجتمع – بحسب رأيهم- كذلك ؟)

المعركة إذا هى بين أنفسنا وليس بين تيارين أحدهما يمثل صوت الثورة والآخر صوت مبارك، بين تيار إسلامى يرى تطبيق الشريعة فى مختلف شئون الحياة وبين تيار مدنى مختلف الدرجات يبدأ من مناداته بتطبيق الإسلام الوسطى نهاية بمن يطلب حصر الدين بين جدران المساجد.

الأمانة تقتضى منا أن نسمى الأمور بأسمائها ففى الانتخابات الرئاسية وجدنا الأغلبية الإسلامية ورموز النظام السابق وتيارات ليبرالية وعلمانية وكل واحد يدخل السباق ببرنامجه، ولا نرى أى كابوس فى ذلك ففى النهاية هناك صندوق شفاف وناخب يدلى بصوته.

المعركة الحقيقية للوطن هى غياب لغة الديمقراطية وقبول الآخر لدى الأطراف السياسية المتعددة ولعل التهديدات بالثورة الثانية لو نجح فلان أو غيره مع استخدام لغة سقوط العسكر التى فرحوا بها كالأطفال! وصارت أغنية يغنونها بلا وعى واستخدام لغة رفع الحذاء هى أكثر ما يجب أن يقلقنا.

غياب المشروع هو أكثر ما يهدد المشهد المصرى وهو الخطأ القاتل فى ظنى، وغياب لغة البناء وسيادة لغة العنف والبحث عن الفضائح والإسقاط المتعمد لكل الرموز فى كل المجالات ومحاولة هدم المؤسسات.

المعركة الحقيقة هى الخوف من عدم الاستقرار وإعطاء شرعية أنك تستطيع أن تسقط أى انسان من على كرسيه لو استطعت أن تحشد مليون مواطن، سواء أكان رئيس وزارة أو رئيس حتى صارت النكتة أننا سننزل الأسبوع القادم، لكى ننادى بسقوط الرئيس القادم!

غياب التوافق هو الخطأ الحقيقى بين تيار إسلامى وتيار علمانى وليس من الصواب القول بأن التيار العلمانى يوافق على المادة الثانية، لأنهم يوافقون على أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساس للتشريع وهو ما لن يوافق عليه التيار الإسلامى أبدا فالشريعة ذاتها بأحكامها هى ما يطالب به التيارات الدينية، ومن ثم فليس ثمة تقارب فى الأفكار ولنعلم حجم الاختلافات فى أزمة الدستور الأخيرة.

إن الانتخابات الرئاسية فصل أخير من فصول الاستقرار، ويجب علينا قبول النتائج أيا كانت فسواء أكان منهما أو منهم فالحكمة تقول إن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود للوراء ومن شهد ليس كمن سمع وكلهم شاهدوا ما حدث للرئيس السابق، فالميادين من ورائهم والتحديات الصعبة للوطن من أمامهم وليس هناك مجالا لاستنساخ النظام السابق لكن الخوف كل الخوف من لعب دور الثائر الذى لا يهدأ فالوطن لن يتحمل مشاهد غياب أمنى مرة أخرى ومشهده الاقتصادى أكبر مما نتصوره والحاجة للبناء والعمل فريضة أخشى أن يكون غيابها خطأ قاتلا بحق!





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

علي قاسم

ليس خطأ اختيار الشعب

عدد الردود 0

بواسطة:

kh_derbala@hotmail.com

أنا اخطأت فى حق نفسى لاننى لم أقراء لك من قبل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة