د. عبد الجواد حجاب يكتب: مصر أم الدنيا ومهد الربيع والثورة
السبت، 26 مايو 2012 03:04 م
صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتقد أن الكثيرين من أبناء مصر المخلصين يتفقون معى فى أن مصر بلدنا أم الدنيا وأن الشخصية المصرية شخصية مركبة لها خصوصية يعترف بها كل المفكرين والمثقفين والسبب بسيط جدا لأنها تأثرت بالجغرافيا الخاصة بموقع مصر وتأثرت بالتاريخ والأديان والعقائد والفلسفة واللغات والسياسة على مر العصور الطويلة منذ أكثر من سبعة آلاف سنة. فعلا المصرى تركيبته عجيبة أدت إلى إنتاج شخصية مصرية تحب الوسطية وتقدس المواطنة وتعشق التدين وتتميز بالوعى السياسى وصلابة الإرادة.
أعتقد أيضا أن مصر لها مكانتها وريادتها وقيادتها لشعوب المنطقة التى نعيش فيها سواء كانت فى الدائرة العربية أو الدائرة الإسلامية أو الدائرة الأفريقية. كانت ثورة يوليو عام 1952 مصدر إلهام للكثير من دول العالم الراغبة فى التحرر من الاستعمار والاحتلال والاستيطان. اليوم وبعد ثورتنا المباركة فى 25 يناير أجمع الكثير من المفكرين والسياسيين على أن الثورة المصرية ستكون أيضا مصدر إلهام لكل شعوب العالم التى مازالت تعانى من الاستبداد والطغيان السياسى وستكون نموذجا يسير على دربه الشعوب لاسترداد حقوقها فى الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة بطريقة سلمية وحضارية.
قبل 25 يناير كنا فى ظلمة سياسية كبيرة وخرجت بنا الثورة إلى النور الذى يجب أن نحافظ عليه كنا فى خريف سياسى رهيب وخرجت بنا الثورة إلى الربيع السياسى المهيب الذى يجب أن ندافع عنه بكل قوتنا وخاصة أن المتربصين بمصرنا كثر سواء فى الداخل أو الخارج. بلغة الرجل العادى كنا فى جرة وخرجنا برة ويجب أن تستمر جذوة ثورتنا مشتعلة حتى لا نعود مرة أخرى عصور الظلام والاستبداد والقهر والفساد.
ثورة مصر السلمية اللاعنفية التى حددت أهدافها فى تحقيق حلم الديمقراطية وانتزاع الحرية وتحقيق العدالة التى أساسها المساواة والعيش بكرامة مستمرة ويجب أن تبقى مستمرة تنتقل بين الميدان وصناديق الانتخابات الحرة النزيهة فى ماراثون كبير لإعادة بناء مؤسساتنا الديمقراطية. هذه الثورة يجب أن تظل مستمرة وخاصة بعدما عانيناه وشاهدناه من الثورة المضادة والطرف الثالث صاحب اللهو الخفى على مدى عام ونصف بعد الثورة. هذا الطرف الثالث الذى أمعن فى عقاب الشعب الثائر باصطناع ما عرف بالبلطجة والأزمات المتتالية فى الوقود ورغيف الخبز والحرائق المخفية الأسباب والقتل المقيد ضد مجهول فى ماسبيرو ومحمد محمود وغيرهما.
الثورة مستمرة ويجب أن تبقى مستمرة وخاصة بعدما شاهدنا فى اليوم المشهود للانتخابات الرئاسية والتى مثلت آخر الفرص لفلول النظام المخلوع آخر فرصة لمحاولة إعادة إنتاج النظام السابق بآلياته الاستبدادية وفساده السياسى والمالى الذى وصل إلى مستويات أدت إلى خروج الشعب فى 25 يناير غاضبا ثائرا مطالبا بالرحيل.
كلنا شاهدنا المال السياسى لأقطاب الفساد فى الحزب المنحل وهو يلعب لعبته القذرة التى يجيدها تماما. تأكدنا بأنفسنا أن المفسدين فى الأرض وبأموال الشعب المنهوبة حاولوا شراء بعض الأصوات واستجاب لهم بعض المطحونين فى طاحونة الفقر. أنا شخصيا شاهدت بعينى تأثير المال السياسى على إرادة بعض الناخبين تماما نفس الشخصيات التى تدفع ونفس الشخصيات التى تقبض قبل الثورة فيما مضى هى نفس الشخصيات بعد الثورة فى الانتخابات الرئاسية وقبلها الانتخابات البرلمانية.
كلنا شاهدنا عملاء ومرشدين ومتعاونين سابقين لضباط أمن الدولة المنحل وبتوجيهات من بعض الضباط سواء سابقين أو حاليين يمارسون توجيه الناخبين نحو اختيار مرشحى الفلول فى الانتخابات الرئاسية وهم معروفون دعونا نقول الحق والحقيقة ولا نحاول أن ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام.
كلنا شاهدنا أعلام الفلول المضلل كما هو قبل الثورة عاد مرة أخرى إلى النغمات القديمة التى يرفضها الشعب تماما وهنا بالذات سمعنا بعض كبار رجالات الإعلام يشككون فى شفافية الانتخابات قبل أن تبدأ ويشككون فى قوانين الانتخابات وفى نفس الوقت يعظمون بعض التجاوزات التى تمس نزاهة الانتخابات وأيضا يشككون فى النظام الانتخابى على اعتبار أنه نظام عتيد وبالى ويغضون الطرف عن تدخل أقطاب الفساد فى النظام المنحل سواء من الحزب أو أمن الدولة السابق. ولعل الضلالة الكبرى هى تعظيم وتكبير مقولة المال السياسى الذى يأتى من الدول الأجنبية ويغضون الطرف عن المال السياسى الذى يدفعه أقطاب الفساد السابقين فى الحزب المنحل الذى هو مال الشعب المنهوب وأيضا الأموال التى قدرت بالمليارات لإشعال جذوة الثورة المضادة ومحاولات جرنا إلى الفوضى.
فى المقابل لكل هذا كلنا شاهدنا أبناء الوطن الشرفاء يقفون فى طوابير أمام اللجان وخاصة كبار السن وذوى الإعاقة فى درجة حرارة مرتفعة وكذلك المرأة المصرية التى أثبتت أنها جديرة بالاحترام لوعيها السياسى. شاهدنا ملايين الشرفاء الهادرة فى كل بقاع مصر تخرج لتشارك فى اختيار رئيسها المنتخب لأول مرة. مشاهد مبكية نفتخر بها عندما شاهدنا رجلا كبيرا فى السن يقول لأول مرة فى حياتى سأختار الرئيس فى حرية تامة وأيضا عندما سمعنا امرأة تقول سأختار رئيسا ليخرجنا من صفائح الزبالة التى نعيش فيها.
أيضا كلنا شاهدنا قضاء مصر العادل يتحمل مشقة الإشراف القضائى على صناديق الحرية فى ظل قواعد نزيهة ومحترمة جدا وضعتها اللجنة العليا للانتخابات وصممتها ليصعب على أى مزور أن يقوم بتزوير إرادة الأمة مهما كانت خبرته فى التزوير لم نر أى تقصير من هذه اللجنة وقضاة مصر العدول.
أيضا فى المقابل كلنا شاهدنا إصرار رجال القوات المسلحة الباسلة وعلى رأسها المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهى تحمى العملية الانتخابية وتضرب على يد العابثين فى نزاهة وحيادية منقطعة النظير نزاهة يفخر بها كل مصرى فى أى مكان فى العالم.
من على هذا المنبر الحر أقول لشعب مصر مبروك على رئيسك المنتخب لأول مرة فى التاريخ مهما كان اسمه أو انتماؤه طالما أنه ليس من الفلول الضالة والمضللة وهذا هو الأمر البديهى الذى سيصعق أقطاب الثورة المضادة. أيضا أنحنى شكرا وعرفانا لأبناء قواتنا المسلحة الشريفة على أعظم هدية قدمها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذا الشعب وهو توفير مناخ حر ليعبر الشعب عن إرادته الحرة فى اختيار ممثليه ورئيسه المنتخب لأول مرة فى التاريخ. أيضا أنحنى إجلالا لرجال القضاء المصرى الشرفاء والعظماء الذين تحملوا كل المشاق لإتمام هذا العرس الانتخابى فى حرية تامة ونزاهة كاملة.
وأخيرا أقول للفلول وخاصة الضالة منها وهى الفلول الجارحة التى أكلت لحوم البشر وسرقت الأموال وأراضى الدولة ومناصب السلطة والنفوذ أقول لهم طريقتكم فى التعبير بآلية ولن تجدى وأكاد أجزم بل أقسم أن الشعب سيعزلكم سياسيا فى انتخابات حرة ونزيهة. أقول لكل من أفسد حياتنا ونهب أموالنا أعيدوا أموال الشعب وإلا ستكون وبالا عليكم ولن تكونوا إلا فى مزبلة التاريخ. أيضا أقول لهم سلاحكم أموالكم الفانية وسلطتكم البالية وسلاح الشعب المصرى الأصيل فى مواجهتكم هو الإيمان بمبادئ الثورة والإيمان بضرورة استمرار الثورة حتى النصر إن شاء الله. وكفى الله مصر شر فتنكم المشينة ما ظهر منها وما بطن.
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي قاسم
لماذا ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
kh_derbala@hotmail.com
كنت هاكتبلك تعليق