"هذا خيار ديمقراطى وأنا لم أتمكن من إقناع كل الشعب ولنا الآن رئيس جديد يجب أن ندعمه ونساعده على النجاح "كلمات أتمنى أن يقولها المهزوم فى الانتخابات وهى نفس الكلمات التى قالها الرئيس ساركوزى اعترافا بهزيمته وبمنتهى الرقى هنأ منافسة فرانسوا هولاند بفوزه بالانتخابات الفرنسية، لم يدع إلى مليونيات أو اعتصامات أو أن هناك مؤامرة عالمية لإسقاطه وتقبل الجميع النتائج بصدر رحب ومحبة، المشكلة أنه فى نفس المكان والمحيط الديمقراطى المتفتح فى باريس وقعت مشادات واشتباك بالأيدى بين أنصار مرشحى الرئاسة أمام السفارة المصرية، مش فى فرنسا وبس وإنما بريطانيا والنمسا وإيطاليا واليونان وبلجيكا، انقسم المتشابكون لثلاث مجموعات، الأولى أنصار عمرو موسى وأحمد شفيق، الثانية الإخوان المسلمين، الثالثة تجمع حركة 6 إبريل، الحكاية وما فيها إننا انقسمنا على أنفسنا والصراع ده مش حيطلع منه كسبان غير اللى ابتداه لمصلحته وما يحدث حاليا ما هو إلا انعكاس حقيقى لثقافتنا والتشوهات والتصدعات التى أصابت المجتمع.
شوف يا صاحبى لما أقولك أى إنسان مهما ادعى من خبرة ووعى لا يمكن أن يلم بكل الأسباب التى أدت إلى ما نحن عليه اليوم من فرقة وشتات، عارفين العلامة ابن خلدون قال إيه؟ إن مجتمعاتنا الإسلامية والعربية مجتمع "وحشى" محكوم عليه بالنقصان وعدم الكمال، أو بالأحرى المجتمع غير المثقف وغير السياسى، مجتمع قائم على العدوان والأحقاد والكراهية، الدليل أننى سمعت من يدعو للجهاد إن خسر أو أُبعد عن الرئاسة عارفين ليه؟. لأننا نشأنا لا نعرف إلا الحاكم الفرعون بسلطة مستبدة ومثقفين منافقين، النتيجة إننا نعيش فى مناخ سلبى دأب على أن يستخلص من الناس أسوأ ما فيهم، المشكلة إنه عمق وغرس فكرة "العدو من أمامكم والبحر من ورائكم" كى يخيرونا بين الاستسلام لإرادتهم أو الانتحار، سياسة استخدموها بخبث حتى لا نعرف طريق التفاهم والحوار، مشكلتنا لا تكمن فى اختيار هذا الشخص أو ذاك، وإنما فى عدم التحلى بروح الفريق وغياب الشفافية وسطوة المصالح الفردية على المصالح العامة والأنانية والحسد وشخصنة المسائل والحكم على الشخص لا على العمل والنفاق الاجتماعى، الحكاية وما فيها إن الديمقراطية لا قيمة لها إن استمر تكريس الشخصنة والانعزالية والفردية، صحيح نحتاج وقتا وصبرا حتى نصل إلى ما نريد ولكن لا يمكن أن نستقر ونتقدم فى ظل مناخ يسوده هذا الشحن وعدم الثقة، ببساطة يجب أن نفهم إنه من الصعب أن نبدل نظاما قهريا بنظام ديمقراطى، يرتبط فيه الشعب بالوطن وبالقانون دون أن تكون سلوكياتنا قائمة على التسامح، بمعنى التسليم بالحق فى الاختلاف فى الاعتقاد والرأى وحرية ممارسات الشعائر الدينية. الحل أن نعيد الثقة المفقودة بين جميع أطراف وأطياف المجتمع ونبدأ بقبول نتائج الانتخابات مهما كانت، السبب أن الذى اختار هو الشعب يعنى "الشعب يريد هذا الرئيس" وأن نقف له إجلالا واحتراما وتقديرا ونساعده ونراقبه لكن أيضا نحاسبه على تنفيذ وعودة بفرض الأمن والقضاء على الفساد والواسطة وغلاء الأسعار التى يتجرع مرارتها المواطن المسكين عارفين أعظم حاجة عملتها الثورة إيه ؟
أنها أجبرت المرشحين للرئاسة على عرض أنفسهم والبحث عن رضا الشعب حتى ينتخبه وكل واحد فيهم عرف أن الذى انتخبه قادر على إزاحته فى أى لحظة "وهذا لو تعلمون عظيم".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة