لن أنسى موقف العديد من المصريين والمصريات الذين جاهدوا أنفسهم فى الانتخابات التشريعية السابقة، وذهبوا إلى الانتخابات للإدلاء بأصواتهم، ووقفوا ساعات عديدة فى طوابير الحرية نساء ورجالا شيوخا وشبابا مصرّين على أن يكون لهم دور، هذا المشهد الرائع نراه اليوم فى الانتخابات التاريخية لاختيار رئيس مصر القادم، الذى يحقق آمال وطموحات الشعب المصرى. فالجميع حريص على أن يكون له دور بارز فى بناء مصر الجديدة، مصر التى فى خاطرى وخاطرك، بقيمتها ومكانتها، هذه الإيجابية تحتاج منّا إلى دعوة المترددين إلى أن يكون لهم دور ورأى فى هذه المرحلة المهمة، وهذا دورنا جميعا أن نؤكد على الإيجابية والمشاركة الفعّالة بدعوة الجميع إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع لاستكمال استحقاقات الثورة المصرية دون تردد أو خوف، فليذهب كل من له الحق فى التصويت، لينتخب من يراه مناسبا لهذه المرحلة المهمة فى تاريخ مصر الحديث. إن عودة المصريين إلى الممارسة السياسية ظاهرة فى غاية الروعة ارتبطت بسقوط النظام البائد، واختفاء لافتة مصر مبارك وانضواء الجميع تحت شعار مصر للمصريين، وهذا ما يجب أن نؤكد دائما عليه، وقد رأينا ذلك فى الحملات الانتخابية فى الشوارع ووسائل الإعلام المختلفة التى أظهرت روعة المصريين ومشاركتهم الإيجابية. ومن العلامات الفارقة فى هذا التنافس تلك الصدمة التى أصابت الكثير من أفراد المجتمع المصرى جرّاء إقدام بدائل مبارك على الترشح لهذا المنصب الرفيع، بلا حياء أو خجل، الأمر الذى وسّع كثيرا من دائرة الخوف على مستقبل مصر، وأتصور أن مساحة الوعى الكبيرة لدى الشعب المصرى العظيم ستساعده على اختيار الأنسب لهذه المرحلة، بعيدا عن أذناب النظام السابق الذى مازال يُصرّ على تصدّر المشهد مرة أخرى ببجاحة غير مسبوقة. علينا أن نعود إلى روح ميدان التحرير حين كان الجميع حقا يدا واحدة لإزاحة وخلع الفساد من جذوره، فما زالت مؤسسات الدولة مليئة برؤوس الفساد.
وأقول للفائز فى الانتخابات الرئاسية ومؤيديه: إذا كان حقا على مستوى المسؤولية أن يقبل التكليف بتواضع وحكمة، وأن يضع للبلاد رؤية تتمشى مع أطروحاته ومنهجيته وبرنامجه الانتخابى، بما يستوعب بنفس الترحاب من لم يصوتوا فى صالحه، بل وبما يفتح الباب لمشاركة معارضيه. وعلى من لا يوّفَق فى الانتخابات أن يقبل بالهزيمة الانتخابية بشرف وثقة فى النفس، لأن الهزيمة فى هذه الحالة هى عمل إيجابى، فالمشاركة فى حد ذاتها إسهام من أجل مصلحة البلاد، والمرحلة المقبلة تتطلب الالتفاف حول الرئيس المنتخب للذين ينتمون للتيار السياسى الذى يمثله، أو من يرون العمل معه حتى من خارج هذا التيار، ومن لا يرى هذا أو ذاك، فمن حقه بل من واجبه أن يمارس دور المعارضة المشروعة من خلال آليات العمل السياسى، وإبداء رأيه وعرض البدائل، ومحاسبة المسؤولين من خلال المتابعة والحوار الدائم ومخاطبة الرأى العام وتحفيزه. وفق الله شعب مصر العظيم لاختار رئيسه وقائده لمرحلة من أهم المراحل الخطيرة فى تاريخ مصر.