كل الأمال الموضوعة على برلمان الثورة للأسف الشديد أصبحت سراب على الأقل حتى الآن.
لم يشعر الكثيرون بعد مرور حوالى 4 شهور من انعقاد مجلس الشعب ومن بعده مجلس الشورى أنهم ناقشوا قضايا ذات قيمة جوهرية تتعلق باهتمامات الناس ومعاناتهم اليومية، أو اتخذوا قرارات حاسمة أثرت فى حياة المواطن العادى أو رفعت عن كاهله بعض المسئوليات، أو قاموا بسن تشريعات وقوانين مؤثرة تصب فى مصلحة الوطن.
أستشعر أحيانا أن بعض نواب البرلمان لا يهمهم إلا مصلحتهم الشخصية وتصفية الحسابات مع خصومهم على حساب مناقشة قضايا رئيسية ذات أولوية تتعلق بمستقبل هذا البلد،واستشعر ايضا أن مبدأ التربص وتصيد الأخطاء للآخر ومحاولة التشكيك فى الأخرين هو المبدأ المهيمن داخل قبة البرلمان.
فكم أضاعه البرلمان من الوقت فى تشكيل اللجنة التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور وهل سيكون أعضاء هذه اللجنة من داخل البرلمان أم من خارجه،وحتى الأن لم يستقر البرلمان على معايير محددة لتشكيل اللجنة وذلك بعد حكم المحكمة الادارية العليا ببطلان التشكيل السابق الذى نص على أن يكون نصف الأعضاء من البرلمان والنصف الآخرمن خارجه.
وكم أضاعه البرلمان من الوقت فى مسألة سحب الثقة من الحكومة ،واعلان الحكومة على أن البرلمان ليس من حقه سحب الثقة منها، وأن المجلس العسكرى هو الجهة الوحيدة التى يمكن أن تقوم بذلك، وفى النهاية يأتى تعديل وزارى محدود كحل وسط بين الطرفين وليخمد نار الفتنة مؤقتا.
آخر إبداعات البرلمان هو القانون الذى وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب لتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1979 حول الحكمة الدستورية العليا، وذلك لإعادة تشكيل هيئة المحكمة.
أتصور أن هذا القانون يمثل انحراف تشريعى، وانحراف على ما يجب أن يكون عليه أول برلمان بعد ثورة 25 يناير، وتدخل سافر للسلطة التشريعية فى أعمال السلطة القضائية.
فقد عانينا لعقود من سلق القوانين فى برلمان فتحى سرور وصفوت الشريف لصالح أشخاص معينة ومصالح محددة، وعانينا أيضا من تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطتين القضائية والتشريعية، ولم تأت ثورة 25 يناير إلا لمنع تفصيل القوانين، وفصل السلطات الذى طالما نادينا به منذ سنوات، ولوجود برلمان قوى يقوم بدوره فى التشريع والرقابة.
لم أفهم حتى الآن وربما كثيرون لماذا يناقش البرلمان مثل هذه القضايا فى مثل هذا التوقيت الذى تستعد فيه مصر لأول انتخابات رئاسية فى تاريخها، ومن بعدها اعداد الدستور الذى سيحدد صلاحيات وسلطات الرئيس، وسينظم عمل كل من السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.
يبدو أن بعض النواب لا يتعلمون من أخطاء الماضى، من أخطاء حسنى مبارك ونظامه، من أخطاء أفسدت الحياة السياسية المصرية وشوهتها
على البرلمان أن يصحح مساره فورا، وعلى نوابه أن يعوا جيدا أننا فى مرحلة حاسمة من تاريخ مصر، إما أن تمر بسلام أو سنتراجع عشرات السنوات إلى الوراء.
