المستشار أشرف العشماوى يكتب: أقراص فوارة..

الخميس، 24 مايو 2012 02:27 م
    المستشار أشرف العشماوى يكتب: أقراص فوارة.. المستشار أشرف العشماوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن أن يصف لك الطبيب دواءً دون أن يشخص حالتك بدقة ويعرف طبيعة الداء الذى تعانى منه، فإذا ما كان مرضا مزمنا تشكو منه منذ نصف قرن أو يزيد فلا شك أن حالتك تستدعى تدخلا جراحيا وعناية مركزة على أقل تقدير.

فى برامج المرشحين للرئاسة بلا استثناء تقريبا بند ثابت عن مكافحة الفساد والقضاء عليه، وتنوعت البرامج بين تحديد ستة شهور كحد أقصى لإنهاء الظاهرة، بينما تمادى بعضهم فى مغازلة ناخبيه فقرر أنه خلال شهر واحد سيكون قد قضى على الفساد تماما!!!! وبالطبع علامات التعجب من عندى وليست ضمن برنامج المرشح الرئاسى.

وحتى لا يكون الدواء قرصاً فواراً مسكناً مثلما كان يحدث فى الماضى، فإن ظاهرة الفساد لمن لا يعرف من السادة المرشحين لها بعض الأسباب والدوافع بل والظروف التى تؤدى حتما إلى الانحراف، ولابد من القضاء عليها، ومنها على سبيل المثال.. وضع العراقيل فى مواجهة المتعامل مع المصلحة الحكومية أو استغلال الشروط المقررة لإنجاز العمل بصورة تدفع إلى الإرشاء والارتشاء.. وأيضا إساءة الموظف المختص استعمال السلطة التقديرية الممنوحة له، لدرجة تبلغ به إلى حد الانفراد بتفسير النصوص والقرارات القانونية دون الرجوع إلى الجهة المختصة بذلك، مع تعمد المسئول الأول فى الجهة الحكومية تجميع الاختصاصات فى يده حتى ولو كانت يسيرة.

ومن أبرز عوامل الإفساد إسناد رئاسة عدة مصالح مختلفة إلى مسئول واحد بعينه، إذ من المفترض أن تتعدد الرئاسات بتعدد المصالح لما من شأنه تحقيق قدر كبير من المراقبة والمراجعة والمشاورة من أجل الوصول إلى قرارات سديدة فى تنفيذ السياسات العامة للإدارة العليا، وهو ما يؤدى إلى اختيار المسئولين الأولى بالمصالح الحكومية، بناء على اعتبارات شخصية لا موضوعية من جانب القائمين على الإدارة، ناهيك عن توطيد الموظفين لعلاقاتهم مع المتعاملين مع جهات عملهم أحياناً، بحيث تتطور إلى علاقات شخصية تسمح بالمحاباة والمجاملة والاتجار بالوظيفة، وذلك لغياب الإحساس بأمانة الوظيفة وقدسية المسؤلية فى ظل نشوء مثل تلك العلاقات وتوطدها، ومع تخلف الرقابة الداخلية (الذاتية) على سير العمل داخل الجهة الحكومية ومتابعة أداء العاملين فيها ومراجعة أعمالهم، وهو ما أطلق يد بعضهم فى أموال ومصالح الدولة وأعطى لهم مجالاً فسيحاً للاتجار فى وظائفهم.
فإذا ما شخصنا الداء على هذا النحو بالتأكيد سيسهل كثيرا اقتراح الدواء حتى ولو كان البتر هو الحل.

وإصلاح هذا العوار يحتاج إلى عامين على الأقل لتطبيقه بصورة مثالية وشاملة، ومن ثم تقييم نتائجه فى دواوين الحكومة ومصالحها، وخلاف ذلك سنظل نشخص الدواء قبل معرفة الداء على وجه الدقة وسنتعاطى قرصا فوارا مع كل برنامج انتخابى حتى نغرق فى الفساد إلى آذاننا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة