طالما رددت الحكومة السودانية على لسان كبار مسئوليها أنها تريد علاقات طيبة مع دولة جنوب السودان تقوم على التعاون المشترك والمصالح المتبادلة من أجل الشعبين، وطالما تجاهلت حكومة الجنوب هذا العرض المتكرر من خلال التعنت فى المفاوضات تارة أو بالممارسات العدائية على طول خط الحدود تارة أخرى حتى جاءت قاصمة الظهر باحتلالها لمنطقة هجليج وتدميرها لمنشآت النفط، وبالتالى قضت على كل أمل محتمل أو رجاء ينتظر فى كسب الثقة المتبادلة ومن ثم المضى قدما فى تطوير العلاقات.
وبعدما نشطت الجهات الإقليمية والدولية فى إصدار القرارات بضرورة استئناف المفاوضات بين الطرفين، أعلنت الحكومة السودانية أنها تنظر للملف الأمنى كأولوية لابد من حسمها أولاً أكثر من قبل، وذلك لأن السودان قلق من الاعتداءات التى تنفذها دولة الجنوب كلما شرعت الحكومة السودانية فى المفاوضات، ولم يتردد السودان فى إبلاغ الآلية الأفريقية موقفه الثابت والمتمسك بتحقيق سلام مستدام واستقرار مع دولة جنوب السودان، لكنه اشترط تسوية الملفات الأمنية كأولوية، وهو حق مشروع وحيوى فى ظل انعدام الثقة فى حكومة الحركة الشعبية بعد غدرها المتوالى من أبيى إلى هجليج . ولا يطلب السودان فى هذا المجال كثير ولكنه فقط يطلب من المجتمع الدولى الضغط على دولة الجنوب لسحب جميع قواتها من الأراضى السودانية إلى جنوب حدود 1/1/1956م، بجانب فك الارتباط بينها- حكومة الجنوب- والفرقتين التاسعة والعاشرة التابعة للجيش الشعبى الموجودة بجنوب كردفان والنيل الأزرق، ووقف إيواء ودعم الحركات المتمردة المنضوية تحت لواء ما يعرف بالجبهة الثورية، وفوق ذلك أن تعلن حكومة جوبا التزاماً قاطعاً بتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، خاصة المتعلقة منها بوقف العدائيات.
تلك المطلوبات إجراءات ضرورية أكثر منها شروط لتحقيق سلام دائم مع دولة جنوب السودان يضمن عدم الاعتداء على السودان مرة ثانية ويؤدى إلى تحقيق الأمن والطمأنينة لشعبى البلدين.
فى ظل الاتصالات التى تجرى الآن فإن البلدين اقرب إلى الجلوس على طاولة التفاوض، ولكن ذلك ليس أمراً يسيرا فى ظل محاولات جنوب السودان تسويق ادعائه بسحب قوات الشرطة التابعة له من أبيى، باعتبار أن الخطوة استجابة لتنفيذ القرار الأممى فى وقت تتشكك الحكومة السودانية فى دقة الأمر، وتضع اشتراطات محددة لسحب القوات المسلحة الموجودة فى المنطقة وهى أيضا يسيره إذا توفرت الإرادة السياسية، فعلى خلفية الغدر الذى مارسه الجيش الشعبى فى أببى، فإن السودان يطلب إدارة مشتركة من السودان وجنوب السودان بجانب القوات الأممية الموجودة بالمنطقة وهى مطالب عادلة ويسيرة أيضا، إذا توفرت الإرادة السياسية كما أشرنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير القصبى
فرص التعاون كبيره