"كلمة" يصدر الترجمة العربية لكتاب "أساتذة اليأس"

الثلاثاء، 22 مايو 2012 12:06 م
"كلمة" يصدر الترجمة العربية لكتاب "أساتذة اليأس" غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة كتاب "أساتذة اليأس.. النزعة العدمية فى الأدب الأوروبى" للكاتبة الفرانكو- كنديّة نانسى هيوستن، أنجز الترجمة بالعربية عن الفرنسية وليد السويركى.

ويقول المترجم تتتبّع نانسى هيوستن فى هذا الكتاب تطّور النزعة العدميّة فى الأدب الأوروبى منذ القرن التاسع عشر حتّى الكتابات المعاصرة، فتتفحصّ بدايةً الأساس الفكرى والنظرى الذى يستند إليه كتّاب العدميّة الغربيّين انطلاقاً من فلسفة التشاؤم عند آرثر شوبنهاور الذى تسمّيه "بابا عدم"، ثم تستخلص عبر فصول الكتاب العناصر البيوغرافية والفلسفية والأسلوبيّة التى تجمع بينهم، وتقدّم قراءتها الشخصيّة الناقدة لأبرز أعمال بعضهم (صامويل بيكيت، اميل سيوران، ميلان كونديرا، ايمره كيرتش، توماس بيرنهارد، الفريده يلينيك، ميشيل ويلبيك، كريستين أنجو، ساره كين وليندا لى)، وهى قراءة تتميزّ بقدر كبير من الجرأة والاختلاف، لا تتردّد فى الخروج على الإجماع النقدى والجماهيرى الذى يحظى به هؤلاء الكتّاب.

تحيل الكاتبة نشأة الفكر العدمى إلى عدة عوامل منها تزعزع المسلمّات اليقينية حول مكانة الإنسان ودوره فى الكون، مع مطلع الحداثة فى القرن السابع عشر، ثم "أزمة الذكورة" الناجمة عن تحرّر المرأة وتحولات الأدوار الاجتماعية للجنسين، وأخيراً ما نجم عن الحرب العالمية الثانية من فظائع قادت إلى أزمة أخلاقية وروحية كبرى فى أوروبا المعاصرة.

وتخوض هيوستن سجالاً حاّداً ضدّ الرؤية العدميّة الأحادية للعالم، من موقع نسوى يرفض الجذريّة السوداويّة، لصالح وعى نقدى جدلى ينحاز للحياة بكلّ تناقضاتها، بأفراحها ومآسيها، ودون أن يسقط فى فخّ لتبشير بالأوهام الزائفة والأحلام الجميلة والآمال الخادعة.

تهاجم المؤلفة الفكر العدمى الذى يستعيد قيماً دينية ثنائية من الثقافة الغربية القديمة، مثل التعارض الجذرى بين الجسد والروح، والانتقاص من قيمة الجسد والإنجاب، والمبالغة فى الإعلاء من قيمة الروح، وكره المرأة بوصفها تجسيداً للحياة الحسيّة، ولا تتردّد فى كسر أحد التّابوهات النقدية التى فرضتها البنيوية والشّكلانية اللتان سيطرتا على الآداب فى فرنسا، ألا وهو الربط بين حياة الكتّاب وتأثيرها "المحتمل" فى مضمون كتاباتهم وشكلها. وهى ترجع عودتها للمنهج البيوغرافى إلى التشابه الكبير الذى وجدته بين السير الذاتية المختلفة لهؤلاء الكتّاب والمسلّمات العدمية فى أعمالهم.

وتكشف المؤلّفة كيف أن المبالغة فى السوداوية، والتبشير باليأس، سواء صدرا عن موقف وجودى حقيقى أم عن تصنّع وافتعال، قد باتا وصفة ناجحة لضمان نجاح الأعمال الروائية فى الغرب؛ "فبما أن العبقرية هى دائماً ضرب من التجاوز، فإنّه غالباً ما ينظر لتطرف الكتاب العدميّين على أنّه علامة من علامات العبقريّة".

لكن هيوستن تشدّد فى أكثر من موضع على أنها لا ترفض التعبير عن الألم واليأس فى الأعمال الفنية بل أن يتم تحويلهما إلى نسق فلسفى أحادى يتأسس على القطيعة بين الإنسان والعالم ـ وبين الإنسان وأخيه الإنسان، فيتمّ التنكر لكل ما يمثل صلة حقيقية بالآخرين كالأمومة والأبوة والصداقة، والعواطف الإنسانيّة، وفى سياق محاججتها ضدّ الفكر العدمىّ، تعرض لأعمال الكاتبة الفرنسية شارلوت ديبلو والكاتب النمساوى جان أمرى بوصفهما نقيضين لأساتذة اليأس، حيث ظلّا على إيمانهما بالحياة بالإنسان على الرغم مما تعرّضا له فى معسكرات الاعتقال النازيّة من ألوان العذاب.

وكما فى أعمالها الأخرى تمزج هيوستن بين التأمل النظرى والسرد التخيّيلي،حيث جعلت بين فصول الكتاب التى تتناول المؤلفين الذين درستهم، فواصل حكائية وحوارية مع شخصيّة متخيّلة، تعزّز من وجهة نظرها وتجعل من قراءة هذا العمل متعة فكرية حقيقية ورحلة أدبيةّ شائقة.

المؤلفة نانسى هيوستن روائيّة، ناقدة، وموسيقيّة، من مواليد كالغارى ( كندا). تعدّ إحدى أهمّ الروائيات المعاصرات باللغة الفرنسية، درَست فى الجامعات الأميركية قبل أن تنتقل إلى فرنسا حيث أعدّت أطروحة تحت إشراف رولان بارت. تعيش فى باريس منذ العام 1973 برفقة زوجها الناقد والمفكر المعروف تزفيتان تودوروف، تكتب باللغتين الإنجليزية والفرنسية وتترجم نفسها فى الاتجاهين. لها مايزيد عن ثلاتين كتاباً تتوزع على الرواية والمسرح والدراسات النقديّة وأدب الأطفال. نالت العديد من الجوائز من أبرزها الجائزة الكندية- السويسرية عن روايتها " نشيد السهول" 1993، جائزة ليفر –انتر عن " أدوات الظلام" 1996، وجائزة فيمينا الفرنسية عن "خطوط التصدّع" 2006 ، كما حصلت على دكتوراه فخريّة من جامعتى ليِّج البلجيكيّة ومونتريال الكنديّة.

قام بنقل الكتاب إلى العربية وليد السويركى وهو شاعر ومترجم من الأردن، مواليد 1967 فى الجفتلك- فلسطين، عمل مدرّساً للأدب الفرنسى فى جامعة اليرموك- الأردن من 1996 إلى 2008. أصدر مجموعته الشعرية الأولى" أجنحة بيضاء لليأس" عام 2006 ،عن دار فضاءات-عمّان، له فى مجال الترجمة :اللانظام العالمى الجديد، تزفيتان تودوروف، دار أزمنة 2005، بعيداً عن البشر، باسكال ديسان المؤسّسة العربية للدراسات والنشر،2007، طردت اسمك من بالى، أمبرتو أكابال، دار أزمنة،2009. وروايتان ضمن مشروع "كلمة" للترجمة: فى خانة اليْك (ايوجين) و ما كنت لأوذى ذبابة (آن –ليز غروبيتي)،2010، إضافة إلى العديد من الترجمات الأدبية التى نشرت فى دوريّات وصحف أردنية وعربيّة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة