دعا الشاعر والكاتب الصحفى، وائل السمرى، المتخصصين بالتأريخ لحركات التطور الثقافى فى العالم العربى، إلى تأريخ ظاهرة فن الجرافيتى، والتى انطلقت من الجدران المغلقة إلى الميادين فى شوارع مصر، والعالم العربى، وأطلقت العنان للكثير من الفنانين والشباب فى التعبير عن آرائهم.
وأكد وائل السمرى، رئيس القسم الثقافى، بجريدة "اليوم السابع"، فى ندوة أقامتها ساقية الصاوى على أن معيار تقدم الشعوب هو مدى إعلائها لكلمة الحرية، ومدى استعدادها لبذل كل ما تقدمه لتحقق هذه الحرية، مؤكدًا أن الحرية غريزة مثلها مثل الجوع والعطش والجنس، وإن كانت الغرائز الطبيعية هى التى تضمن للإنسان البقاء، فالحرية هى التى تضمن للإنسان إنسانيته، وأضاف: أنه لا أحد يستطيع كبت الحرية ولا حرمان الإنسان منها، وحتى إن اصطدم بطغاة يحرمون الإبداع ويحاربون المبدعين، فإن الإنسان ابتكر طرقًا كثيرة من يسرب من خلالها ما يعتقده ويؤمن به، مثل النكات والرسومات المجاز الشعرى والروائي، مشددًا على أنه لا توجد قوى على الأرض تقوى على كبت أى شعب أيًّا كان فى أى وقت، حتى ولو كانت هذه القوة قمعية دموية، سواءً تزين حاكمها بديكتاتورية ليبرالية أو إسلامية أو يسارية.
وقال "السمرى" أعتقد أن مشكلة الفنان اللبنانى خوان سمعان، تتلخص فى أن الطغاة دائمًا ما يفزعون من كلمة الحق، حتى ولو كانت لوحة تدين الدموية والعنف، مضيفًا، أنظر الآن إلى ظاهرة فن الجرافيتى فى بقاع الوطن العربى، بعينين، الأولى عين المتعاطف مع الثورة، والثانية عين المتأمل للواقع الثقافى العربى، وأعتقد أن هناك مهمة على مؤرخى التطور الثقافى العربى أن يبذلوا جهدًا كبيرًا فى أرشفة هذا الفن الزائل، لأنه هو الذى تقل صرخاتنا من داخل الحوائط المغلقة إلى الشوارع والميادين، ولو تتبعنا كتابات من سبقونا، فسوف نجد أن الدكتور سيد عويس كان من أكثر الأشخاص المهتمين بالتدوين الشعبى وآليات "التنفيس" فكان يقرأ رسائل الفقراء إلى الإمام الشافعى، ويستقرئ فيما يكتبه الناس على الحوائط والحمامات ووسائل النقل، ولذلك يجب أن يهتم مؤرخو التطور الاجتماعى بالجرافيتى لأنه هو نقل آليات تعبيرنا من من الحمامات إلى الشوارع العامة، فى تجل واضح لما نبتغيه من شفافية وعلانية.
وأكد السمرى أن الفضل الكبير يعود لثورة الخامس والعشرين من يناير، لما أحدثته من طفرة فى وعى الشباب والفنانين وأطلقت صرخته ليصنع لنفسه حكمه الخاصة بعدما اكتشف أن حكم السابقين فقدت صلاحيتها، ولذلك تمرد على المثل القائل: اللى تعرفه أحسن من اللى متعرفوش، وكتب حكمة على أحد الحوائط يعبر فيها عن إدانته لما نعيشه من حالات التلفيق تحت قيادة المجلس العسكرى وتطبيخ الكثير من الأمور فى إدارة المرحلة الانتقالية، قائلاً "التغيير على وساخة بيجيب تسلخات"، فمثل هذه الجمل تختصر آلاف المقالات التى يمكننا أن نكتبها، وبرأيى أنها تنضم بجدارة إلى الجمل المؤسسة لوعى الشباب الثائرين، وفى ظنى أن ما يحدث الآن فى مصر أو لبنان لن يقوى أى حاكم على أن يكبت حريتنا ولا رجعة عن الحرية.
وتطرق الكاتب الفلسطينى الدكتور عبد القادر يسن، إلى ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية من أجل فتاها المدلل "إسرائيل" لمحاربة وملاحقة كل من يعاديها بالرأى، وأصدرت قوانينها تحت معاداة السامية، إلا أن دول العالم العربى لم تتحرك أو تتخذ أى إجراءات تعبيرًا عن رفضها لملاحقة مبدعيها ومفكريها ممن يناضلون ضد الصهيونية، وأكد "يس" أن الشرط الوطنى لابد من توافره حتى تتحقق الديمقراطية فى شعوب العالم، وأنه لابد من إشاعة ثقافة الديمقراطية وحرية الآخر والرأى الآخر.
وحول أزمة الفنان اللبنانى خوان سمعان، أكد "يس" أن الذين أغرقوا لبنان بدماء أبنائها هم الذين قاموا اليوم ضد جداريته، لأنه ندد بالحرب الأهلية، لأن هؤلاء لا يريدون لذاكرة الشعب ألا تحمل معها تاريخيها ليذكرها بمن رحلوا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة