محمد جاد الله يكتب: مسئوليتك فى اختيار مرشحك الرئاسى

الأحد، 20 مايو 2012 03:10 م
محمد جاد الله يكتب: مسئوليتك فى اختيار مرشحك الرئاسى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بدا الشعب مرغمًا على حصاد نتائج الحروب النفسية التى شنت على الثورة منذ قيامها، والتى أدت إلى موجة من الخوف، وعدم ثقة مزمن من الآخر السياسى والعقدى فى مصر.

ولم ينتج عن موجة الخوف من نوايا الآخر السياسى، والشك والتشكيك فى كل موقف وكلمة تصدر عنه، إلا إرهاق مرشحى كل القوى التى شاركت فى الثورة، وتعزيز موقف القوى التى أضرت الثورة بمصالحها، فأصبح نجاح مرشحيها فى انتخابات الرئاسة معركة بقاء، وفرصة أخيرة لإعادة تفعيل النظام السابق.

فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يسمح بإعادة هيكلة النظام أو تطهيره خلال المرحلة الانتقالية، وهذا ما يسهل إعادة استنساخه.
وباستثناء بعض رؤوس النظام الذين رحلوا مع مبارك من ذوى النفوذ الخارق للأسوار والحدود على أتباعهم فى الداخل والخارج، فإن الهيكل المؤسسى للدولة وكوادره الحكومية والقضائية والأمنية لم يشهد تعرض المنتمين له لمساءلة حاسمة على طريق التطهير العادل.
وللحق فإن كلاًّ من المرشحين ذوى الفرص الأعلى إحصائيًّا فى استطلاعات الرأى العام، قد بذل ومازال يبذل قصارى جهده فى إقناع الناخبين بقدرته على قيادة البلاد فى تلك الفترة العصيبة، وتمكنه من آليات تنفيذ مشاريع النهضة الموعودة، فى شتى مجالات التنمية على مستوى الفرد والدولة.
لكن لم يشرح أحد منهم كيف سينجح فى تنفيذ مشروعه للنهضة، دون حسم خطته وآلياته فى قضية تغليب معايير الكفاءة والخبرة للكوادر والخبراء من العقول المصرية النابهة على معايير الولاء، والمحسوبية، والمصالح الضيقة الخاصة السائدة.

وفى هذا يبدو أن كل المرشحين سواء.

لكن لأننا لا نملك رفاهية الاستسلام للحروب النفسية والدعائية فى تلك الفترة الحرجة، فمسئولية كل منا تكمن فى اختيار رئيس، نعزز به الولاء لمصالح مصر المستقبلية، ويكون ولاؤه الأول لاحترام الحقوق فى مجتمع تعددى.
وإن كنت فى حيرة من أمرك فى حسم موقفك من المرشح أو المرشحين المناسبين لرؤيتك فقد تسهل بعض الخطوات طريق الوصول إلى وضوح للرؤية:
أغمض عينك فى مكان هادئ وتأمل مستقبل فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية، خاصة فى قضايا كتابة الدستور والأغلبية البرلمانية، وتشكيل الحكومة، ودور المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الحياة السياسية.

قلب الاحتمالات المتعددة فى ذهنك، ثم استمر فى التخيل لفترة، ففى البداية دائمًا يرى الإنسان السيناريو الذى يرجحه، وبمرور الوقت فى التأمل تظهر تفاصيل جديدة للمشاهد، وأبعاد أوسع. وستمكن بالتأمل تدريجيًّا من سماع صوتك الداخلى، صوت ضميرك.

فكر: أى المرشحين قد يستطيع إيجاد آليات لتمكين كل صاحب كفاءة وتميز ورؤية من خارج النظام السابق؟ من حقه فى مبدأ تكافؤ الفرص، وحقه فى المنافسة على تولى الموقع الإدارى أو الاستشارى أو التنفيذى دون النظر إلى انتمائه السياسى أو عقيدته؟
فكر: ما أفضل آليات تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص، وليكن التأهل للموقع على سبيل المثال من خلال مسابقات، يتميز واضعوها والمشرفون عليها بالشفافية والنزاهة وتغليب المصلحة العامة المستقبلية للدولة.

بالخطوات السابقة تكون قد عرفت ملامح الهدف الذى سوف تبحث عنه. انظر بين المرشحين للرئاسة، وابحث عن أى إشارة منهم فى برامجهم إلى سبل وآليات تحقيق ذلك الهدف، وكن صادقًا مع نفسك، فإنك مسئول.

إذا لم تجد إجابة واضحة وشافية عند أحد منهم، فاعلم أنه لن يحقق ذلك الهدف، لأنه لم يذكره.
إما لأنه لا يملك آلية لتنفيذه، أو لعدم قدرته أو رغبته فى تحقيقه، أو تفاديًا للصدام مع مؤسسات الدولة أو القوى السياسية المنافسة، فى بداية فترة حكمه.

وهذا يعنى ترسيخًا لما سبق الثورة من سياسات جائرة، ولن يعنى حكمه إلا تكريسًا لوأد حلم النهضة، الذى وعد الناخبات والناخبين بتحقيقه.

ويمكن أن نطلق على تلك الحالة: "تفعيل خاصية الاحتراق الذاتى للرئيس ولمشروعه".

لا تصدم إن لم تجد تلك المعايير والآليات عند بعض من المرشحين أو قد تجدها عند أحدهم، ولكنه يطرحها وهو لا يعنى إلا اختيار "أكفأ الموالين من فصيله".
فكر: أى من المرشحين من وجهة نظرك يملك أعلى قدر من الصدق واللغة السياسية والإنسانية، التى تمكنه من إنجاح التواصل مع جميع الفصائل السياسية والسلطات؛ للدفاع عن تكافؤ الفرص، لكونه حقًّا أصيلاً مشروعًا لكل مواطن بمبدأ المساواة أمام المجتمع والقانون؟

فكر: من منهم من الممكن أن يمتلك شجاعة المواجهة؛ من أجل تفعيل حقوقه الدستورية كرئيس أمام كل السلطات، وطاقة الكفاح من أجل تغليب معيار الكفاءة والخبرة فى التخطيط والإدارة والتنفيذ، على معايير الولاء الجائر؟
ناقش مع نفسك بعد تحديد واحد من المرشحين، الذين رأيت فيهم طبقًا للمعيار السابق، القدرة والشفافية اللازمة لدعم استقرار وقوة الجبهة الداخلية، وهو ما سوف يؤدى تلقائيًّا إلى دعم قوة مصر فى سياستها الخارجية؟

تذكر أن هذا الرئيس سوف يكون رئيسًا لكل المصريين، فى مجتمع تعددى وبالتالى فإن أى مراوغة فى هذا المبدأ سوف تكلف استقرار مصر الكثير.

وإذا حاولت تطويع كل الخطوات السابقة، لتناسب مرشحك الذى عقدت عليه العزم مسبقًا، فهذا قد يكون أريح للدماغ، لكنه سيكون مؤلمًا ومكلفًا للضمير فى المستقبل.

الموضوع مرهق.. لكن مصر تستاهل.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة