تشهد مدينة القدس اليوم فى الذكرى الـ 45 لاحتلالها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى أكبر عملية تدمير تدريجية من آلة الحفر الإسرائيلية التى تشق طريقها أسفل المدينة المقدسة، حتى باتت تشكل مدينة أخرى مكونة من الأنفاق تحت القدس بحفر شبكة كاملة من الأنفاق والقنوات خلال السنوات الأخيرة.
وتهدف هذه الحفريات إلى تحويل أسفل المسجد الأقصى ومحيطه إلى مناطق عبادة لليهود، مع إمكانية وصل هذه المناطق السفلية والمحيطة بالأقصى ببعضها البعض، والسيطرة على أجزاء من الأقصى، أو تركه ينهار بفعل أى هزة طبيعية نتيجة الحفريات التى تدمر فى أساساته، وحينها تكون الفرصة الذهبية لبناء الهيكل المزعوم مكانه، ليأتى ذلك مع سعى اليهود المستمر لإثبات نوع من الأحقية التاريخية لهم فى القدس.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلى "كول تساهل" فى تقر ير مطول لها بمناسبة ذكرى احتلال القدس خلال نكسة عام 1967 الذى تطلق عليه الجماعات اليهودية والإسرائيلية والصهيونية "يوم تحرير القدس"، إن المؤسسات القائمة على الحفريات كثفت فى السنوات الأخيرة نشاطاتها، وأن هذه الحفريات أفضت إلى اكتشافات غيرت كتب التاريخ، على حد زعمها.
وزعم الدكتور الإسرائيلى دورون بن عامى مدير الحفريات تحت مدينة القدس للإذاعة العسكرية، أن الحفريات التى تجريها مؤسسته كشفت عن مبانى تعود إلى الحقبة البيزنطية والحقبة الرومانية، وأنه تم اكتشاف مبنى تبرز أسفله جدران الهيكل الثالث، على حد قوله.
وأضافت إذاعة الجيش الإسرائيلى أن القدس أصبحت الآن أكبر مواقع الحفريات فى العالم، ولكن أغلب السياح الذين يتجولون فى المنطقة يمرون منه دون أن يعلموا ما الذى يجرى تحت الأرض، وأنه على مدار سنوات طويلة قام دورون وطاقمه بالحفريات وعثروا على أثار تدل على تاريخ القدس خلال حقبات التاريخ المتلاحقة، على حد قولها.
ورغم ذلك لم يتم العثور حتى الآن على ما يدعم أو يعزز الرواية اليهودية حول تاريخ المدينةـ لذا فإن الحفريات ستتواصل.
وأشارت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية إلى أنه بجانب الحفريات المكثفة التى تجرى فى مدينة القدس، فإن هناك موقعين للحفريات يشرف عليهما عالم الآثار الإسرائيلى يوفال باروخ الأول بالقرب من منطقة "معيان هشلوخ" والموقع الثانى الذى تحول إلى أكثر الأماكن جذبا للسياح الأجانب فى مدينة القدس، وهو ما يسمى بموقع "قناة التصريف" والتى تبعد مدة 45 مترا عن باطن الأرض.
وزعم المسئول عن الحفريات فى هذا الموقع أنه تم العثور على الحجارة الأولى التى بنى منها الهيكل "المزعوم"، بالإضافة إلى آثار أخرى تتعلق بعصور مختلفة مرت بها المدينة.
وكان خطيب المسجد الأقصى الشيخ الدكتور عكرمة صبرى قد أكد أن معظم ما تم اكتشافه هى آثار إسلامية, أو لا شىء يدلل على صدق الرواية اليهودية، علما أن المؤسسة الإسرائيلية تتعمد تزييف حقيقة الآثار التاريخية التى يتم اكتشافها فى حقبات سبقت الحقبة الإسلامية من خلال لبسها بأحداث مفبركة وربطها بالرواية الإسرائيلية.
ومن الواضح أنه عندما كانت تكتشف أى طبقة من الآثار الإسلامية كانت تلقى الإهمال والضياع والتدمير أثناء البحث فى طبقات أعمق وأقدم، ونادراً ما كان يتم توثق الحفريات الإسلامية، وإذا وثقت تبقى بعيدة عن النشر والدراسة والتعميم على المؤسسات العلمية.
الجدير بالذكر أنه يوجد اليوم تحت وحول المسجد الأقصى المبارك نحو 25 حفرية معروفة، 12 منها نشطة، و13 مكتملة، تشمل معبدا يهوديا وأنفاقاً ومعارض أثرية تعرض التاريخ وفق الرؤية اليهودية وهى على الشكل الآتى:
أولا "الحفريات بالجهة الجنوبية" وتهدف إلى خلق ما يسمى بـ"مدينة داود"، وهى مدينة تمتد بحسب الادعاءات الإسرائيلية من مجمع "عين سلوان" جنوباً وحتى أسوار المسجد الأقصى شمالاً، والجهة الرئيسة المسئولة عن الحفريات فى جنوب المسجد هى جمعية "العاد" الدينية اليهودية المتطرفة.
ثانيا "حفريات الجهة الغربية".. وتقع فيها معظم المزارات، ومنها يمر الطريق الذى يصل بين جنوب هذه المدينة فى سلوان وشمالها عند درب الآلام، وفيها أيضاً تقع معظم مداخل هذه المدينة، وتُعد جمعية "الحفاظ على تراث الحائط الغربى" المسئولة الرئيسية عن الحفريات فى هذه الجهة، وفى الفترة الأخيرة بدأت جمعية "عتيرت كوهينيم" تنشط أيضاً هناك.
ثالثا "حفريات الجهة الشمالية".. وهى تتركز فى الزاوية الشمالية الغربية للمسجد الأقصى، وتحديداً فى منطقة المدرسة العمرية الملاصقة لدرب الآلام، حيث يدعى الاحتلال الإسرائيلى وجود ما يسمى بـ"بركة القبرة"، أو العصفور تحت المدرسة العمرية.
فى الذكرى الـ 45 لاحتلال القدس.. الحفريات تحت المدينة المقدسة تهدد بتدميرها.. الاحتلال الإسرائيلى كون مدينة أخرى مكونة من الأنفاق تحت القدس بحفر شبكة كاملة من القنوات خلال السنوات الأخيرة
الأحد، 20 مايو 2012 03:03 م