د. رضا عبد السلام

المصارى المصرية مرفوضة على الأراضى العربية!!

الأحد، 20 مايو 2012 10:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما من بلد عربى إلا ويقول على النقود مصارى!! أتدرون لماذا أو من أين أتت كلمة مصارى؟! أعتقد أن السؤال ليس سؤالاً صعباً. فمصارى من مصر، وهى كلمة يطلقها المواطن العربى من المحيط إلى الخليج على النقود، أما نحن فى مصر لم نكن بحاجة لأن نطلق على النقود هذا الوصف لأنها عملتنا.

فعندما كانت مصر دولة ذات شأن، كان للمصارى المصرية شأن عظيم، وكان الجميع من المحيط إلى الخليج يتلهف لنيل شرف حملها. وحتى عندما أصبحت هناك دول عربية، وبدأت كل دولة فى إصدار عملتها الخاصة بها، لم يتخل المواطن عن كلمة مصارى، فإذا ما سألت المواطن السعودى عن حالته المادية مثلاً يقول "ما عندى مصارى"، وكذلك الحال فى كل الدول العربية!!

سبب إثارة هذا الموضوع أننى منذ أيام وُضِعت فى موقف صعب بسبب المصارى المصرية!! فقد كنت فى مؤتمر دولى بإحدى الدول العربية الشقيقة، وهى دولة غير خليجية، وتصادف أننى لم أقم بتحويل عملة (أى الجنيهات إلى دولارات مثلاً) قبل مغادرتى مصر، ومضى الوقت دون أن أتمكن من المرور على شركة صرافة لتحويل الجنيهات المصرية الموجودة لدى إلى عملة هذا البلد أو إلى دولار لأتمكن من شراء بعض الهدايا للأبناء!

الشاهد هنا، أننى كانت أمامى دقائق معدودة لأصل إلى المطار وإلا ستفوتنى الطائرة، فقلت للسائق أن يتوقف عند أحد الأسواق الكبرى، لأننى لم أعتقد أن هناك مشكلة فى أن أطلب منهم الشراء بالجنيه المصرى!! فالجنيه المصرى ليس عاراً، كما أنهم ما زالوا يطلقون على عملتهم كلمة مصارى. للأسف رد على الكاشير بأنه لا يقبل البيع إلا بعملة تلك الدولة أو الدولار أو اليورو أو الريال السعودى، ولكن لا نقبل الجنيه المصرى (المصارى)؟! قلت له وماذا يعيب الجنيه المصرى؟! دخلت معه فى جدل عقيم وخرجت وطلبت من السائق التوقف عند سوق كبير آخر، كان نفس الرد بالتمام والكمال!!

بالطبع لم أجد أمامى بداً من الذهاب مباشرة إلى المطار وتحويل الجنيهات من خلال أحد فروع البنوك الموجودة بالمطار "بسعر بخس" إلى دولارات، ثم شراء هدايا الأبناء من الأسواق الحرة "بعشرة أضعاف ثمنها"، ليس لشىء، ولكن لأن المصارى المصرية لم تعد تحظى بقبول على الأرض العربية، بل باتت عملات أخرى مثل الريال السعودى محل تقدير واحترام أكبر!!

مؤكد أننى لا يمكننى أن ألوم تجاهل الدول العربية للجنيه المصرى مؤخراً، بل لا ألوم أى إنسان فى أى بلد يرفض تسوية المعاملة بالجنيه المصرى، لأننى تعلمت وأُعَلِم أبنائى الطلاب بأن قوة أى عملة تأتى من قوة الاقتصاد، فكلما كان الاقتصاد قوياً، ويحظى باحترام العالم من خلال منتجات يتم تصديرها، وسلع يتم استهلاكها، تكون العملة محل احترام وتقدير، والعكس صحيح.

لنا أن نتخيل وضعاً مختلفاً لمصر، حيث اقتصاد قوى، ومنتجات مصرية يتلهف عليها العالم!! مؤكد أن الجنيه المصرى كان سيغرد عالياً، لأن العربى أو الأجنبى الذى يرغب فى المنتج المصرى سيبادر أولاً للبحث عن الجنيه المصرى ليشترى المنتج المصرى!!

عندما كانت لمصر ميزات نسبية، ومنتجات نفاخر بها العالم، وسلع تتلهف الدول على استيرادها، وعندما كانت صادراتنا لا تقل كثيراً عن وارداتنا، كان للجنيه المصرى شأن عظيم، والعكس صحيح. فعندما انهارت مصر على الأصعدة كافة، وعندما فقدت مصر كافة ميزاتها النسبية، هوى الجنيه المصرى وفقد احترامه فى أعين الآخرين، بل وفى أعين أبناء البلد!!

أتمنى أن يأتى اليوم على بلادى، ويعود الجنيه المصرى إلى مكانه اللائق بين العملات الدولية، أتمنى أن يأتى اليوم وتعود كلمة مصارى وتصبح فعلاً وقولاً على الأراضى العربية، فلا يمكننا أن نلوم الأخوة العرب على تجاهلهم أو عدم اعترافهم بعملة مصر، لأن الخطأ خطأنا، وعلينا أن نبادر بتصحيحه، علينا أن نتوقف عن الكلام وأن نبدأ العمل لنعيد الأمل، علينا أن نعاود الإنتاج ونعزز الصادرات، لنعيد حفر مكان لنا بين الأمم الناهضة، إذا ما فعلنا هذا سيعود للجنيه المصرى احترامه وبريقه، فالعملة هى مظهر من مظاهر سيادة الدولة وقوتها، والله الموفق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة