وسط أزمة الإعلان الدستورى وعجز مجلس الشعب عن سحب الثقة من الحكومة وسلطته فى إبقاء تشكيلها بيد المجلس العسكرى، جاء إعلان الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب تعليق جلسات المجلس حتى يوم 6 مايو المقبل، احتجاجا على استمرار الحكومة فى عملها رغم توصيات المجلس المتتالية بإقالتها.
أدت الحكومة التى يترأسها الدكتور كمال الجنزورى اليمين الدستورية عصر الأربعاء 7 ديسمبر 2011، وتم تشكيلها من خلال 29 وزيرا، بدأت أزمتها من اليوم الأول بعد رفض الثوار لها، الذى سرعان ما تحول إلى رفض برلمانى تمثل فى العديد من الاستجوابات والمطالبات بسحب الثقة من الحكومة، وبدأت تحديدا بعد البيان الذى ألقاه الدكتور كمال الجنزورى فى المجلس، الذى رفضه معظم النواب.
من جانبه، أكد النائب حسن البرنس عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة أن بيان الحكومة لا يتضمن شيئا له قيمة، وإنما مجرد كلام إنشائى لا يشتمل على خطة عملية لحل أى مشكلة فى المجتمع، ما دعم اتجاه سحب الثقة، وتعليق جلسات الشعب، اعتراضا على استمرار الحكومة فى عملها.
من ناحية أخرى، قال النائب محمد الصغير رئيس الكتلة البرلمانية لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية: "لم نر من الحكومة أى شكل من التعاون مع نواب الشعب.. وكأن الوزراء والمسئولين يعاقبون الشعب المصرى على تجربته الديمقراطية السليمة، التى دفعت بنواب يمثلونه تحت قبة البرلمان.
ويعتبر الملف الاقتصادى أحد أهم القضايا التى تواجه الحكومة الحالية، والحكومات المقبلة وسط الدعوات التى ترفع لافتات مواجهة احتجاجات فئوية قوية، متمثلة فى الإضرابات والاعتصامات، التى تنعكس بشكل مباشر على دفع عجلة الإنتاج، حيث تواجه مصر شبح أزمة مالية كبرى وفق الإحصائيات الاقتصادية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، خاصة بعد تآكل الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية.
فجر قرار آخر أزمة جماهيرية كادت أن تعصف بوزير تموين حكومة الجنزورى الدكتور جوده عبد الخالق وهو الخاص، بخفض دعم المنتجات البترولية للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والذى خلف بعد اتخاذه سلسة من الأزمات فى قطاع الوقود بشقيه السولار والبنزين، بالإضافة إلى أزمات البوتاجاز المتكررة والتى أعلنت الحكومة حلها مؤخرا من خلال زيادة المعروض من البوتاجاز بواقع 200 ألف أسطوانة، وإعادة توزيع الأنابيب من92 % للاستخدام المنزلى، و8% للاستخدام التجارى، بعدما تأكد انخفاض مخصصات الاستخدام التجارى.
وعلى الرغم من الأزمات السياسية المحيطة بالحكومة ما زالت وعودها الخاصة بالعدالة الاجتماعية، وتوفير فرص العمل ومحاربة البطالة قيد عدم التنفيذ، خاصة أن حديثها عن زيادة معاش الضمان الاجتماعى بواقع 50 جنيها للأسرة شهريا ليصبح 200 جنيه بدلا من 150 جنيها مجرد حبر على ورق، ولم يتم تفعيله حتى الآن، رغم الإعلان عنه منذ فترة.
وعلى صعيد أزمات الحكومة، أنشأت مركزا قوميا لرعاية أسر الشهداء والمصابين الذى تحول إلى ساحة معارك واشتباكات يومية بين الموظفين والمترددين عليه.
اقتصر دور حكومة الجنزورى فى ملف الإسكان على دعم برنامج إسكان محدودى الدخل بمبلغ 750 مليون جنيه، لإنهاء تشطيب وتسليم 70 ألف وحدة سكنية على الأقل للمستحقين قبل 30 يونيو 2012، على الرغم من أن العمل لم ينته فى تلك المشاريع حتى الآن، على الرغم من وجوب تسليمها بعد شهر واحد فقط من الآن.
كما أعلنت الحكومة الموافقة على طلب وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية زيادة مدة التيسيرات التى تم منحها لبعض المتعاملين مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والبدء فى توفير وحدات سكنية بديلة لسكان المناطق العشوائية التى تشكل خطرا داهما على ساكنيها، خلال مدة زمنية أقصاها 6 أشهر، بالإضافة إلى إتاحة مبلغ 175 مليون جنيه لتطوير المناطق العشوائية فى 383 منطقة عشوائية، تم حصرها على مستوى الجمهورية، وبدأ إخلاء ونقل أربع مناطق عشوائية فى شارع السودان بالجيزة والمنزه بدمياط واليهودية وعزبة الصفيح بمحافظة السويس والموافقة على توفير وحدات سكنية بديلة بمنطقة 6 أكتوبر لسكان العقارات التى تعرضت للانهيار والتصدع فى شارع الإمام الغزالى بمنطقة إمبابة.
من ناحية أخرى، تعتبر مشكلة تمليك مهاجرى النوبة الأراضى التى أقاموا عليها مساكنهم بدون مقابل، وذلك تعويضا لهم عن أراضيهم التى هجروها لبناء وتعلية خزان أسوان، أحد أهم الأزمات السياسية التى واجهت حكومة الجنزورى، التى لا تختلف كثيرا عن أزمة الحكومة مع أهالى سيناء، بعدما صدر قرار خاص بالموافقة على مشروع بقانون للتنمية الشاملة فى شبه جزيرة سيناء، يتضمن تملك أبناء سيناء للأراضى، بالإضافة إلى إنشاء جهاز لتنمية سيناء يكون له الصلاحية فى تنفيذ المشروعات التى يتم إقرارها والتى لم يبدأ تنفذها حتى الآن على مدار ثلاثة أشهر هى عمر عمل الحكومة.
على صعيد آخر، نجحت حكومة الدكتور كمال الجنزورى فى إنهاء أزمة الحوالات الصفراء على الرغم من أن الملف برمته كان ضمن ملفات عمل حكومة الدكتور عصام شرف، التى عملت على مدار شهور مع مجموعة من المسئولين العراقيين على إنهاء الأزمة، التى انتهت فعليا مع حكومة الدكتور الجنزورى، فتلك الحوالات والتى أعادت نحو 2.5 مليار جنيه للمصريين المتضررين من حرب الخليج، حيث يعود تاريخ الأزمة لأكثر من عشرين عاما مضت.
وفيما يتعلق بدور الحكومة فى الملف الصناعى، فكان إيجابيا إلى حد كبير، خاصة بعدما تم بالإعلان عن اتخاذ إجراءات عاجلة لحل مشكلة تعثر 1570 مصنعا وتسوية مديونياتها وعودتها للعمل، بعدما تم الاتفاق مع اتحاد البنوك المصرية على أن يتم تطبيق معاملة، خاصة مع المصانع الصغيرة، وتمت بالفعل إعادة تشغيل 100 مصنعا على إثر ذلك.
كما أعلنت الحكومة فى وقت سابق الموافقة على تقنين أوضاع أراضى المستثمرين، الذين أقاموا عليها مشروعات حتى ولو بالمخالفة دون سحبها منهم، مع الالتزام بسداد مستحقات الدولة بالكامل وتعديل فروق الأسعار، خاصة الحالات التى تم بيعها بأسعار أقل من قيمتها فى وقت البيع، بالإضافة إلى إعلان الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ويتضمن التعديل زيادة قيمة الغرامة المقررة كعقوبة على جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة والممارسات الاحتكارية، مع إقرار حافز للمساهمة فى جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة عند الإبلاغ عنها.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالملف الزراعى فى حافظة أوراق الحكومة شهد تحركا ملحوظا بعدما أعلنت الحكومة إسقاط مبلغ 154 مليون جنيه من الفوائد المستحقة على الفلاحين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعى، وإعادة جدولة الدين لمدة 5 سنوات ليستفيد من هذا القرار نحو 24 ألف فلاح على مستوى الجمهورية وسط خفض الفوائد على القروض الاستثمارية بمبلغ 282 مليون جنيه يستفيد منها نحو 38 ألف مزارع، وجدولة الدين الأصلى على 5 سنوات، ليستفيد من هذا القرار نحو 24 ألف فلاح على مستوى الجمهورية.
كما دعمت الحكومة أيضا فروق أسعار القطن بنحو 500 مليون جنيه بإتاحة200 جنيه للفلاح زيادة عن كل قنطار نظرا لانخفاض سعر القطن عالميا إلى نحو800 جنيه للقنطار، بالإضافة إلى رفع أسعار توريد قصب السكر من 280 جنيها للطن فى العام الماضى إلى 325 جنيها للطن.
كشف حساب الحكومة من رفض الثوار إلى تعليق جلسات "الشعب".. البرلمان يرفع راية العصيان ضد "الجنزورى" ووزراءه قبل 60 يوما من نهاية عملهم.. والأسباب سياسية.. الحكومة فشلت فى إدارة نقص السولار والبوتاجاز
الأربعاء، 02 مايو 2012 08:29 ص