أحمد ماهر

البعد الأفريقى

الأربعاء، 02 مايو 2012 10:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعيت مؤخراً لحضور أحد مؤتمرات الاتحاد الأفريقى لمناقشة تأثير ثورات شمال أفريقيا على باقى القارة، وخرجت منه بعدة ملاحظات.
كان ملحوظا الدور التونسى الكبير فى تنظيم ورعاية المؤتمر، وقد افتتحه المنصف المرزوقى، الرئيس التونسى، وألقى كلمة تعبر عن تونس الثورة، وشدد على أن تونس بعد الثورة سوف تركز جهدها على البعد الأفريقى بكل قوة، وستقطع الانعزال عن أفريقيا الذى فرضه بن على، وقد لفت المرزوقى الأنظار بحديثه العفوى وملبسه البسيط وتقبله للانتقادات الحادة التى انهالت عليه من بعض النشطاء الشباب من عدة دول حول الاشتباكات الأخيرة فى تونس، وأعرب المرزوقى عن تقديره لمصر وتمنياته لها بنجاح ثورتها، وتقديره لتعقيد الأمور فى مصر أكثر من تونس، بسبب سيطرة العسكر على السلطة، وتكرر نفس الكلام حول مصر من الغنوشى، زعيم حركة النهضة الإسلامية ذات الأغلبية فى تونس، الذى قال إن على حزب الأغلبية أن يسعى للتقارب مع باقى الأحزاب ولا يعاديهم أو يتفاخر بأغلبيته البرلمانية.
وكان من الملاحظ رغبة كل الدول الأفريقية فى أن تستعيد مصر دورها الأفريقى الذى كان فى الستينيات، حيث كانت مصر هى زعيمة أفريقيا، وبعد تعمد مبارك الابتعاد عن أفريقيا ومشاكلها، ثم استمرار نفس سياسات مبارك الخارجية فى النظام العسكرى الحالى، استطاعت دول عديدة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وأثيوبيا أن تكون لها دور قيادى فى القاره الأفريقية.
والملاحظة الأهم فى المؤتمر هو حالة الضعف الشديد وقلة الحيلة التى عليها الاتحاد الأفريقى، فهو، للأسف، ليس بقوة الاتحاد الأوروبى، وهو يعتبر ممثلا للحكومات الأفريقية التى هى معظمها، للأسف الشديد، حكومات ديكتاتورية وناتجة عن انقلابات عسكرية.
وقد كان النقاش فى المؤتمر يدور حول كيفية وضع معايير للانضمام للاتحاد الأفريقى بحيث تشجع الحكم الرشيد فى الدول الأفريقية، وتدعم التحول الديمقراطى فى القارة السمراء، وقد كان هناك تحفظ فى البداية على ثورات شمال أفريقيا بحجة أنها خروج على الشرعية، ولكن مع الوقت تم الضغط من لجنة حكماء الاتحاد الأفريقى، وتوضيح أن هناك فارقا شاسعا بين الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية.
وقد خرج المؤتمر بعدة توصيات أرى أنها ستؤدى إلى نتائج رائعة إن تم تحقيقها، وإن كنت أتوقع أن تتم مقاومتها بشدة من بعض رؤساء الدول الأفريقية، ومن ضمنها أن يتم وضع معايير للانضمام للاتحاد الأفريقى تدعم الحكم الرشيد للدول الأفريقيه، وأن يتم إسقاط عضوية الدول الأفريقية التى يحكمها مستبدون أو سفاحون أو متورطون فى مذابح عرقية، وأن تكون هناك قوة عسكرية أفريقية رادعة للتدخل من أجل منع الانقلابات العسكرية أو المذابح العرقية، وكذلك وقف الحروب بين الدول الأفريقية، وأن يتم تعزيز دور المجتمع المدنى فى أفريقيا، وكذلك إيجاد صيغة ومشروعات للتعاون بين الشباب الأفريقى ونقل خبراتهم لبعضهم البعض، ودعم المشروعات الاقتصادية بين الدول الأفريقية، ومنع استغلال الدول الكبرى للثروات الأفريقية.
والسؤال الأهم الآن: هل تستطيع مصر بعد الانتخابات الرئاسية أن تستعيد دورها الأفريقى، وأن تحافظ على البعد الأفريقى، وتسارع بتقوية العلاقات مع الدول الأفريقية، كما فعلت تونس الثورة، أم ستستمر سياسات النظام القديم من الانعزال عن الشركاء الإقليميين والاعتماد على الولايات المتحدة وأوروبا؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة