بالرغم من حالة الإحباط والخوف التى تنتابنا على المحروسة مصر الغالية والذى انعكس على متابعاتنا لأخبارها متنقلين من جريدة لأخرى ومن فضائية إلى مثيلتها، وللأسف لا يخرج المتابع المهتم بشؤون مصر من حصيلة هذه التحليلات واللقاءات إلا بالمزيد من القلق والإحباط على مستقبل هذا البلد الذى يسرى فى دمائنا دون أن ندرى ونرنو إلى مستقبل أفضل على أرضه لأبنائنا.
فى خضم هذا الجو الملئ بالشك والتشكيك توجهت للقيام بواجبى الذى لأول مرة أشعر أنه واجب بل وأجد دافعا داخليا يحثنى على أدائه بأقصى سرعة وعلى حث من أعرفهم من مصريين على ضرورة أداء هذا الواجب وعليه توجهت إلى القنصلية المصرية بجدة التى بها لجنتى الانتخابية حسب ما زودنى به موقع الانتخابات الرئاسية على شبكة المعلومات، وكنت سمعت من الزملاء الذين سبقونى أن هناك زحام ولكن عندما وصلت اكتشفت أن كلمة زحام لا تعبر بدقة عن الوضع على الطبيعة إذ فوجئت بطابور حلزونى ممتد بعرض القنصلية بالكامل، ولكن هالنى التزام الجميع بالطابور الذى لم نعهد سوابق الالتزام به كمنهاج مصرى صميم، ومع ذلك فوجئت أن الغالبية منا قد تخلت عن التقليد المصرى بالإصرار على كسر النظام والتزمت بأدوارها تغطى وجوهها إشراقة من السعادة والأمل افتقدناها جميعا من زمن بعيد.
فى خضم هذا التجمع الذى اختلط به صفوة المغتربين من أطباء ومهندسين وجامعيين عموما إلى متوسطى التعليم وصولا إلى أصحاب المهن اليدوية البسيطة فى تجانس قل أن نحظى به والكل يجمعه شىء واحد هو الإصرار على الإدلاء بصوته فى تلك الانتخابات وشعوره بمدى أهمية صوته وقدرته على المشاركة فى صنع مستقبل أفضل له ولأبنائه.
والكل قد اجتمع ودارت بين المجموعات المختلفة الكثير من التحليلات والمناظرات التى تتلخص فى تأييد هذا المرشح أو ذاك، والكل يسعى لتأكيد وجهة نظره مستخدما كل ما قد يتوافر لديه من قدرة على الإقناع فى جو من الجدل الراقى والاحتفاظ بمسافة كافية من الاحترام تجاه من يختلف معه فى الرأى إنها حقا مصر الجديدة المفعمة بالأمل وبحب المخلصين من أبنائها الذين اجتمع لفيف منهم لصنع مستقبل بلدهم وأبنائهم فهم شريحة من شعب مصر الطاهر الذى نفتقده دائما فى معادلات وحسابات السادة القائمين على شئون بلدنا فهم لا يرونه إلا من عليائهم ولا يرون فيه إلا ما يطلقون عليه من المسميات التى تنضح سخرية واستهتار من عينة الكتلة الصامتة وحزب الكنبة وغيرها من مسميات، ولا يدرى القائمون وكافة التيارات والقوى السياسية ببلدنا أن هذا الشعب يتمتع بذكاء فطرى غريب ولم تكن سلبيته خلال حكم المخلوع إلا نوعا من الاعتراض السلبى ولكنه الآن بعد أن ذاق طعم الحرية بفضل ثورة أبنائه فى 25 يناير فلن يسمح لكائن من كان أن ينزعها منه أو يتلاعب به فيها وقد سبق ووجه أكثر من رسالة ولكن أولى الأمر ببلدنا لا يتمتعون بالحس الذى يجعلهم يستشعرون ما يريده الشعب ولا يقرؤون رسائله إليهم التى أرسلها سابقا فى الانتخابات البرلمانية بالإيجاب والمشاركة وبالسلب فى انتخابات مجلس الشورى ولكم من يعى ومن يفهم.
بنو وطنى ويا كافة القوى السياسية ويا أعضاء المجلس العسكرى راهنوا فقط على الرهان الوحيد المضمون والذى بيده لا بيد غيره مفاتيح الاستقرار، وهو الشعب الصبور الذى مل من مرحلة التخبط التى تمر بها بلده وبرغم شوقه للاستقرار فلا يغرنكم صبره فلن يصبر إلى ما لا نهاية ولن تلهيه ألاعيبكم من انفلات أمنى أو عجز فى الحصول على أساسياته من وقود وبوتوجاز وغيرها عن هدفه الأساسى الذى ثار من أجله وهو عيش حرية عدالة اجتماعية ولو كره الكارهون.
حفظ الله بلادنا من كل سوء يراد بها.
